لا يمكن أبدًا تجاهل حقيقة أنّ جوزيه مورينيو وبيب جوارديولا أحد أبرز المدربين في عالم كرة القدم خلال السنوات الماضية، ومنذ 2008 حتى الآن والمنافسة بينهما على أشدها سواء في الكلاسيكو أو ديربي مانشستر أو حتى مباريات أخرى حسمت بطولات.
لا أحد ينسى ركض مورينيو في كامب نو بعد تأهله على برشلونة، ولا يمكن إغفال خماسية جوارديولا أمام فريق مورينيو، لن ننسى الصراع الدائم بينهما والذي انتقل إلى إنجلترا في ديربي مانشستر والذي شهد قمة ذروته في موسم 2017-2018.
ورغم أنّ الثنائي من أفضل المدربين في العالم، إلا أنّ بيب جوارديولا ينجح دائمًا في إيجاد ما يطيل من عمره في الملاعب، بينما جوزيه مورينيو يترنح يمينًا ويسارًا ويحاول فقط الحفاظ على نفسه الأخير بين المدربين.
هل أصبح عمر المدرب أقصر من المعتاد؟ كيف يمكن أن يطيل المدرب عمره مع فرق القمة؟ هناك طريقان الأول لمورينيو والآخر لجوارديولا.
المراحل الثلاث للمدرب




Gettyأي مدرب لأي فريق يمر بعدة مراحل ليثبت قدراته وإمكانياته، البداية دائمًا بتولي هذا المدرب لأي فريق يعاني من مشكلة، بعدها يقرر المدرب تصحيح هذه الأزمات وصناعة التغيير لجلب البطولات وإعادة الأمور إلى نصابها.
لو استمرت الأمور كما يرغب يبدأ في تحقيق النجاح، فأفكار المدرب الجديدة استطاعت بالفعل أن تحقق المطلوب، وشاهدنا التطور في الملعب والفوز بالألقاب أو تصحيح المسار للشكل الذي يُلبي طموحات الجماهير.
بعد ذلك، نصل إلى المرحلة الثانية والتي تصبح فيها أفكار المدرب مفهومة بالنسبة للمنافس، ومهما كانت ثورية فلابد أن يصل إلى مرحلة يدرس فيها كل منافس عيوب هذه الأفكار ويلعب عليها وهنا ندخل للمرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة هي المرحلة التي تمنح المدرب الحياة مجددًا أو تقضي على مسيرته في هذا الفريق، وهي مرحلة تغيير الجلد والتي يبدأ فيها المدرب تطوير فكرته وتصحيحها والتغلب على عيوبها من أجل العودة للنقطة الأولى، ثم تُستكمل السلسلة.
لو أردنا ضرب المثل للتوضيح، فبيب جوارديولا مع برشلونة خير مثال، في البداية جاء لفريق يعاني من أزمات واضحة فقرر تصحيحها ونجح بالفعل في موسمه الأول في التتويج بكل الألقاب.
بعدها وفي موسمه الثاني بدأ المنافسون، مثل جوزيه مورينيو مع إنتر، اللعب على نقاط الضعف ومحاولة حرمان برشلونة من الألقاب، ليقرر جوارديولا في الموسم الثالث تصحيح المسار وتعديل الأخطاء والنتيجة الفوز بخمس بطولات وخسارة نهائي كأس الملك.
وبعدها عادت الدائرة ليأتي موسم 2011-2012 ويشهد نهاية مسيرته في برشلونة.
بين ريكارد وكومان .. خبرات مختلفة وطموحات واحدة وأحلام انتظار جوارديولا!
بين مانشستر سيتي وتوتنهام
(C)Getty Imagesاستمرارًا للحديث عن بيب، لو تابعنا مسيرته الحالية مع مانشستر سيتي فهي تسير بالنهج ذاته، بداية عسيرة يحاول فرض أفكاره ثم تحقيق النجاح والفوز بكل البطولات المحلية ثم تعقد الأمور الموسم الماضي والفوز بلقب كأس وحيد.
هذه المرة لم يرحل بيب، بل قرار البقاء وتطوير أفكاره وتحسينها وتصحيح العيوب القاتلة التي تسببت في خسارته الدوري والنتيجة كما نرى، سلسلة من الانتصارات وصلابة دفاعية وتفوق على ليفربول في أنفيلد وتصدر البريميرليج.
لا يمكن بالطبع الحكم على موسم مانشستر سيتي بالكامل، لكنّه حتى الآن يتصدر الدوري ووصل لنهائي كأس الرابطة ولا يزال متواجدًا في كأس الاتحاد ودوري أبطال أوروبا، كما أنّ التطور الكبير الذي حدث بين بداية الموسم ومنتصفه يبرهن على العمل الذي قام به جوارديولا وعدم التأثر بإصابة أبرز نجومه كيفين دي بروينه.
وماذا عن مورينيو؟
مورينيو اعتاد أن يمر بالمراحل ذاتها مع الفرق التي دربها، أحيانًا يغادر قبل الانتكاسات كما حدث مع بورتو وإنتر فبالتالي لا يصل للمرحلة الثالثة التي يحتاج فيها للتطوير.
وفي مرات أخرى يُكمل إلى المرحلة الثالثة ويبدأ فريقه بالتراجع كما حدث مع تشيلسي في مناسبتين وريال مدريد وكذلك مانشستر يونايتد، ولكنّه لا يُعيد الدائرة لبدايتها ويبدأ في تصحيح الأخطاء والمحاولة من جديد بل يرحل أو على الأحرى يُقال.
في كل مرة يصل مورينيو فيها لمرحلة إعادة تصحيح أفكاره وتطويرها إما أن يرحل أو يُقال وبالتالي لم يستمر لفترات طويلة مع فريق واحد خلال مسيرته.
ولكن بمرور الزمن، أصبح إمكانية فك شفرات أي فريق وتحليل عيوبه أسرع من أي وقت مضى، وربما يمر المدرب بالمراحل الثلاث في موسم واحد وبالتالي يجد نفسه دائمًا بحاجة للتطوير.
توتنهام مع مورينيو تعتمد على فكرة مثالية بقيادة سون وهاري كين، ولكن ماذا حدث حينما تعرض كين للإصابة؟ سقطت الفكرة وفشل الفريق في العودة للمسار الصحيح ولم يتمكن جوزيه من تطوير المنظومة لتنجح حتى دون هداف الفريق.
مع الوقت تصبح أعمار المدربين في الملاعب أقل بسبب سهولة تحليل المنافس عن الماضي وسهولة إيجاد الثغرات والعيوب للتغلب عليه، وبالتالي إما يقرر المدرب أن يكون مثل جوارديولا ويُطور من منظومته بهدف البقاء على قيد الحياة التدريبية لفترات أطول، أو يصبح مورينيو المهدد دائمًا بالإقالة وإنهاء مسيرته في التدريب بأسوأ الطرق الممكنة!
