جول 11 | هزيمة الهلال التاريخية وهروب نجم .. لحظات فارقة في الدوري السعودي 2021-2022

رغم خسارة الاتحاد للقب الدوري في الأمتار الأخيرة بعد حفاظه على الصدارة جل فترات الموسم، إلا أن مدربه كوزمين كونترا يستحق كل التحية والإشادة على ما قدمه خلال 2021-2022.

جاحد بالتأكيد من يُنكر فضل فابيو كاريلي في ثورة الاتحاد وتقدمه من قاع الدوري السعودي إلى قمته، فهو المدرب الذي أسس هذا الفريق وبناء دفاعيًا بالشكل السليم وأشرف على ضم عدد من نجومه خلال فترته وأبرزهم برونو هنريكي وأحمد حجازي.

مع هذا، إلا أن رحيل كاريلي والتعاقد مع كوزمين كونترا نقل الاتحاد من مجرد فريق يُنافس على مراكز المقدمة إلى فريق يهدف للفوز باللقب .. كونترا منح الاتحاد القوة الهجومية المطلوبة كما أشعل حماس اللاعبين ومنحهم دوافع كبيرة ومهمة في لحظات صعبة وحاسمة لانتزاع النقاط والصمود في الصدارة رغم كل الظروف الصعبة من غيابات وإصابات ومشاكل وقوة منافسين.

الأمتار الأخيرة خذلت كونترا والاتحاد، إذ لم يستطع الحفاظ على الصدارة خاصة بعد الخسارة أمام الهلال، لكن مع هذا لا يمكن إلا أن يحظى بكل التقدير لما قدمه مع العميد هذا الموسم.

رغم أن النصر خسر أمام الهلال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا في وقت مبكر جدًا من الموسم (أكتوبر الماضي)، إلا أن تلك الخسارة كانت الضربة الأولى والأشد قسوة لمشروع الفريق والتي أدت لانهياره في النهاية وخروجه بموسم صفري.

الخروج من آسيا وخاصة أمام الهلال أمر لم يستطع النصر تجاوزه أبدًا، إذ تعرض الفريق بعدها لعدد من النتائج السلبية وظهرت المشاكل بين اللاعبين وانقسم الجمهور حولهم وأقيل المدرب وكان الثاني في الموسم بعدها بشهر تقريبًا .. الخسارة نقلت الأصفر من تخبط إلى تخبط حتى انتهى به المطاف بموسم للنسيان رغم الآمال والطموحات الكبيرة في بدايته.

لم يظن أشد المتشائمين أننا سنصل لنهاية الدوري السعودي ونجد الأهلي قد هبط لدوري بلو، رغم أن الكثير من المؤشرات كانت تُمهد لذلك خاصة المشاكل الإدارية واختيارات اللاعبين في الصيف والحفاظ طويلًا على المدرب بيسنيك هاسي رغم نتائجه السلبية جدًا.

يُمكن القول أن رحيل باولينيو عن الأهلي بطلبه فسخ العقد لظروف عائلية كان الإشارة الأولى لموسم الأهلي السيئ جدًا، خاصة بعدما تحدث اللاعب وأوضح أن رحيله كان بسبب ما يحدث في الفريق وغياب العدل في غرفة الملابس.

عبد الرزاق حمدالله كان أحد أكثر الأشخاص إثارة للجدل في الدوري السعودي هذا الموسم، وإن كان رحيله عن النصر بفسخ عقده لم يؤثر كثيرًا في مشوار الفريق، لكن انضمامه للاتحاد كان نقطة تحول كبيرة، إيجابية ثم سلبية.

الاتحاد عانى طوال النصف الأول من الموسم من عدم امتلاكه لمهاجم قوي يستطيع ترجمة الفرص لأهداف، خاصة مع المستوى المتواضع للمعار من الوحدة يوسف نياكاتيه وبعد خسارة سباق فينسنت أبو بكر مع النصر، لذا انضمام حمدالله كان بمثابة هدية من السماء لهذا الفريق .. الهداف المغربي نقل هجوم الفريق الجداوي إلى مستوى آخر تمامًا وحصد له عددًا من النقاط الصعبة والحاسمة.

هذا كان الشق الإيجابي، أما السلبي فقد ظهر في الجولات الأخيرة وتحديدًا بعد إثارة قضية النصر ضده وحامد البلوي المدير التنفيذي للعميد، حيث خرج اللاعب من الملعب وتراجع مستواه وساهم بفرصه المهدرة في تراجع الاتحاد عن الصدارة.

يناير 2022 كان كلمة السر الأقوى في تغيير بوصلة الدوري من جدة إلى الرياض، حيث قد يُوصف بأنه كان يناير الأسود للاتحاد فيما هو يناير السعادة للهلال.

الاتحاد خسر خلال يناير الثلاثي كريم الأحمدي وعبد الإله المالكي وسعود عبد الحميد وقد أثر ذلك كثيرًا على نقاط قوته الفنية في الملعب وتواجد البدلاء المناسبين على مقاعد البدلاء، وضم كذلك عبد الرزاق حمدالله الذي كان نقطة قوة في البداية ثم تحول إلى نقطة ضعف كبيرة وأحد أسباب خسارة اللقب.

الهلال على الجانب الآخر استفاد من سوق الانتقالات الشتوي بشكل ربما لم يسبق أن حدث في تاريخ الدوري السعودي، حيث ضم الثنائي ميشايل وأوديون إيجالو وقد لعبا دورًا كبيرًا جدًا في التتويج باللقب، هذا بجانب سعود عبد الحميد الذي أجاد كثيًرًا كذلك والأهم أنه حرم العميد من خدماته، ورغم عدم لعب محمد العويس وعبد الرحمن العبيد دورًا مهمًا وإصابة المالكي المبكرة إلا أن وجودهم منح المدرب رامون دياز، الذي عُين لاحقًا، زخمًا كبيرًا في دكة البدلاء.

خسر الهلال بالأربعة أمام الأهلي في كأس العالم للأندية، ونتيجة لذلك أقال مدربه ليوناردو جارديم وأعاد رامون دياز، وكان لتلك الخطوة تأثير إيجابي مباشر على موسم الهلال في الدوري السعودي وتتويجه باللقب.

الهلال تحت قيادة دياز، وبمساعدة إيجالو، عاد من الخلف كثيرًا وتخطى كل منافسيه ووصل إلى قمة جدول الترتيب، وذلك بفضل نتائجه القوية جدًا وتفوقه في المواجهات المباشرة على جميع منافسيه الكبار .. دياز أعاد للهلال هويته وروحه وحماسه والنتيجة كانت أنه الوحيد الذي لم يرفع الراية البيضاء أمام النمور الجائعة واستطاع هزيمتهم في عقر دارهم لتكون تلك المباراة نقطة تحول الموسم.

أوديون إيجالو رحل عن الشباب في سوق الانتقالات الشتوي، وقد كان هدافًا للدوري السعودي آنذاك، وبرحيله خرج الليوث من دائرة المرشحين للمنافسة على اللقب تمامًا .. الأمر كان أشبه بانتزاع أنياب الليث!

على الطرف الآخر، استفاد الهلال كثيرًا من انضمام إيجالو حتى أن البعض ربط ريمونتادا الفريق به ورآه أكثر تأثيرًا من عودة رامون دياز، فالنجم النيجيري بقوته ومهارته الفردية استطاع صناعة الفارق في المباريات الصعبة والحاسمة وسجل أهدافًا ثمينة جدًا آخرها ثنائية الحسم أمام الفيصلي.

إيجالو أنهى الموسم هدافًا للدوري السعودي برصيد 24 هدفًا.

النصر استطاع استجماع نفسه بعد فترة طويلة من الخسارة أمام الهلال والخروج من آسيا، ونجح المدرب ميجيل روسو في تحقيق سلسلة انتصارات وصلت إلى 8 مما أعاده إلى حسابات الفوز باللقب.

الضربة القاصمة لآمال النصر حدثت على مرحلتين، الأولى حوار تاليسكا الشهير الذي هاجم به زميله السابق حمدالله وقد أحدث انقسامًا كبيرًا بين إعلام وجمهور العالمي، والضربة الثانية وكانت من تبعات الأولى هي خسارة الفريق في الملعب أمام الاتحاد بثلاثة أهداف في وجود حمدالله الذي سجل الهدف الثالث .. صحيح أنها شهدت أخطاءً تحكيمية مؤثرة لكن المؤكد أنها أخرجت النصر تمامًا من حسابات اللقب.

احتشد الآلاف من جمهور الاتحاد في ملعب الجوهرة المشعة لمتابعة مواجهة فريقهم أمام الهلال، والحقيقة أن تواجدهم كان للاحتفال بالفوز باللقب كما توقعوا وظنوا وقبل أن يصدمهم الزعيم ويُخيب آمالهم.

الاتحاد دخل الكلاسيكو متفوقًا على خصمه بفارق 5 نقاط قبل 4 جولات من النهاية، وكان التعادل يكفيه ليبدأ احتفالات التتويج باللقب، وقد لعب شوط أول ممتاز وتقدم بهدف رومارينيو من ركلة جزاء، لكن رد الهلال كان صاعقًا بثلاثية ميشايل (هدفين) وسالم الدوسري.

الخسارة كانت بداية الانهيار، حيث لم يستطع الاتحاد بعدها جمع أكثر من 4 نقاط من 3 مباريات، فيما كان الفوز الخطوة الأولى نحو منصة التتويج للهلال بانتصاره في المواجهات الثلاثة الأخيرة.

صحيح أن بوارد هبوط الأهلي كانت موجودة منذ منتصف الموسم تقريبًا، وصحيح أن هذا المصير الأسود حُسم رسميًا أمام الشباب حين فشل في الفوز الذي كان كافيًا لبقائه في الدوري السعودي، إلا أن الخسارة أمام الرائد كانت المحطة الأهم في مشروع هدم القلعة.

الأهلي واجه الرائد وكان يتفوق عليه بفارق نقطة واحدة، والفوز في تلك المباراة التي أقيمت في جدة وسط دعم جماهيري كبير كان سيضمن إلى حد كبير بقاء الفريق قبل مواجهة الشباب الأخيرة في الرياض، لكن الراقي خيب آمال جمهوره وخسر 3-1 على ملعبه في ظل أداء مخجل على جميع الأصعدة.

بالنظر لجدول الترتيب حاليًا نجد أن الفوز في هذا اللقاء كان سيُبقي الأهلي رسميًا في دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين بدلًا من الهبوط لدوري يلو.