Messi, Neymar, Argentina, BrazilGoal/Getty

الأرجنتين والبرازيل.. امنحونا آلة للزمن لنتجاوز معاناة النهائي!

لو كنت مشجعًا للأرجنتين في آخر 30 عامًا فأنت رجل تعرف معنى المعاناة والألم حقًا، لقد وصل منتخبك المفضل للنهائي تلو الآخر دون أن يصعد على منصة التتويج.

بداية من 1990 والخسارة المريرة أمام ألمانيا في كأس العالم ومرورًا بالخروج من البطولات القارية والدولية وخسارة نهائيات 2004 و2007 و2015 و2016 لكوبا أمريكا أمام تشيلي والبرازيل.

وتكرار الهزيمة في نهائي كأس العالم أمام ألمانيا في 2014 بسيناريو هو الأسوأ بعد إهدار النجم الأول ليونيل ميسي لفرصة محققة وجونزالو هيجواين لإنفراد تام بمانويل نوير.

لو كنت ذلك الشخص فأنت لست وحدك، هناك ملايين حول العالم يشعرون بشعورك ومروا بنفس ما مررت به، بل أن أحدهم ربما مر بأسوأ مما مررت به بنفسك.

ذلك المتابع الشغوف بالأرجنتين فقد اهتمامه بكرة القدم لأشهر بعد خسارة نهائي 2016 فمن يتحمل خسارة ثلاثة نهائيات قارية متتالية؟! وفي كل مرة يشاهد فريقه أفضل في الملعب ويهدر على الأقل فرصة واحدة محققة كانت لتحسم الأمور لهم قبل التوجه للوقت الإضافي أو لركلات الترجيح.

كل ما حدث من مشاكل وأزمات لاحقة من اعتزال ميسي اللعب الدولي وانتهاء حقبة ذهبية وغياب نجوم كبار عن المنتخب وأزمات في الاتحاد الأرجنتيني وانتخابات ومواجهات مع نجوم الفريق في وسائل الإعلام، قابله ذلك المشجع كمتابع فقط، كأن شيئًا إضافيًا لن يستطيع كسر قلبه الجريح بالفعل.

نفس المشجع عاد كطفل أبله لا يبالي بمدى حرارة الأواني التي حرقته قبل أيام وذهب دون مبالاة ليمسك بها من جديد.

ذلك الطفل جلس أمام التلفاز ليشاهد منتخب الأرجنتين في كأس العالم 2018 وفي كوبا أمريكا 2019 وكأن شيئًا لم يكن ومن جديد سقط في بحر اليأس وخيبة الأمر بمغادرة صعبة للمونديال أمام فرنسا برباعية مذلة، وأخرى للكوبا أمام البرازيل بثنائية محبطة.

وبعد مرور عامين على آخر سقوط أبى ذلك المشجع أن يترك الأمل الضئيل المتبقي في حصول منتخب الأرجنتين على بطولة قوية.

خيط النور الذي يأتي من بعيد هو الشيء الوحيد الذي يجعل هذا المشجع قادرًا على الاستمرار، بالرغم من ضعف النور وبعده عنه لدرجة أنه يتصور بعض الأحيان أنه مجرد سراب.

نهائي الكوبا هذه المرة لن يستطيع أي مشجع أرجنتيني أن يتحمل خسارته، لن يكون الأمر هينًا، على العكس تمامًا سيكون مدمرًا على مستويات كثيرة. 

صحيح أنها مجرد كرة قدم، صحيح أنها مجرد لعبة غرضها التسلية، وصحيح أيضًا أن الأمر في نظر البعض لا يستحق كل ذلك الشقاء والتعب.

"ميسي الأفضل في التاريخ لكن المستقبل لهؤلاء"

لكن في النهاية لن يكون الأمر بتلك البساطة حال خسرت الأرجنتين من جديد، وبكل تأكيد لن تكون الاحتفالات هادئة ولن تنتهي بنهاية اليوم لو فاز نجوم التانجو باللقب.

ربما لهذا السبب اختار ذلك المشجع أن يضع منتخبه المفضل في خانة الفريق الأضعف خلال مواجهة النهائي، حتى وإن لم تكن الفوارق الفنية والبدنية بين البرازيل والأرجنتين واضحة.

البعض يرى أن الأرجنتيني تلعب المباراة النهائية لأي بطولة لأول مرة منذ سنوات وهي الطرف الأضعف، لكن الواقع يقول أن الفوارق ليست بذلك الاتساع بين الفريقين.

ودون تدقيق في كافة المراكز، يكفي أن نذكر وجود إميليانو مارتينيز المتألق في كفة الأرجنتين، ومعه صاحب الكرة، والذي ربما يتم تسمية اللعبة على اسمه لاحقًا، ليونيل ميسي.

مشجع برشلونة الذي تابع موسم 2018-2019 يدرك جيدًا معنى وجود حارس مرمى مؤثر مثل مارتينيز تحت الثلاث خشبات في وجود ميسي بين الـ 10 لاعبين الآخرين.

في ذلك الموسم حقق ميسي ومارك أندريه تير شتيجن الدوري الإسباني لبرشلونة بأهداف وصناعات الأول وبتصديات الثاني المؤثرة.

وها هو مارتينيز يكرر ما فعله شتيجن ويضيف له تميزه في ركلات الترجيح، لكن حتى ذلك التميز يعيد لجماهير الأرجنتين ذكرى مؤلمة في عقولهم.

نفس التألق ظهر به سيرخيو روميرو في كأس العالم 2014 وخرج بشباك نظيفة لمدة 400 دقيقة في الأدوار الإقصائية ضد سويسرا وبلجيكا وهولندا، وخلال. 113 دقيقة إضافية ضد ألمانيا في النهائي قبل هدف ماريو جوتزه الشهير. 

نفس الحارس تصدى لركلتي جزاء في نصف النهائي أمام منتخب هولندا، وتصور الجميع أنه بوصول الأرجنتين للوقت الإضافي في النهائي سنشاهد تكرارًا لسيناريو المباراة السابقة وسيتوج نجوم التانجو، فجاء هدف جوتزه كالرصاصة في قلوب الكل.

ما أكثر مخاوف المشجع الأرجنتيني من مباراة فجر الأحد، وما أعظم شعوره لو توج فريقه أخيرًا ببطولة يستحقها منذ سنوات اقترب التتويج بها كثيرًا لكن يده لم تلامسها قط.

لذلك ربما ترى مشجعًا أرجنتينيًا لا يقوى على مشاهدة المباراة المقبلة، وربما ترى آخر يحلم بالحصول على آلة زمن تنقله لما بعد اللقاء ليعرف النتيجة دون معاناة في متابعة المواجهة.

أحدهم ربما يطلب أداة كتلك التي ظهرت في فيلم الخيال العلمي والكوميديا "كليك" للأمريكي آدم ساندلر، تسرع الزمن لتتخطى بشكل تلقائي أوقات الألم والمعاناة.

كل هؤلاء هم نفس الشخص الذي سيجلس بكل شغف لمشاهدة المباراة فجر الأحد بالرغم من ارتباطهم بأعمال أو بواجبات منزلية أو غيرها من الأمور، وبالرغم من كل ما قد تجلبه عليه من متاعب نفسية وجسدية سواء فاز فريقه أو خسر، لكن لأجل هؤلاء في النهاية تُلعب كرة القدم.

إعلان