فترة عصيبة يمر بها برشلونة، أزمات مالية طاحنة، صفقات كلفت الخزانة الملايين دون فائدة رياضية حقيقية، خروج بأسوأ الصور الممكنة إما بسيناريو "الريمونتادا" أمام روما ثم ليفربول أو الخسارة بفضيحة أمام بايرن ميونخ.
نجم وأسطورة الفريق، ليونيل ميسي، يرغب في الرحيل ثم يتراجع، رئيس النادي تحت التهديد ومحاولات سحب الثقة تنجح في الأخير، النادي يعاني ماليًا ورياضيًا واضطر للتخلص من العديد من اللاعبين ومنح الفرصة للشباب.
أزمة كبيرة تمنح بناء مشروع جديد وتم الاعتماد على المدرب رونالد كومان والذي بدأ بشكل سيئ لكن تدريجيًا تحسن حتى وصل إلى المركز الثاني بفارق 8 نقاط ومباراة مؤجلة عن أتلتيكو مدريد المتصدر، كما وصل لنصف نهائي كأس ملك إسبانيا.
تحسن واضح لبرشلونة في الفترة الأخيرة، لكنّه ليس كافيًا ليضمن للبلوجرانا حصد لقب الدوري الإسباني أو دوري أبطال أوروبا، أمر يعيد الذكريات لموسم 2003-2004 والذي – رغم خروج النادي الكتالوني دون ألقاب – كان بداية البناء للجيل الأفضل في تاريخ النادي.
هل يمكن اعتبار كومان النموذج الأحدث لفرانك ريكارد حينما جاء إلى برشلونة في 2003 ونقل الفريق من حالة عدم الفوز بالبطولات إلى تحقيق لقب الدوري مرتين وكذلك دوري أبطال أوروبا؟
الخبرات تختلف
Gettyهناك عدة اختلافات بين كومان وريكارد، فالأخير جاء بخبرة واحدة تدريبية مع جلطة سراي التركي لم تكن ناجحة بالشكل الذي يؤهله لقيادة برشلونة، لكن ثقة يوهان كرويف فيه وطلب من جوان لابورتا وقتها التعاقد معه كان سببًا لوجوده على مقاعد بدلاء البلوجرانا.
الاختلاف الآخر أنّ ريكارد جاء مع الرئيس الجديد وهو لابورتا وقتها، وبالتالي كان يحصل على الدعم اللازم للبقاء، هذا بجانب جلب عدد من الصفقات أبرزها رونالدينيو ثم إدجار ديفيدز وهو ما ساعد على تطور الفريق بشكل ملحوظ.
حتى بعد مرور عام تم التدعيم بأسماء إضافية أبرزها ديكو وصامويل إيتو وهو ما ساهم دون شك في حصد الألقاب.
لكن كومان لا يمتلك هذه الرفاهية، إلا أنّ خبراته أكبر وهو ما جعله يستفيد من الأسماء التالية، خاصة وأنّ طموح الفريق تراجع ليشبه ما مرّ به في 2003.
المسار واحد
Getty Imagesتحسن الفريق في الفترة هذه كان على صعيد عودة الروح والثقة والإيمان بالقدرات الخاصة بالفريق، حتى أنّ برشلونة كسر عقدة عدم الفوز في "سانتياجو برنابيو" في أول موسم، وعاد بعد بداية سيئة في الليجا إلى المركز الثاني.
الموسم ذاته شهد أيضًا تحقيق فالنسيا لليجا وفي الحالة الخاصة بموسم 2020-2021 فقد يكون أتلتيكو مدريد هو البطل.
ما بدأ يظهر الموسم الحالي أنّ برشلونة بدأ يستعيد الثقة والإيمان بقدراته، خاصة بعد رحيل العديد من اللاعبين الشاهدين على فضائح روما وليفربول وبايرن ميونخ وظهور مجموعة من الشباب لم تخض بعض أو كل هذه المباريات.
بيدري وريكي بوتش ورونالد أراوخو وأوسكار مينجويزا وسيرجينيو ديست وفرانشيسكو ترينكاو بجانب فرينكي دي يونج، كلها أسماء لم تواجه مثل هذه السقطات وتمتلك الشجاعة للتغيير.
إيمان كومان بهم قد يمهد لإعادة برشلونة على أول الطريق الصحيح لكنّه بالطبع لا يعني إعادة الفريق المرعب الذي قضى على الأخضر واليابس في العقد الماضي.
فضّلوا زيدان عليه والنتيجة مهزلة .. هل أخطأ ريال مدريد بالتخلي عن لوبيتيجي؟
جوارديولا وتشافي
Gettyواستمرارًا للمفارقات بين ريكارد وكومان، فإنّ الأول مهّد الطريق للتعاقد مع بيب جوارديولا – ابن لا ماسيا – الذي استغل المواهب التي صعّدها فرانك وعلى رأسها ليونيل ميسي وأندريس إنييستا ليؤسس النسخة الأعظم من برشلونة عبّر التاريخ.
ريكارد امتلك أفكارًا هجومية أيضًا وكان مدربًا مبادرًا في أغلب المباريات التي خاضها، وهو أمر يشبه بشكل كبير كومان في الوقت الحالي.
وحينما جاء جوارديولا، كان يمتلك أفكارًا أكثر تطورًا من تلك التي عند فرانك، فلم يكن تحولًا في فلسفة الفريق لكن نقلة كبيرة للأمام.
وربما في المستقبل وحينما ينضم تشافي هيرنانديز لقيادة برشلونة يكون هو النقلة التي يحتاجها الفريق لتكرار سيناريو جوارديولا، ولكن هذا حدث له وقت آخر وربما نعود بعد سنوات ونقعد المقارنة بين الأستاذ بيب والتلميذ تشافي ووقتها قد نرى جيلًا ذهبيًا جديدًا بقيادة بيدري وبوتش ودي يونج!


