Lionel Messi, Barcelona, La Liga 2020-21Getty

"ميسي يتمشى في الملعب" .. نظرية التخاذل بين الحقيقة والخيال

ميسي يتمشى ولا يركض في الملعب، لقد فقد الشغف، لم يعد ذلك اللاعب الذي يقاتل لأجل الشعار، ما هذا؟ ميسي لا يبتسم وكأنّه يلعب مجبرًا، هل ميسي اختلف مع كومان ولذلك لم يبدأ أساسيًا أمام ريال بيتيس؟ لا يسجل سوى من ركلات جزاء!

عبارات كثيرة ارتبطت بميسي منذ انطلاق الموسم الجاري. منذ طلبه الرحيل عن برشلونة ثم التراجع عن ذلك في حوار مع "جول" معللًا برفضه دخول معترك القضاء ضد فريق أحلامه، والأعين ظلت تلاحق البرغوث بصورة مختلفة.

ومع بداية الموسم تحقق كل ما يكمل تلك الرواية في أعين المتابعين، فأول 4 أهداف لميسي جاءت من ركلات جزاء، ولم يصنع سوى هدف وحيد في دوري أبطال أوروبا وبالتالي صارت الأعين تشاهده في صورة المقصر دائمًا.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

هل تمشية ميسي في الملعب دليل على فقدانه الشغف؟ هل هذا الأمر جديد على الهداف التاريخي للدوري الإسباني؟

السياق

Lionel Messi Real Madrid Barcelona El Clásico LaLiga 23122017Getty

في موسم 2017-2018 وفي الكلاسيكو ضد ريال مدريد بديسمبر 2017، انتصر برشلونة بثلاثية نظيفة على النادي الملكي المتوج حديثًا بكأس العالم للأندية.

الفوز كان هامًا للرد على خسارة السوبر قبل عدة أشهر، ولإنهاء حلم ريال مدريد في تحقيق الليجا قبل حتى انتصاف الدوري.

وقتها صدرت إحصائية انتشرت في جميع المواقع الإسبانية والعربية أنّ ميسي كان يمشي في 83% من أوقات المباراة، لكنّه كان الأكثر خلقًا للفرص وسجل هدفًا من ركلة جزاء وصنع آخر، بل وتطرق البعض لاعتبار أنّ "تمشية ميسي في الملعب أفضل من ركض الآخرين".

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل في مسلسل وثائقي بعنوان "هذه كرة القدم"، تطرقت حلقة بعنوان "المعجزة"  للحديث عن ظاهرة ميسي، وحلل بيب جوارديولا أداء البرغوث في كلاسيكو آخر بالموسم ذاته والذي انتهى 2-2 للبلوجرانا، وأكد أنّ مشي ميسي في الملعب لأنّه يراقب ويحلل المنافس لينقض في الوقت المناسب.

هل سألت نفسك أصلًا عن سر تسميته بالبرغوث؟ ليس فقط لأنّه صغير الحجم، لكن لأنّه يظهر وينقض في الوقت المناسب ليلدغ الخصوم دون أن يشعر به أحد!

في سياق آخر

Messi Barcelona BetisGetty

ولكن لأن وقتها كان برشلونة ينتصر، وكان ميسي أكثر هدوءً وأقل ظهورًا في وسائل الإعلام، والوضع في النادي الكتالوني أكثر استقرارًا، لم يتم اعتبار ذلك تخاذلًا أو قلة حيلة، بل عبقرية.

السياق تغير، فكل ما ذكرناه في الفقرة السابقة اختلف تمامًا، والوضع المحيط بحامل الكرة الذهبية 6 مرات لم يعد كما كان عليه، وبالتالي أصبح تفسير ما يحدث في الملعب يسير في اتجاه مختلف.

لا ضير في متابعة لقطة حدثت قبل 10 ثوان من نهاية المباراة، وبرشلونة في الحالة الدفاعية ونرى ميسي لا يضغط ليعد ذلك فقدان شغف، ولا ضير في خطف لقطة مماثلة له مع منتخب الأرجنتين وبناء العديد من القصص حولها.

لا ضير حتى من تجاهل حقيقة أنّ اللاعب بلغ 33 عامًا، المهم أنّ نضع السياق في الاتجاه الذي يلبي ما نؤمن به بدلًا من تحليل وتفنيد كل واقعة ومعرفة أسبابها وتفاصيلها.

حتى لو لم يضغط ميسي، فلا توجد أزمة في ذلك، البرغوث مطالب بتقسيط الجهد ليكون في أفضل أحواله البدنية إن أراد استكمال مسيرته، والغريب أنّ أغلب النجوم التاريخيين وبالأخص صناع اللعب لم يكونوا مطالبين بالضغط ولم يتعرضوا للانتقاد ذاته.

ميسي المنتهي .. أهداف من ركلات جزاء وقرارات فاشلة. كيف يعود البرغوث؟

صفة المتخاذل

Lionel Messi Argentina 2016Getty Images

في الأرجنتين وُضع ميسي في خانة المتخاذل مع انطلاق كل بطولة دولية، مبدئيًا هو لاعب فاشل ولا يقدم لبلاده ما يقدمه مع الفريق حتى يثبت العكس، فإنّ صنع فرصًا، لماذا لا يسجل؟ وإن سجل فلماذا لا يصنع؟ وإن قاد فريقه للنهائي، فلماذا لا يحقق البطولة؟

لا يهم إن كان أداء ميسي جيدًا أم متوسطًا أم الأفضل، لأن صفة التخاذل موجودة وجاهزة حتى يرفع لقبًا دوليًا، لن نحلل أو نفند أو ننظر لجميع العوامل الأخرى التي ساهمت في فشل الأرجنتين في تحقيق بطولة منذ 1993 – أي قبل انضمام ميسي للمنتخب بـ12 عامًا – فالسبب معروف ولن يتم الحياد عنه!

أصبح البولجا مطالبًا بكل شيء، فأقل من ذلك هو لا شيء، ووضعته جماهير الأرجنتين في مكانة البطل المخلص ورددوا حكايات مارادونا الذي حقق كأس العالم بمفرده، رغم أنّ التانجو فاز بالبطولة دون مارادونا ورغم أنّه لم يطلب أي منتخب كبير مثل البرازيل وهولندا وألمانيا وفرنسا ببيليه جديد أو كرويف جديد أو مولر جديد أو زيدان جديد!

ميسي هو ميسي، يلعب بكل روحه وما لديه لأجل برشلونة، لكن الأعين تغيرت والنظرة له تبدلت بتبدل الواقع، ولأنّ العاطفة تسبق العقل تحولت عبقريته إلى تخاذل، ومشيه إلى فقدان شغف!

 
إعلان