كوبا أمريكا - ميسي يحصل أخيرًا على الجنسية الأرجنتينية

ليس سهلًا أن تُولد في بلد يعشق جمهورها كرة القدم ويرونها المتنفس الوحيد لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية ويمتلكون أسطورة يتباهون بها عبر التاريخ واسمه دييجو مارادونا.

مارادونا جلب كأس العالم في 1986 وأصبح جزءًا من معزوفة جمهور البيسيليستي للتقليل من أسطورة خصمهم البرازيل فمهما تغيرت الكلمات لابد أن تنتهي بـ "مارادونا أفضل من بيليه".

الأصعب هو أن تقضي أغلب فتراتك في كتالونيا تنتمي لنادي آخر ولمجتمع مختلف تمامًا ولا تصبح جزءًا من قطبي الأرجنتين ريفير بليت وبوكا جونيورز.

تحقق النجاح في برشلونة بل وتحصد جميع الألقاب الممكنة في سن صغير ثم تتوج بالكرة الذهبية مرات ومرات لتصبح تطلعات الجمهور مرتفعة وينتظرون منك تكرار إنجاز مارادونا.

عوامل كثيرة واجهها ميسي في الأرجنتين، لا ليثبت أنّه الأفضل ولكن لكي يجعل الجماهير تعتبره أرجنتينيًا حقيقيًا يستحق المقارنة مع دييجو.

في كوبا أمريكا 2019 وجد ميسي أول الطريق ليقنع الجمهور به رغم أنّ البيسيليستي جاء ثالثًا والبرغوث خرج مطرودًا.

كوبا أمريكا | الأرجنتين بطل بلا لقب! 

Getty Images

واجه البرغوث انتقادات كبيرة خلال مسيرته الدولية بأنّه لا يردد النشيد الوطني ولا يُظهر ربع الحماسة التي تهز المدرجات مع انطلاق كل مباراة للتانجو.

ميسي قرر أن يتغير بداية من ربع النهائي وهتف بقوة مرددًا النشيد ليتشارك مع الجمهور في الحماسة والإحساس بالانتماء للأرجنتين.

مارادونا ربما كسب ود الجمهور بلقب كأس العالم، لكن تفاعله معهم وغنائه وراءهم كان أحد أسباب تعلق الجمهور به.

ربما قرر هداف الأرجنتين التاريخي أن يتجه إلى هذا الطريق ليكسب ود الجمهور لو خسرت بلاده البطولة، أو ربما إحساسه ببلده تضاعف في الفترة الماضية.

المهم أنّ حركة غناء النشيد زادت كثيرًا من قيمة اللاعب عند الجمهور. 

Getty Images

 أصبحت شارة القيادة مع ميسي لها معنى كبير، فهو من يوجه ويحرك ويتحدث مع الإعلام ويدافع عن زملائه ويحمس اللاعبين بين شوطي المباراة.

ربما حدثت هذه الأمور في وقت سابق، ولكن هذه المرة ميسي تحدث كثيرًا عن الجمهور ولأجل الجمهور، وبعد تصريحه قبل المونديال بأنّ هذا الجيل غير مدين لأجد بأي شيء بعد الوصول لثلاثة نهائيات على التوالي، عاد وقال إنّ هدفه إسعاد الشعب الأرجنتيني.

ميسي ارتدى ثوب القائد في الاحتفال وفي الصراخ وفي الهتاف بجانب النشيد الوطني فظهر أرجنتينيًا أكثر من أي وقت مضى.

وحينما شعر بالظلم قرر - ربما - للمرة الأولى أن يتخلى عن ديبلوماسيته المعتادة ليفتح النار على الجميع.

 لم يخرج ميسي ليقول إنّه مظلوم أو أن الحكم يرغب في أن يبقى بالذاكرة لكون من طرد أفضل لاعب في العالم 5 مرات، ولكنّه أظهر بطولته.

بعد لقاء البرازيل انتقد الاتحاد الأمريكي الجنوبي واتهمه بوضوح بمحاباة البرازيل. ميسي قرر إذًا أن يكون مثل أي أرجنتيني يخرج  مدافعًا عن بلده ومؤكدًا أنّها أفضل من الغريم التقليدي البرازيل.

لغة نظرية المؤامرة تُعجب الجمهور كثيرًا وبعد طرده أمام تشيلي أرجع السبب إلى أنّه انتقام منه لكونه دافع عن حق الأرجنتين أمام البرازيل، لقد صار في أعين الجمهور مظلومًا وضحية حبه لبلاده وهجومه على ألد خصوم البيسيليستي.

الأمر لا يتوقف على التصريحات، بل رفضه تسلم الميدالية.

إنها المرة الثانية التي يرفض تسلم جائزة بعد 2015 كأفضل لاعب في البطولة لكن وقتها بدا الأمر وكأنّه حزن لفشله تحقيق البطولة، أما الآن فالسبب واضح وهو ذكره "حتى لا ندعم الفساد".

ميسي أصبح البطل وصوت الأرجنتين للهجوم ضد الظلم والفساد وتعمد إفشال التانجو وكل هذه الأمور - بغض النظر عن مدى صحتها - خطوات لبناء البطل الشعبي القومي المحبوب من أهله.

البولجا تقدم خطوة كبيرة في أن يكون بطلًا عند الأرجنتين ولم يعد الفوز ببطولة هو الطريق الوحيد ليحقق ذلك، وربما يساعده هذا الأمر على تقليل الضغط عليه في كوبا أمريكا 2020 وربما وقتها يجلب الكأس الغالي!