لا أعتقد أن ناديًا سعوديًا، وربما عالميًا، حظي بسوق انتقالات شتوي بقوة الهلال في يناير 2022، سواء على صعيد تجديد العقود أو ضم اللاعبين الجدد.
استطاع بطل آسيا الذي يستعد لكأس العالم للأندية تجديد عقد الثلاثي، سالم الدوسري ومحمد البريك ومحمد كنو، ومعهم ضم الثنائي الأجنبي، ميشايل وأوديون إيجالو، وتعاقد مع الثلاثي السعودي، سعود عبد الحميد وعبد الرحمن العبيد وعبد الإله المالكي، وعلى الأرجح سيلحق بهم محمد العويس خلال الساعات القليلة القادمة.
اقرأ أيضًا | الشهري، الغنام، كمارا وغيركم .. اهربوا من "جحيم" الدوري السعودي
اعتدنا خلال السنوات الأخيرة على قوة أندية الدوري السعودي في الصفقات الأجنبية، وقد شهدت السنوات الأخيرة صولات وجولات وتعاقد مع أسماء كبيرة، لكن الجديد هذا الشتاء هو سطوة الهلال الواضحة على السوق المحلي.
الهلال تحول إلى بايرن ميونخ السعودية .. النادي الألماني لديه قدرة غريبة على ضم أي لاعب يرغب به من الدوري الألماني، حتى من ألد منافسيه، وفد امتلك الزعيم تلك القدرة حاليًا، إذ يستطيع التعاقد مع أي لاعب يريده من أي نادٍ في الدوري السعودي باستثناء النصر.
الهلال نجح في يناير 2021 في التعاقد مع عبد الله الحمدان من الشباب، ويبدو أن هذا كان مقدمة ما سيحدث لاحقًا ... هذا الشتاء نجح الفريق الأزرق في ضم 3 من عناصر المنتخب السعودي المهمة، بجانب هداف الدوري السعودي من الشباب.
Hilal Twitter & Goal ARضربات قوية جدًا تؤكد سطوة الهلال على كرة القدم السعودية، وأننا كما قلت سابقًا لا نعيش موسم الرياض بل مواسم الهلال في السعودية!
تلك السطوة مصدرها الأساسي رغبة اللاعبين في ارتداء القميص الأزرق، وهنا يجب أن يكون السؤال .. لماذا ذلك؟ هل لأسباب مالية فقط! لا أعتقد صراحة لأن المبالغ التي قُدمت للاعبين للبقاء مع أنديتهم كانت كبيرة جدًا ومقاربة أو ربما أقل مما دفع الهلال.
الدافع الأول خلف هذه السطوة، والتي يمتلكها كذلك الأهلي في مصر، هو الاستقرار الإداري والمالي الذي يتمتع به النادي السعودي مقارنة بحالة من الفوضى الإدارية والمالية لدى غيره من الأندية.
الهلال يتمتع منذ سنوات طويلة باستقرار إداري نتيجة تكاتف رجاله لدعمه، وتغليب مصلحته على أي مصالح خاصة، وهذا أدى لاستقراره المالي وانتعاش ميزانيته بعقود رعاية ضخمة، والجميل أن النادي استخدم هذا المال، بجانب أموال الدعم، بطريقة سليمة بنسبة كبيرة، صحيح أن الأخطاء كانت موجودة في ملف التعاقدات الأجنبية، لكنها أقل كثيرًا من غيره، بجانب أن النجاح الرياضي غطى على تلك الهفوات.
وما يؤكد أن القوة المالية وحجم الإنفاق ليسا فقط سبب سطوة الهلال ونجاحه هو تقارب إنفاق الأندية السعودية الكبرى خلال المواسم الأخيرة من الدوري السعودي، بل لو لاحظنا نجد أنه، وبالاعتماد على أرقام ترانسفيرماركت، الهلال هو أقل الأندية الأربعة إنفاقًا في سوق الانتقالات خلال الموسم الأربعة الأخيرة من الدوري السعودي.
Getty Images - Goal ARاستقرار الزعيم الإداري والمالي والرؤية الممتازة لإدارته واختياراتها الجيدة في ملف الأجانب وامتلاكه لنجوم محليين كبار، كلها عوامل أدت لنجاحه رياضيًا بدليل حصده لقبين لدوري أبطال آسيا خلال 3 سنوات، ومنافسته الدائمة على لقب الدوري السعودي وفوزه به آخر موسمين.
هذا النجاح الإداري والمالي والرياضي جعل الهلال بمثابة "الجنة" للاعبي الدوري السعودي، سواء المحليين أو الأجانب، وأصبح أي لاعب حلمه أن تأتيه مكالمة من إدارة الهلال لتطلب توقيعه للفريق.
ذلك الأمر يصب في صالح الهلال بالتأكيد، لكنه ضد الأندية الأخرى والمنافسة في الدوري السعودي، لأن المسابقة لن تكون قوية ومثيرة إلا بتواجد الهلال والنصر والاتحاد والأهلي والشباب بمستوى رائع، وإن استمر الوضع كما هو سيتحول الدوري السعودي تدريجيًا إلى نسخة جديدة من الدوري الألماني أو حتى المصري، وفي أحسن الأحوال سيتحول إلى الدوري الإسباني وقت سطوة ريال مدريد وبرشلونة وقبل دخول أتلتيكو مدريد في الصورة.
لا نستطيع ولا يحق لنا لوم الهلال على ما يفعله، لأن رجاله لا يهمهم سوى مصلحة النادي واستمرار نجاحه، لكن اللوم كل اللوم موجه للأندية الأخرى ومسؤوليها وأعضاء شرفها وداعميها على تقصيرهم بحق أنديتهم والبحث عن مصالحهم الخاصة وربط دعمهم بالتواجد في المناصب، اللوم على اختياراتهم الخاطئة في اللاعبين والمدربين، والدخول في قضايا استنزفت قدراتهم المالية وأدخلتهم نفقًا مظلمًا، وهنا لا نستطيع إلا توجيه التحية والتقدير لأنمار الحائلي وما فعله في الاتحاد لأنه استطاع إنقاذ النادي وإعادته إلى الواجهة بإمكانيات محدودة .. صحيح أنه يسير بخطوات بطيئة لكن المهم أنه سيصل في النهاية.
