يظهر بمستوى متوسط أو سيء، يتم انتقاده، تشتد حدة الانتقادات حتى تصل إلى السباب وصافرات الاستهجان ونسف مسيرته والتعامل معه كلاعب عادي، تشتد الضغوط أكثر بأن يصبح وضع فريقه متأزمًا ويتطلب وجود بطل خارق ينهي كل الأزمات، يقرر هو شحن نفسه بمزيد من الضغط ومن ثم ينتصر، ألا تبدو لك هذه الأسطر كقصة حياة كريستيانو رونالدو؟ الرجل الذي اعتاد أن يفعل ذلك في كل مرة بأي قميص يرتديه وفي أي عمر يناهز.
في 2016 ريال مدريد يخسر من فولفسبورج في ألمانيا بهدفين للا شيء في دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا، يتم انتقاد رونالدو لأنه لم يظهر بالشكل المطلوب، ثم يعود ليفجر سانتياجو بيرنابيو إيابًا بهاتريك معتاد، ذلك الذي قدمه بالأمس بقميص يوفنتوس أمام أتليتيكو مدريد، صورة كاربونية من السيناريو ذاته كان الفارق فيه في لون الأقمصة وتقدم العمر لثلاثة سنوات.




وبين هذا الموسم وذلك قصة أخرى معادة، رونالدو يبدأ الموسم بمستوى متوسط أو أقل، تسيل الانتقادات ويتم اتهامه بالانتهاء ومطالبته باللابتعاد عن الصورة، ومن ثم يأتي في أشهر الحسم كما سميت مؤخرًا ويقلب الطاولة على الجميع، يحاول هو افتعال أزمة مع طرف آخر حتى وإن كان غير موجود حتى يشحن طاقته بكراهيتهم، يستثير غضب الغاضبين ويطالبهم برفع حدة الانتقادات حتى يصبح أكثر قوة، ليبقى رونالدو عبارة عن نسختين، واحدة بمستواه العادي، وأخرى يظهر فيها شبحًا لا يقهر اسمه رونالدو تحت الضغط، نسخة لا علاقة لها بكرة القدم بقدر ما لها علاقة بعقلية وإرادة فولاذية ورغبة تشتعل كالنار في الهشيم حتى ينهي رونالدو مغامرته، ومن ثم يقف مستعرضًا عضلاته في انتظار الخطوة الأخرى.
في علم النفس هناك طاقتين لتحريك الإنسان، إما طاقة الحب وإما طاقة الكراهية، فمثلًا إذا طلب منك شخص عادي كسر زجاجة بالطبع ستستغرب الطلب، ومن ثم لن تقبل بتنفيذه نظرًا لأنه غير منطقي، أما إذا كان الطلب مصدره فتاة تحبها، وطلبته منك ببعض من الرومانسية فإن الزجاجة ستتحول إلى حطام في الحال، أيضًا إذا ادعى رجل أنك غير قادر على كسرها وظل ينعتك بأوصاف كالجبن والضعف والهوان، فسيكون الحطام أيضًا مصير الزجاجة ردًا على هذه الادعاءات، على الرغم من أنه لن يقوم شخص بكسر زجاجة دون سبب.
في هذه الحالة أيضًا تحدث بعض علماء النفس، حيث أثبتوا أن كلا الطاقتين موجودان في كل إنسان، فقط نسبة إحداهما تغلب على الأخرى بنسب متفاوتة بالنسبة لكل فرد، فأحيانًا يكون الشخص عاطفيًا لدرجة تحتاج لأن يحاوطه مقدار من الحب لينجز شيء ما، كالطالب الذي لا يجتاز امتحاناته إلا باهتمام والديه، وأحيانًا يكون الشخص صداميًا لدرجة تجعله يحتاج إلى التحطيم والتهميش حتى يكتسب حافزًا لإثبات العكس، كالطالب الآخر الذي يتهمه والداه دائمًا بالفشل فيفاجئهم وينجح، وفي كافة مجالات الحياة يمكن مد الخط على استقامته والوصول إلى نفس النتائج.
في نهاية رحلته.. هل استحق سولاري تقديرًا أكبر؟
بالنظر إلى مسيرة كرستيانو رونالدو في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص، ستجدها كلها عبارة عن لاعب جيد، وآخر خارق لا يمكن إيقافه يتحول بمجرد وضعه تحت الضغط، رونالدو بات يخوض حربًا مع نفسه أولًا، حتى وإن كانت بعضها وهميًا يخلقها فقط من أجل تجديد الدافع لديه، إلا أن الوهمي والحقيقي فيها يحوله إلى رجل مستحيل بالمعنى الحرفي للكلمة، لا تعرف متى سينتهي على الرغم من تجاوزه عامه الرابع والثلاثين.
