Herve Renard MoroccoGettyimages

هيرفي رينار - ساحر أفريقيا الأبيض الذي تحول إلى مورينيو


هيثم محمد    فيسبوك      تويتر

ظهر مصطلح "الساحر الأبيض" في القارة السمراء القرن الماضي وسابقه مع الحملات التبشيرية والاستعمارية من قبل الأوروبيين على الدول الإفريقية التي لم تكن وصلت لها بعد يد الحضارة، فلعب هؤلاء هذا الدور، مع اختلاف الأسباب، واُعتبروا في نظر مواطني تلك البلدان سحرة لما نقلوه لهم من علم لم يروا مثله من قبل.

هيرفي رينار لعب هذا الدور في القارة السمراء، الفرنسي الذي تعلم على يد الساحر الأبيض الأعظم كلود لوروا عرف من أين تؤكل الكتف في أفريقيا كروياً،  فحقق نجاحات غير مسبوقة، خصوصاً قيادته زامبيا للقبها الأول في الأمم، ثم كسر نحس كوت ديفوار مع البطولة، وصولاً لمحطته الأخيرة مع المغرب.

وصول رينار لتدريب أسود الأطلس في 2016 وُضعت عليه آمال كبرى أن يستمر الفرنسي في معجزاته مع البلاد التي غابت عن منصات التتويج الأفريقية منذ 1976، وفشلت في بلوغ المونديال منذ جيل 1998 الذهبي بقيادة شيبو وحجي.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

نجح رينار في استغلال ترسانة الأسماء المتاحة في المغرب من محترفين في كبرى الدوريات الأوروبية وقاد الفريق لبلوغ ربع نهائي أمم أفريقيا 2017، ولكنه سقط أمام مصر، ولكن كسره النحس المونديالي وبلوغ كأس العالم روسيا 2018 على حساب الكوت ديفوار في عقر دارها كان النجاح الأكبر الذي أنسى المغاربة إخفاق الأمم.

Herve Renard MoroccoGettyimages

ورغم الآمال الكبيرة المعقودة لتقديم عروض كبيرة في روسيا، ولكن رينار وفريقه سقط أمام إيران في الافتتاح، ثم فشل في ترجمة سيطرته أمام البرتغال لنقاط، ليكتفي بالوداع المشرف بعد عرض قوي أمام إسبانيا، نفس الوضع تكرر في مصر 2019، الفريق دخل البطولة كأحد المرشحين لما يملك من نجوم مثل حكيم زياش، نور الدين أمرابط، المهدي بن عطية، وآخرين.

المغرب قدم دور أول محترم، حقق العلامة الكاملة ولم يتلق أي هدف أمام كوت ديفوار، جنوب إفريقيا، ونامبيبيا، ولكن المفاجأة كانت بالسقوط المدوى على يد بنين في دور الستة عشر بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1 في الأوقات الأصلية والإضافية.

البعض قد يلوم الحظ في خروج المغرب بعد اصطدام كرة زياش بالقائم في ركلة الجزاء بالدقيقة الأخيرة،، ولكن المتابع عن كثب سيحمل رينار مسؤولية الهزيمة والوداع المبكر. المدير الفني الفرنسي وكأنه توقف به الزمن، أصبح يعاني من حالة جمود فني وتكتيكي تكررت في أكثر من مناسبة مع المنتخب المغربي.

في كاس العالم أصر رينار على خطة 3-4-3 رغم عدم جدواها أمام إيران، ثم في اللقاءين التاليين غير الخطة دون تغيير العناصر التي بدت غير ملائمة أو بعيدة عن المستوى، نفس الأخطاء في مصر، رغم الانتصارات والعلامة الكاملة بالدور الأول، لكن بدا أن الفريق يعتمد بشكل كبير على مبارك بوصوفة، صاحب الخمسة وثلاثين عاماً كان الأكثر نشاطاً في تشكيلة الأسود، وبدا جلياً أن هناك اسماء، رغم أهميتها، مثل زياش ويونس بلهندة ونبيل ضرار لا تقدم المستوى المطلوب، ولكن الاعتماد عليها استمر، في ظل تجاهل غير مفهوم لنصير مزراوي المتألق مع أياكس الموسم المنصرم، وصوفيان بوفال الذي أثبت فعاليته في كل مشاركة.

الجمود التفكيري لرينارد كلف المغرب لقاء في المتناول أمام البنين، فريق منظم وملتزم تكتيكياً، ولكن على الصعيد الفني ضعيف وعنده ضغطه يلجأ للمخالفات لفارق الفنيات، ولكن رينار قرر الاستمرار بنفس الأسلوب بالاعتماد على البينيات خلف المدافعين لحكيمي وأمرابط، وتحركات زياش الذي بدا أنه بعيد عن مستواه، وتأخر في الدفع ببوفال، فعقد المهمة وكلف فريقه خروجاً مبكراً من البطولة.

رينار مع المغرب بدا وكأنه مثل جوزيه مورينيو، مدرب كبير صاحب سجل مميز، ولكن لا يجدد من نفسه، البرتغالي لا يزال يصر على نفس الأسلوب التكتيكي الذي فاز به مع إنتر بدوري الأبطال في 2010، والذي مع تطور اللعبة وإبداعات نظرائه من المدربين كل عام أصبح غير مجدياً، والدليل نتائجه مع تشيلسي في فترته الثانية، وأخيراً مع مانشستر يونايتد.

Jose Mourinho 04132019Getty

رينار في المغرب أيضاً يعيش على أمجاده في كوت ديفوار وزامبيا، ورغم إنجاز الوصول للمونديال، ولكن فريقاً بتلك الإمكانيات يُنتظر منه أن يقدم نتائج أفضل وينافس على أمم أفريقيا ولا يخرج مبكراً كما حدث في 2017 و2019، وبأداء لا يتناسب مع ما يملك من لاعبين.

اعترف المدرب الفرنسي بمسؤوليته عن خسارة البنين ويبدو أنه على أعتاب ترك منصبه مدرباً للمغرب، ولكن سيكون عليه إعادة حساباته مجدداً، سواء استمر أو قرر خوض تجربة أفريقية جديدة، إذا أراد الحفاظ على لقب "الساحر الأبيض"، وألا يتحول لمورينيو جديد يعيش على أمجاد الماضي.

إعلان