20251119-u17-world-cup-r16-japan-koreadpr©Hiroyuki Sato

على طريقة محمد صلاح مع مكابي.. اليابان تستعين بالاتحاد الدولي بعد مصافحة كوريا الشمالية العدائية!

شهدت ملاعب أكاديمية أسباير في العاصمة القطرية الدوحة، واقعة مؤسفة وغريبة للغاية، خرجت عن كل أعراف الروح الرياضية وقيم اللعب النظيف التي يحاول الاتحاد الدولي لكرة القدم ترسيخها في بطولات الفئات السنية، حيث تحول بروتوكول ما قبل المباراة المعتاد في بطولة كأس العالم تحت 17 عامًا إلى ساحة للاعتداء البدني المباشر.

الحادثة التي جمعت بين منتخبي اليابان وكوريا الشمالية في دور الـ 16 من البطولة، لم تكن مجرد مشاحنة عابرة، بل وثقتها الكاميرات كاعتداء متعمد، حيث أظهرت اللقطات لاعبي المنتخب الكوري الشمالي وهم يوجهون لكمات قوية ومباشرة إلى وجوه وأجساد نظرائهم اليابانيين بدلًا من مصافحتهم أو الاكتفاء بالتحية التقليدية بقبضة اليد، في مشهد أثار استياءً عالميًا واسعًا وألقى بظلاله القاتمة على البطولة الشبابية التي من المفترض أن تكون احتفالًا بالمواهب الصاعدة.

  • مشاهد مؤسفة أمام أنظار العالم

    بدأت القصة عندما اصطف لاعبو الفريقين قبل انطلاق صافرة البداية لإجراء مراسم المصافحة التقليدية، وهو تقليد متعارف عليه في عالم كرة القدم يرمز للاحترام المتبادل والمنافسة الشريفة.

    أظهرت مقاطع الفيديو التي انتشرت كالنار في الهشيم، اللاعبين وهم يبدؤون التحية بشكل طبيعي عبر تلامس اليد أو المصافحة السريعة، ولكن مع تقدم الصف الياباني، تغير سلوك لاعبي كوريا الشمالية بشكل مفاجئ وعنيف، قام عدد من لاعبي الفريق الكوري بالتلويح بأيديهم بقوة إلى الخلف وتوجيه لكمات واضحة ومتعمدة تجاه لاعبي المنتخب الياباني، في تصرف عدواني أثار دهشة الجميع، بما في ذلك حكام المباراة الذين لم يتخذوا أي إجراءات عقابية فورية ضد اللاعبين المعتدين في تلك اللحظة، مما ترك اللاعبين اليابانيين في حالة من الذهول والصدمة قبل لحظات من خوض مباراة مصيرية في أدوار خروج المغلوب.

    ووفقًا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، نقلًا عن مصادر يابانية، فإن الاتحاد الياباني لكرة القدم لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التجاوزات، حيث قرر تصعيد الأمر إلى أعلى المستويات. وذكر المتحدث باسم الاتحاد الياباني في تصريحات صحفية أنهم قاموا بمراسلة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بشكل رسمي، وأرفقوا في شكواهم لقطات الفيديو التي توثق الاعتداء بوضوح، مطالبين بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة ورادعة لحماية اللاعبين والحفاظ على صورة اللعبة.

    يأتي هذا التحرك في وقت يسعى فيه الفيفا دائمًا للتأكيد على فصل الرياضة عن أي صراعات أخرى، إلا أن ما حدث في أسباير زون كان خرقًا واضحًا لكل القوانين الانضباطية.

  • إعلان
  • دراما كروية

    على الرغم من الاستفزازات والاعتداءات التي سبقت المباراة، تمكن المنتخب الياباني من الحفاظ على تركيزه داخل المستطيل الأخضر، حيث نجح اللاعب جيلاني ماكجي في افتتاح التسجيل لليابان مبكرًا في الدقيقة السادسة، قبل أن ينجح ري هيوك جوانج في تعديل النتيجة لكوريا الشمالية في الشوط الثاني.

    المباراة التي اتسمت بالندية والتوتر الشديد، انتهت في وقتها الأصلي بالتعادل الإيجابي، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت في النهاية لمنتخب الساموراي بنتيجة 5-4، ليقصي نظيره الكوري ويتأهل إلى ربع النهائي، وكأن العدالة الكروية أرادت أن تنتصر للروح الرياضية في تلك الليلة.

    ومع ذلك، لم تدم فرحة اليابان طويلًا، حيث توقفت مسيرتهم في البطولة يوم الجمعة الماضي بعد خسارة قاسية وصعبة أمام منتخب النمسا بهدف نظيف، ليودعوا المونديال من دور الثمانية.

  • جذور الكراهية تتجاوز حدود كرة القدم

    لا يمكن فصل هذا السلوك العدواني عن السياق التاريخي والسياسي المشحون بين البلدين، فالعلاقات بين طوكيو والعاصمة الكورية تتسم بالتوتر الشديد منذ عقود. تعود جذور الأزمة إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث اعترفت كوريا الشمالية باختطاف مواطنين يابانيين، وهي قضية لا تزال تمثل جرحًا غائرًا في المجتمع الياباني، حيث تطالب طوكيو باستمرار بالإفراج عن جميع المخطوفين، بينما تزعم بيونج يانج أن الملف قد أُغلق.

    زاد من حدة التوتر في السنوات الأخيرة التجارب الصاروخية التي تجريها كوريا الشمالية، والتي غالبًا ما تحلق صواريخها عبر الأجواء اليابانية، مما يخلق حالة من القلق والغضب المستمر.

    يبدو أن هذا الشحن السياسي قد تسلل إلى عقول اللاعبين الشباب، ليحول مباراة لكرة القدم إلى ساحة لتصفية حسابات سياسية، وهو ما يضع المسؤولية على عاتق الإداريين والمدربين في ضرورة توعية اللاعبين الناشئين بضرورة فصل الخلافات السياسية عن المنافسات الرياضية.

  • مشهد محمد صلاح مع مكابي يعود إلى الواجهة

    أعاد هذا المشهد المثير للجدل إلى الأذهان واقعة شهيرة حدثت في عام 2013، كان بطلها النجم المصري محمد صلاح عندما كان لاعبًا في صفوف نادي بازل السويسري. حينها، واجه صلاح فريق مكابي تل أبيب في تصفيات دوري أبطال أوروبا، وقرر النجم المصري عدم مصافحة لاعبي الفريق المنافس، ولكن بطريقة مختلفة تعتمد على التجنب والذكاء وليس العنف الجسدي.

    ففي مباراة الذهاب بسويسرا، تعمد صلاح الخروج من الصف لتغيير حذائه أثناء مراسم المصافحة ليتجنب المرور على لاعبي الخصم، وفي مباراة العودة في تل أبيب، اكتفى بملامسة قبضة اليد بشكل سريع ومقتضب للغاية مع اللاعبين بدلًا من المصافحة الكاملة.