عالم ملئ بكل ما هو سلبي خلال الفترة الحالية، جائحة كورونا كانت ضربة كافية للعالم أجمع، وما زاد من قسوتها هو تضرر عالم كرة القدم منها، فتوقفت المباريات، التي كانت النقطة المضيئة في حياة الكثيرين، النقطة التي تبعث الفرح والحماس بعد يوم شاق وطويل، 90 دقيقة فقط كانت تحول يوم عشاق المستديرة.
"معاناة نجم" سلسلة جديدة من "جول goal"، لرصد قصص كفاح نجوم كرة القدم، الذين أصبحوا قدوة لغيرهم، في وقتٍ كانوا فيه تحت أنقاض حياتهم، لكنهم تغلبوا على الظروف القاسية، كي نبعث رسائل من الأمل من جديد، فبالعمل الجاد يتغير كل شيء..
اقرأ أيضًا - معاناة نجم | جوميس .. الأسد الذي انتشل أسرته بموهبته ثم أدرك خطأه بعدها
حلقتنا الليلة ستكون عن المحارب المغربي نور الدين أمرابط؛ جناح أيمن النصر السعودي، والذي يحقق النجاحات مع العالمي، ورغم عدم حصوله على حقه على المستوى الإعلامي إلا أن مكانته تظل محفوظة في قلوب جمهور النصر وجماهير المغرب، فبماذا مر صاحب الـ33 عامًا قبل أن يصل إلى ما هو عليه الآن؟
ولد أمرابط في 31 مارس 1987 من أبوين مغربيين، لكنه ولد ونشأ في مدينة ناردن الهولندية، طفل صغير يحلم بأن يكون نجمًا كبيرًا في عالم كرة القدم، وبالفعل سلك طريقه في أكاديمية زاودفوخلس في قسم الهواة، وبعد أن خطف الأنظار له، التقطته أعين المسؤولين في أكاديمية أياكس أمستردام، لكن من هنا كانت رحلة الصعود للهاوية..
وهو ابن الـ13 عامًا فقط داهمه التهاب حاد في أربطة الركبة، والذي يصاحبه نتوءات حادة ومؤلمة تحت الركبة، ولسوء حظه أن هذه الإصابة تزداد مضاعفاتها مع الحركة، فلم يكن أمام أكاديمية أياكس إلا الاستغناء عنه، لتنهار أحلام المغربي في أمستردام.
طفل صغير بدأ يرسم الأحلام لنفسه ويتخيل نفسه في البطولات الكبرى بالعالم، لكن الإصابة اللعينة لم تمنحه الفرصة لذلك، عن هذه اللحظات يقول أمرابط: "شعوري وقتها لا يمكن وصفه، كان شعورًا صعبًا وقاسيًا، فقد كنت أتدرب في سبورت كومبلكس دي تويكمست، الذي يبعد عن نادي أياكس بمئات الأمتار، كنت أرى استاد النادي يوميًا، كان حلمي أن ألعب به يومًا ما، لكن كل شيء أصبح كابوسًا بعد الاستغناء أياكس عني".
الإصرار الذي يسير في دماء المقاتل جعله لم يقف مكتوفًا الأيدي، فبدأ الاتجاه للعمل في مجالات أخرى، نعم لم تكن من أحلامه أن يسلك ذاك الطريق، لكنه مضطرًا، فبدأ العمل في تنظيف الأرضيات في مدرسة قريبة من بيته، ثم انتقل لغسل الصحون في أحد مطاعم أمستردام، وأخيرًا مر بمهنة صناعة الحلوى، لكن هنا تدخل والده..
والد أمرابط لم يتركه يتخبط كثيرًا، فطالبه بالعودة للتركيز بالدراسة، كونها الأمل الذي سيضيء مستقبله، وبالفعل في سن الـ17 اتجه لدراسة إدارة الأعمال والاقتصاد والقانون.
مع الدراسة، طالبه والده بالبحث عن فرصة أخرى في عالم المستديرة، حتى ولو بفرق الهواه، وبالفعل هذا ما حدث، انضم أمرابط إلى هويزن، ومنه إلى أومنى ورلد في دوري الدرجة الثانية الهولندي، ومن هنا كانت انطلاقته في الملاعب.

بعد عامين فقط من هذه اللحظات، وجد المقاتل نفسه بقميص أيندهوفن عام 2008، وإذا به يلعب في دوري أبطال أوروبا، وفي عام 2009 يحقق لقب الدوري الهولندي ثم توالت النجاحات بعدها مع عدة فرق، بداية من جلطة سراي التركي مرورًا بمالاجا الإسباني وواتفورد الإنجليزي وليجانيس الإسباني، وأخيرًا فريقه الحالي النصر.
ما مر به الجناح المغربي لخطه في بضع كلمات، خلال تصريح سابق له: "شخصيًا أنا متواضع، سواء لعبت في فريق هواه، أو عملت غاسلًا للأطباق، أو لعبت في نهائي دوري أبطال أوروبا، على المرء أن يركز ويتقن ما يقوم به في الحياة، حتى ينجح، وهذا ما أحاول فعله دائمًا".
الآن أمرابط واحد ممن تتغنى بأسمائهم الجماهير في المملكة وبالمغرب، فقد كانًا واحدًا من أسود الأطلس في كأس العالم روسيا 2018، والتي قدم بها أداءً رائعًا، وفي العام التالي كان له دورًا كبيرًا مع العالمي في تحقيق لقب دوري كأس الأمير محمد بن سلمان السعودي للمحترفين، وستتوالى البطولات، طالما ظل محتفظًا بإصراره، الذي يعد درسًا لكل يائس.




