كريم أديمي: موهبة شابة يستهدفها برشلونة وقيمة صفقته كانت بيتزا

تمر كرة القدم الألمانية بفترة انتقالية، فبعد الفوز بكأس العالم 2014، ودع المانشافت النسخة التالية في روسيا من دور المجموعات بشكل مُحرج.

بغض النظر عن ذلك وبظهور مواهب كسيرجي جنابري وليروي ساني وكاي هافرتز فإن ألمانيا حتى وهي في أسوأ الأحوال ستكون مُرشحة لرفع يورو 2020 في ويمبلي في الصيف المقبل.

في ألمانيا يؤمنون بأن الأجيال الجديدة ستعيد الماكينات إلى القمة مرة أخرى، ومن بين الأسماء بطل الموضوع اليوم، كريم أديمي.

قد لا يكون اللاعب مشهورًا بعض الشيء في أوروبا نظرًا لأنه يبلغ من العمر 17 عامًا وكونه يلعب في المستوى الثاني في النمسا، لكن بعد طفولة تخطى فيها بعض العقبات، بدأ اللاعب يجذب أنظار بعض أكبر الأندية في العالم.

لاحظ نادي بايرن ميونيخ مسقط رأس أديمي في البداية موهبته. لكن موهبته ظهرت بعد انضمامه إلى نادي أونترهاخينج، الذي أمضى فترة قصيرة في دوري الدرجة الأولى مطلع القرن.

وتحدث مانفريد شوبيل رئيس نادي أونترهاخينج الحالي ولاعب بايرن ميونيخ السابق لموقع جول "من وجهة نظر رياضية، كان من الواضح تمامًا أنه على استعداد ليصبح لاعبًا محترفًا بأتم معنى الكلمة".

"الشيء الوحيد الذي كان يُمكن أن يُفسد مسيرة الصبي هو إن أصيب أو حدث خطأ منا".

 لدى كل شخص تقريبًا في النادي قصة يرويها عن فترة أديمي مع النادي.  بالنسبة لشوبيل، فإن أداء اللاعب الخارق في كأس ميركور 2013 هو ما يتذكره، والذي يعتبر بمثابة دوري أبطال أوروبا للاعبين دون سن 11 عامًا، والذي لا يزال محفورًا في ذاكرته.

ويقول اللاعب الدولي الألماني السابق "قابلته في الحديقة، وسألته عما إذا كان يُريد الحصول على بيتزا؟! في ذلك الوقت قلت له، سنعقد صفقة، سأمنحك البيتزا إن نجحت في إقصاء بايرن ميونيخ وميونخ 1860 من المسابقة".

وبالفعل قدم أديمي مستويات خارقة في المباراتين جعلت شوبيل كما قال "يرفع حاجبيه تعجبًا مما شاهده"، حتى أن الصحافة المحلية استخدمت صورة لماريو بالوتيلي وهو يحتفل عاري الصدر بوجه أديمي وهو يحتفل بأحد أهدافه في شباك بايرن ميونيخ.

من الواضح أن بايرن كان على دراية بموهبة أديمي مقدمًا.  ورغم أنهم هم من اكتشفوه، لكنهم اختاروا الاستغناء عنه بسبب مشاكله مع الالتزام بالمواعيد ومخاوفهم بشأن انضباطه.

لحسن الحظ وجد أديمي في شوبيل معلمه المثالي في أونترهاخينج.

Getty Images

كان موقف الشاب غير المبالي بدراسته يؤرق شوبيل الذي كان يضطر بانتظام إلى التحدث مع معلمي أديمي فيما يتعلق بأمور حياته.

ويقول شوبيل "كان كريم يقول لنفسه لا داعي للتركيز أكثر على المدرسة، سأكون لاعبًا محترفًا على أي حال".

"في الألعاب الرياضية المدرسية كان ينسى ملابسه الرياضية، في دروس الرياضيات كان ينسى معداته الهندسية.. كانت هذه مجرد أخطاء صغيرة".

شعر شوبيل، رغم ذلك أنه يحتاج إلى اتخاذ موقف، لذا فقد منعه من التدريب واللعب حتى يتحسن في المدرسة، مما أثار غضب مدربي النادي.

بعد أن كان عمره 12 عامًا فقط، كان أديمي يستقبل دراجته من شقة والديه إلى ملاعب التدريب، فقط ليخبره شوبيل والمدربون أنه لا يستطيع الانضمام إليهم.

كما حذره شوبيل من أن بديله في الفريق سيكون قادرًا على التطور بينما كان يتم استبعاد أديمي، وهو ما أشعل غيرة كريم راغبًا في إظهار قدرته على التعلم واستئناف شغفه في اللعب.

يقول شوبيل وهو يضحك "لقد حفزه ذلك. بعد أسابيع قليلة تلقينا ردود فعل من المدرسة بأن كريم أصبح طالبًا نموذجيًا، دائمًا ما يكون لطيفًا ومفيدًا دائمًا لزملائه في الفصل".

عاد كريم مرة أخرى للنادي وللتدريبات بعد تحسنه في الدراسة، ومنذ تلك اللحظة عرف كيف يشق طريقه بالطريقة الصحيحة.

تم تصعيده بسرعة ليلعب مع فرق سنية أكبر، وكان يسبب رعبًا للخصوم بفضل سرعاته وقدراته على المراوغة.

وقال أوجين زاريك، الذي درب أديمي في صفوف فريق أونترهاخينج تحت 17 عامًا "كانت تصرفاته كالفأر الصغير. والسر كان في منحه مزيدًا من المسؤلية في الفريق وهو ما قام به بشكل رائع".

جاءت أفضل لحظاته عندما كان يبلغ من العمر 15 عامًا ويشارك في بطولة تحت 17 عامًا مع أونترهاخينج، حيث كان فريقه يلعب بـ10 لاعبين بعد نهاية الشوط الأول الذي انتهى بدون أهداف.

يتذكر زاريك "عندما كنا في غرفة الملابس، تحدث كريم فجأة وقال أيها المدرب، ابق هادئًا سأتولى الأمر".

"في النهاية فزنا في المباراة 2/0، وكريم هو من سجل الهدفين بفضل براعته الفردية!".

بعد أن لعب 15 مباراة فقط لفريق فريق 17 عامًا، وسجل 15 هدفًا فيها، تم تصعيد اللاعب لفريق تحت 19 عامًا، وهنا بدأ يجذب اهتمام الأندية في جميع أنحاء القارة.

وكشف شوبيل "في يناير 2018 طلبه تشيلسي وسافرت إلى لندن مع كريم ووالده".

تمت دعوة كريم للتدريب لمدة أسبوع مع فريق تشيلسي تحت 17 عامًا، ولم يكن هو النادي الإنجليزي الوحيد الراغب في ضمه، بل تحصل اللاعب على دعوة أخرى من نادي ليفربول.

Getty/Goal

لكن العرض الذي أثار الاهتمام وكان أكثر جدية كان عرض ريد بول سالزبورج.

فعلى العكس من ألمانيا، يُسمح للأندية النمساوية استخدام الشباب من سن 16 عامًا في المستوى الأول، مما يعني ان أديمي يُمكن أن يخطو الخطوة التالية في مسيرته عاجلاً وليس آجلاً.

ويضيف شوبيل "كان الأمر مثل الفوز باليانصيب بالنسبة له. كنا نعلم أنه كان مستعدًا بدنيًا، فلماذا يجب عليه البقاء في الدوري الألماني تحت 19 عامًا؟ هذه بطولة للأطفال ولا علاقة لها بكرة القدم للرجال".

في صيف عام 2018 ، تم توصل سالزبورج لاتفاق لضم كريم مقابل 3.35 مليون يورو، ومن ثم تم إعارته لنادي إف سي ليفرينج وهو النادي الشقيق لسالزبورج، والذي يلعب في دوري الدرجة الثانية، ليلمع هناك سواء على الرواق الأيسر أو كمهاجم مركزي.

رصيده بتسجيله 13 هدفًا وتسع تمريرات حاسمة في 32 مباراة للنادي أثار بعض التساؤلات حول المدة التي ستستغرقها حتى يتم استدعائه للانضمام إلى لاعبين أمثال إيرلينج براوت هالاند ودومينيك زوبوسزلاي في فريق سالزبورج الأول.

وقال شوبيل "أعتقد أنهم سوف يتذكرونه في الشتاء، ويمكن أن يكون جاهزًا للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال عام ونصف العام".

جدير بالذكر أن برشلونة عرض مؤخرًا 15 مليون يورو لنقله إلى كامب نو بينما يرى بوروسيا دورتموند أديمي كخليفة محتمل لجادون سانشو، على افتراض أن الدولي الإنجليزي قد يغادر النادي في الأشهر المقبلة.

"لقد ولد من أجل القمة" .. هكذت لخص زاريك مسيرة كريم، الحاصل على جائزة أفضل لاعب ألماني دون 17 عامًا هذا العام.

أما بالنسبة لشوبيل فهو لا يفخر فقط بالإشراف على تطوير أديمي كلاعب، ولكن أيضًا كشخص.

"ربما يمكن لأي لاعب أن يسدد الكرة بشكل جيد كما يمكن لأي شخص أن يرسم بالفرشاة لكن أن تمتلك المهارة وتتحلى بالتواضع هو ما يجعلك فنانا حقيقيًا في اللعبة وهو أمر يبدو أن كريم يدركه وذلك ما يجعلني فخورًا به بشكل كبير على الصعيد الشخصي".