الكثير من الأقاويل يُمكن أن تنطبق على ما حدث في بايرن ميونخ العام الماضي، بالتحديد في الثاني من نوفمبر 2019 بملعب كوميرتس بانك آرينا بمدينة المال والأعمال في ألمانيا، فرانكفورت، عندما هُزم البافاري بخماسية على يد آينتراخت ربما تصنف بـ"رب ضارة نافعة".
رغم تحقيق بايرن ميونخ للثنائية المحلية مع نيكو كوفاتش في موسم 2018-19، إلا أن المردود الفني على أرض الملعب كان سيئًا للغاية، لم يكن ذلك هو البافاري الذي يُهيّمن على كل المباريات ويحسم البوندسليجا قبل بدايتها، بل على النقيض، استمرت المنافسة للجولة الأخيرة ولولا تعثرات دورتموند المتعددة لحُرم من لقبه المفضل.
ربما كان المدرب الكرواتي محظوظًا في موسمه الأول، ولكن الأكيد أنه كان الأسوأ حظًا في العالم في عامه التالي، فبعدما برزت الانتقادات له على أداء بايرن كان رده واضحًا بأنه لا يمتلك الإمكانيات التي تؤهله لمقارعة كبار أوروبا، وحينها قال نصًا "يجب أن نستوعب ما لدينا. لا يمكنك الوصول إلى سرعة 200 كم بسيارة تصل إلى سرعة 100 كم فقط. يجب عليك ببساطة استيعاب ما لدينا".
بدأ بايرن موسمه المحلي بتحقيق 17 نقطة من 30 متاحين، وبدا جليًا للجميع أن غرف خلع الملابس باتت لا تساند كوفاتش على الإطلاق، عمومًا لم تكن المرة الأولى التي يُقرر فيها كبار لاعبي البافاري الثورة ضد المدرب، فقبلها بعامين فقط سقط كارلو أنشيلوتي ضحية لهم، وكان واضحًا أن كوفاتش سيكون الضحية الثانية.
انتباه كبار أوروبا .. بايرن يوقف مفاوضات تمديد عقد ألابا




ظروف ما قبل فرانكفورت
Getty Imagesفاز بايرن ميونخ بصعوبة بالغة على الصاعد حديثًا للبوندسليجا بادربورن في أليانز آرينا بثلاثة أهداف لهدفين، ثم تلقى هزيمة من هوفنهايم خارج الديار بهدفين لهدف وتعادل مع أوجسبورج في ديربي مقاطعة بافاريا بهدفين لكل فريق في مباراة تعرض فيها الفريق لانتقادات عديدة لإهدار الفرص السهلة وخسارة ثلاث نقاط، وبعدها داوى الجراح بفوزٍ صعب على أونيون برلين بهدفين لهدف.
مستوى العديد من اللاعبين بما فيهم مانويل نوير نفسه لم يكن على ما يرام، كوفاتش مستقبله على المحك يومًا تلو الآخر، ومع تصدر دورتموند للدوري واقتراب لايبزيج هو الآخر، ازدادت الضغوطات، فهذه هي البطولة المقربة لكل بافاري، البطولة الممنوع أن تذهب إلى أي نادٍ آخر مهما كانت الظروف.
الآن على كوفاتش أن يذهب بفريقه الذي يفتقد للثقة بنفسه، إلى أرض الملعب الذي تسبب في وصوله لتدريب بايرن ميونخ، إنه كوميرتس بانك آرينا، معقل آينتراخت فرانكفورت، والذي أنقذه كوفاتش من الهبوط ثم قاده للوصول إلى نهائي كأس ألمانيا مرتين حققها مرة كانت على حساب البايرن ومن مدربه حينها؟ إنه يوب هاينكس.
موقعة كارثية لبايرن ميونخ
Gettyخلف إدي هوتر كوفاتش في تدريب فرانكفورت بعد ما أظهره من قدرات فذّة قضت على سيطرة بازل على الدوري السويسري، وحققه بيانج بويز للمرة الأولى منذ عقود، موسمه الأول وصل بفريقه لنصف نهائي الدوري الأوروبي وضمن اللعب في البطولة الموسم التالي بوجوده بالمرتبة السادسة على صعيد البوندسليجا.
بشكلٍ عام، لطالما كانت مباريات فرانكفورت وبايرن في ملعب الأول صعبة، لكن آينتراخت وقتها كان في حالة جيدة وحقق 14 نقطة، بينما بايرن وكما شرحنا، لم يكن في أفضل فتراته، لتبدأ من ذلك موقعة كارثية غيّرت من شكل كرة القدم الأوروبية بعد ذلك.
افتتح الجناح الطائر فيليب كوستيتش التسجيل لفرانكفورت في الدقيقة 25 وبعد دقائق معدودة من حصول جيروم بواتينج على بطاقة حمراء، ثم أتى سو بالهدف الثاني، وقبل نهاية الشوط الأول قلّص روبرت ليفاندوفسكي الفارق من مهارة فردية رائعة.
الشوط الثاني شهد هيمنة مطلقة من أصحاب الأرض، اتضحت الصورة واتضح أن لاعبي بايرن لا يؤمنون بكوفاتش تمامًا، انهار البايرن بصورة لا تحدث كثيرًا، وأحرز فرانكفورت ثلاثية عبر دافيد أبراهام وباسينسيا ومارتن هينتريجير، لتنتهي المباراة بالهزيمة الأكبر منذ سنوات لبايرن ميونخ.. خماسية لهدف.
كورونا لا يضرب وحده .. فان دايك وديفيس وإصابات طويلة تزيد متاعب الأندية
فليك
Gettyإنها حقًا المباراة التي غيّرت كرة القدم الأوروبية في موسم 2019-20، فبعد المباراة ورغم أن الأحاديث الأولية كانت عن استمرار كوفاتش، توصلت الإدارة إلى قرار بإقالته وتعيين هانزي فليك بصورة مؤقتة لحين الاستقرار على اسم دائم يتولى مقاليد الحكم في أليانز آرينا.
مغمور نوعًا ما اسم فليك للجمهور العربي، هو مساعد لوف من 2006 وحتى 2014، ثم عمل في أعمال تقنية بهوفنهايم والتحق أخيرًا بجهاز كوفاتش مطلع ذلك الموسم، وكأن الإدارة كانت تشعر بأنه سيكون مدربًا مؤقتًا أو سينقذ الأمور باعتباره من أفضل المتعاملين نفسيًا مع اللاعبين.
طُرح اسم آرسين فينجر لخلافة كوفاتش بصورة دائمة، وقيل أن حسن صالح حميديتش يُريد ماوريسيو بوتشيتينو، كما كان اسم إيريك تين هاج مدرب أياكس متداولًا بشدة، وفي أول مباراة لفليك وهو مدرب للبايرن، يبدو وأنه قد قرر أن يدخل ضمن قائمة المرشحين للتدريب بصورة دائمة، ووضع نفسه في الصورة بأداء أسطوري أمام المتصدر دورتموند وفوز برباعية نظيفة لا تنسى.
الباقي يعرفه الجميع، فليك الآن بات يصنف من عمالقة التدريب في العالم، وذهب كوفاتش لتدريب موناكو في فرنسا، وأصبح البافاري بطلًا للخماسية، كل هذا لم يكن ليحدث لولا موقعة فرانكفورت، حقًا إدارة كارل هاينتس رومينيجه مدينة بالفضل لكتيبة إدي هوتر كثيرًا.
Goal