Lionel Messi Barcelona 2019-20Getty Images

لماذا لن يتحقق حلم ميسي بالعودة إلى نيولز أبدًا؟!

كان هناك حدثًا بارزًا مطلع الشهر الحالي في مدينة روزاريو الأرجنتينية، حين استقبل الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا استقبالاً ملكيًا من ناديه السابق نيولز أولد بويز عندما عاد مع فريقه خيمناسيا لملاقاته في الدوري الأرجنتيني.

وجد دييجو في انتظاره لافتة مثيرة، تمثلت بوضع كرسي فخم يشبه عروش الملوك، ليجلس عليه وهو يقود فريقه من خارج الخطوط.

جلس دييجو كالملك على عرشه وهو يتابع فوزًا سهلا لفريقه برباعية نظيفة، وهو ما جعل العديد من مشجعي نيولز أولد بويز يشعرون بأن الترحيب به ربما زاد عن حده بلاعب سبق وأن ارتدى قميص فريقهم لموسم واحد فقط عندما كان يحاول العودة لمستواه في الملاعب بعد غياب.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

من المعروف أن نيولز أولد بويز هو النادي الذي اعتاد على تكريم أساطيره وأبطاله، يكفي أن تعرف أن اسم ملعبهم هو مارسيلو بييلسا، وذلك تقديرًا لجهود مدرب ليدز الحالي معهم في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.

لكن هناك شخص واحد يحلمون بعودته أكثر من أي شخص آخر... ليونيل ميسي.

لسنوات كان حلم كل لاعب ومدرب ومناصر في روزاريو هو أن يعيش هذا اليوم.. يوم رؤية ميسي يرتدي اللونين الأحمر والأسود، إنه حلم يزداد توهجًا عام بعد عام.

ميسي بنفسه هو من جعلهم يحلمون بهذه اللحظة حين صرح قائلاً في أكتوبر الماضي "لا أريد أن أرحل عن برشلونة. أحلم باللعب مع نيولز لكنني لا أعرف ما إذا كان هذا سيحدث".

لكن ما الذي يجعل من الصعب بل من المستحيل تحقيق هذا الحلم؟

السبب الأول يتعلق بميسي شخصيًا، بعد أن أمضى 20 عامًا من حياته في كتالونيا، وتربية عائلة بعيدًا عن وطنه، يشعر ميسي بأن وطنه الحقيقي في إسبانيا.

هو بنفسه من صرح بذلك حين قال "لدي عائلة وتأتي قبل تمنياتي. سيتعين علينا أن نحاول إقناعهم. عندما ألعب مع تياجو وأقول إننا ذاهبون إلى مكان آخر، فهو يكره ذلك. إننا نقضي شهرًا في الأرجنتين لكنه يُريد العودة إلى أصدقائه".

Lionel Messi Gerardo Martino Marcelo Bielsa Newells Street ArtAlejo Santander Messi Newell´sMessi Newell´s

ولد أبناء ميسي الثلاثة ونشأوا في برشلونة، لذلك فالمخاوف أمر طبيعي بالنسبة لميسي، لكن هذه ليست الإشكالية الوحيدة التي قد تجعل انتظار نيولز ابنهم الضال ينتهي بخيبة أمل.

هذا الأمر يتعلق أكثر بأجواء الأرجنتين على وجه العموم، ومدينة روزاريو على وجه الخصوص.

تُلقب مدينة روزاريو بأنها "شيكاغو أمريكا الجنوبية"، بسبب موقعها كمركز لصناعة تعبئة اللحوم الأرجنتينية - موانئ روزاريو وسان مارتن سان لورينزو القريبة هي من بين أكبر المراكز في القارة - لكن الاسم استمد أيضًا من سمعتها السيئة كمركز لمعاملات المافيا.

تعيش المدينة على وقع مأساوي يتمثل في العنف والاتجار في المخدرات، في أحياء المدينة بما في ذلك حي جراندولي الذي يتواجد فيه منزل طفولة ميسي.

في عام 2018، تم تسجيل 198 جريمة قتل في منطقة روزاريو الكبرى، أي أربعة أضعاف عدد الضحايا في قرطبة المجاورة. العديد من الجناة والضحايا هم قُصَّر، بالكاد يبلغون 13 أو 14 عامًا في بعض الحالات، حيث تحدث الهجمات عبر الدراجات النارية ويتركون الشوارع في حلقة مفرغة من القتل والهجمات الانتقامية.

عالم كرة القدم ليس ببعيد عن دائرة العنف هذه، فعلى مدار العقد الماضي، قتل أكثر من 10 مشجعين لفريق نيولز أثناء معارك مع مثيري الشغب لنادي  بارا برافا.

وقال ميسي "كنت أرغب في اللعب بالأرجنتين عمومًا، حيث إنني كنت دائمًا أذهب إلى الملعب مع رجل عجوز وأرى الجمهور، وكان ذلك رائعًا. كما أن المشاركة في مباراة كلاسيكو هنا أمر فظيع. إنها تحمل نفس القدر من المنافسة على المستوى الرياضي في كل مكان، ولكن الناس هنا يعيشون اللقاء بشكل مختلف".

"هنا في برشلونة الفوز أمر يرحب به والخسارة يمكن تقبلها، لكن في الأرجنتين فإنك تبقى رهين منزلك لا تغادره إن خسرت مباراة ديربي. الجنون في الحياة اليومية يصل يوما بعد يوم إلى كرة القدم ويصبح الأمر كالكارثة".

وأكمل "نحن نعيش حالة مشابهة عندما نشارك في التصفيات مع منتخب الأرجنتين، حين نسافر في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية، وهناك لن يسمحوا لك بالنوم ويقضون الليل في رمي كل شيء على الفندق".

ميسي 1

كما أن الصعوبات الاقتصادية التي عانت منها الأرجنتين تزيد من صعوبة عودة ميسي. نظرًا للتضخم الذي وصل لأكثر من 50 في المائة سنويًا، يُقدر أن تصل مستويات الفقر إلى 40٪ بحلول نهاية عام 2019. إضافة إلى أن القيود الشديدة الجديدة على استخدام احتياطيات العملات الأجنبية بعد تخفيض قيمة العملة بشكل كبير، تجعل روزاريو في وضع حساس على أقل تقدير، مع قيام العديد من المراقبين بمقارنتها بالأزمة التي وقعت في نهاية القرن العشرين والتي ساهمت في قرار ميسي بالرحيل عن روزاريو.

هذه المشاكل ليست جديدة في الدولة اللاتينية، ولم تشكل عقبة أمام نجوم وأساطير قرروا العودة للعب في الأرجنتين ومع أنديتهم السابقة مثل خوان سيباستيان فيرون وخوان رومان ريكيلمي وأرييل أورتيجا وكارلوس تيفيز وجابرييل هاينز ودييجو وجابرييل ميليتو وماكسي رودريجيز، حيث فضلوا العودة لتذوق التنافس الشرس في بلاد التانجو بدلاً من الحصول على عقود مغرية في بلدان أقل حدة تنافسية.

لكن الحال مختلف مع ميسي، فقرار خفض راتبه هو قرار شخصي، لكن فكرة أن ينقل عائلته إلى مكان يشعر أنه لا يستطيع فيه أن يضمن سلامتهم هي كل الهاجس الذي يُحيط به.

وقال ميسي لقناة أمريكا تي في في عام 2018 "يمكنك أن تقتل على دراجة هوائية. هناك عمليات سطو في كل مكان ولا يمكنك السير في الشارع لأن عليك أن تتنبه فيما إذا كان هناك شيء ما يحدث".

"أعرف أن هناك الكثير من المشاكل في الأرجنتين ولكن السلامة ضرورية".

إن لم تشهد الأرجنتين تغييرات جوهرية في السنوات القليلة المقبلة، فعلى ما يبدو فإن نادي نيولز أولد بويز سيكون مقدر عليه مشاهدة ابنه وهو يعلق حذائه دون أن يضع قدمه في ملعب مارسيلو بييلسا كلاعب.

إعلان