من أسطورة ليفربول إلى مهرج "التريند".. كاراجر "بلا فلتر" أمام صلاح وآرنولد وهالاند!

المتابع لتصريحات كاراجر يلاحظ نزعة نحو إطلاق الأحكام القاطعة والانتقادات اللاذعة، وكأن هدفه الأساسي هو إثارة ردود الفعل بدلًا من التحليل الموضوعي.

هذا الأمر تجلى بوضوح في هجومه المتكرر على النجم المصري محمد صلاح، الهداف الحالي لليفربول وأحد أهم اللاعبين في تاريخ النادي الحديث.

ففي الوقت الذي كان فيه صلاح يتألق ويسجل الأهداف ويقود ليفربول نحو تصدر الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا خرج كاراجر لينتقد صلاح بسبب تصريحاته حول مستقبله مع الفريق.

ادعى كاراجر حينها أن حديث صلاح عن مستقبله "يشتت الفريق"، في اتهام غريب ولا منطقي بالمرة.

فهل يعقل أن لاعبًا يقدم هذا الأداء الاستثنائي ويسجل هذا الكم من الأهداف ويحمل الفريق على كتفيه، يكون هو سببًا في تشتيت الفريق؟ بل على العكس تمامًا، في تلك الفترة تحديدًا، كان صلاح هو العنصر الأكثر استقرارًا وتأثيرًا في ليفربول، وكان أداءه بمثابة صمام الأمان للفريق في ظل التقلبات التي شهدها مستوى الفريق بشكل عام في بعض الأوقات آخرها التعادلات الأخيرة ضد إيفرتون وأستون فيلا والتغلب بشق الأنفس على وولفرهامبتون.

هذا الهجوم من كاراجر على صلاح يثير علامات استفهام حول مدى اتساق مواقفه، فمن ناحية، ينتقد صلاح لأنه تحدث عن مستقبله بشكل علني ويصفه بالأناني، ومن ناحية أخرى، يتجاهل حقيقة أن عدم حسم ملف تجديد عقد صلاح قد يكون هو نفسه مصدرًا للقلق والتشتيت داخل الفريق.

في الواقع، تصريح صلاح بأنه "لا يوجد جديد" بشأن عقده مع ليفربول كان مجرد تعبير عن وضع قائم بالفعل، ولم يكن تصريحًا مستفزًا أو يهدف إلى إثارة البلبلة.

بل إن انتقاد كاراجر للاعب الأهم في الفريق، وبشكل علني، هو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تشتيت الفريق وإحباط اللاعب نفسه.

يبدو أن كاراجر قد تناسى دوره كأحد أساطير النادي، وأن تصريحاته يجب أن تكون داعمة للفريق ولاعبيه، بدلًا من أن تكون مصدرًا للانتقاد والتحطيم.

ولم يتوقف الأمر عند صلاح، فكاراجر له سوابق أخرى في التصريحات المثيرة للجدل، على سبيل المثال، تصريحه الشهير مؤخرًا بأن إيرلينج هالاند "هرب" من أنطونيو روديجر في مباراة مانشستر سيتي وريال مدريد.

هذا التصريح، الذي أثار سخرية واسعة، يجسد نزعة كاراجر نحو المبالغة وإطلاق الأحكام السطحية، فهل يعقل أن لاعبًا بحجم هالاند، وهو أحد أفضل المهاجمين في العالم، "يهرب" من مدافع حتى لو كان الأفضل في العالم في مركزه؟

وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكننا أن نقول أيضًا أن هالاند "هرب" من فيرجيل فان دايك في مباراة ليفربول؟ هذه التصريحات تبدو وكأنها محاولة يائسة للبحث عن "تريند" على حساب المنطق والعقل.

حتى عندما قام أحد الصحفيين بمواجهة بيب جوارديولا بهذا التصريح في المؤتمر الصحفي لمواجهة ليفربول رفض المدرب الإسباني أن يضحك وأعلن ذلك للجميع وبدت عليه علامات الدهشة من خروج مثل هذا التصريح السطحي من نجم كبير له وزنه في تاريخ كرة القدم الإنجليزية.

أما تصريحه الأخير حول كأس الأمم الأفريقية، فقد أثار استياء واسعًا، خاصة في القارة السمراء، صحيح أن تصريح كاراجر بأن البطولة "ليست مهمة" قد يحمل جزءًا من الحقيقة من وجهة نظر البعض، ولكنه يفتقر تمامًا لأبسط قواعد الذوق والاحترام.

فكأس الأمم الأفريقية هي بطولة قارية كبيرة ومهمة جدًا بالنسبة للدول الأفريقية، وتحمل قيمة تاريخية وثقافية واجتماعية كبيرة وقد بذل نجومًا كبارًا مسيرتهم كاملة دون أن يحظوا بشرف الحصول عليها رغم حصولهم على دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي مثل ديدييه دروجبا، ولم يكن يجب التقليل منها تحت أي ظرف.

تخيل أن دروجبا حصد أربع دوريات في إنجلترا ومعهم أربع كؤوس ودوري أبطال أوروبا بالإضافة إلى الدوري التركي الصعب وكان أفضل لاعب في القارة مرتين، ورغم هذا لم يحصد كأس الأمم الإفريقية.

كان من الأجدر بكاراجر أن يلتزم الصمت فمثل هذه التصريحات لا تضيف قيمة حقيقية للتحليل، بل تساهم فقط في إثارة الجدل والانقسام، وردود الأفعال الأخيرة على تلك التصريحات هي خير دليل على ذلك.

لم يقتصر مسلسل تصريحات كاراجر المثيرة للجدل على صلاح وهالاند فقط، بل امتد ليشمل نجمًا آخر من نجوم ليفربول، وهو الظهير الأيمن تريت ألكسندر-آرنولد.

ففي الوقت الذي يتردد فيه بقوة اسم آرنولد كهدف محتمل لريال مدريد، ومع دخوله الفترة الحرة من عقده، خرج كاراجر لينتقد أداء اللاعب ويقلل من قيمته، وفي المقابل دافع بشدة عن إدارة ليفربول في ملف تجديد العقد.

هذا الموقف أثار استغراب الكثيرين، فبدلًا من أن يقف كاراجر خلف أحد أهم لاعبي الفريق في فترة حرجة تشهد مفاوضات تجديد عقده، اختار أن يوجه له الانتقادات ويدافع عن الإدارة، وكأن لسان حاله يقول "الإدارة على حق دائمًا واللاعب مخطئ دائمًا".

هذا النهج يؤكد مرة أخرى على أن كاراجر قد تجاوز حدود التحليل الموضوعي، وأصبح يبحث عن إثارة الجدل بأي وسيلة، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار الفريق ومستقبل نجومه.

في الختام، جيمي كاراجر معروف بصراحته، لكن عندما تكون في تلك المكانة يجب عليك وزن الكلام بميزان حساس وإلا فسيتم وضعك في قالب لا يناسبك.

إصرار كاراجر على إطلاق التصريحات المثيرة للجدل، يقع به في فخ "التريند" ويجعله متهمًا دومًا بمحاولات جذب الانتباه بأي ثمن.

هذا الأسلوب قد يكون مربحًا من الناحية الإعلامية، ولكنه بالتأكيد يضر بسمعته كأحد أساطير ليفربول، ويقلل من قيمة تحليلاته.

كاراجر، بخبرته الطويلة في كرة القدم، يجب أن يكون أكثر حكمة ورزانة في تصريحاته، وأن يتذكر دائمًا أنه يمثل ناديًا كبيرًا ولاعبين كبار، وأن كلماته لها وزن وتأثير.

بدلًا من أن يكون أسيرًا للبحث عن الإثارة، يجب أن يسعى كاراجر لتقديم تحليل موضوعي ومحترم، يليق بتاريخه ومكانته في عالم كرة القدم.