يحكي ماضي بلاد مهد كرة القدم عن عمالقة أفنوا سنوات في صناعة تراث مجيد، فمسيرتهم التي أوصلتهم إلى قمة الهرم الكروي تزينت بإبداعاتهم وتخلّدت بتتويجاتهم، فدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وحفرت أسمائهم بأحرف من ذهب، قبل أن تخونهم كرة القدم ويتبدل حالهم.
عندما نتحدث عن نوتنجهام فورست، فنحن نتحدث عن صفحة ضخمة في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، لكونه يحتل المركز الثالث بين الفرق الإنجليزية الأكثر نجاحًا في دوري أبطال أوروبا بعد ليفربول ومانشستر يونايتد، بتحقيق اللقب مرتين، وهو النادي الوحيد الذي حقق الأبطال أكثر من مرة ولا ينافس في دوري المستوى الأول.
عزز نجاح نوتنجهام في نيل لقب دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين عامي 1979، 1980 مكانته الأسطورية في كرة القدم الإنجليزية.. يمكنك هنا تخيل الصدمة التي هزت أركان أوروبا آنذك من هذا الفريق المجهول الصاعد لتوه الذي تسيدها مرتين، بفضل المدرب الأسطوري بريان كلوف.
المستحيل كلمة لا تتواجد في قاموس كلوف، الذي اعتاد على أخذ الفرق من الدرجات الأدنى لينسج معها الخيال بعينه.
تولى كلوف تدريب نادي ديربي كاونتي المتواضع في الدرجة الثانية الإنجليزي، ونجح في بناء الفريق ليصعد به إلى الدوري الممتاز، ليس هذا فحسب، بل حصل على الدوري الإنجليزي عام 1972، كما وصل فريق "الأكباش" تحت قيادته للأدوار النهائية بدوري أبطال أوروبا وخرج من أمام يوفنتوس.
بعد تجربة ليدز يونايتد "القصيرة والفاشلة" انتقص البعض من قدر كلوف فنيًا، وهبط من المستوى الأول وتولى تدريب نوتنجهام فورست في الدرجة الثانية.
نوتنجهام كانت مدينة ترتبط بأسطورة روبن هود وغابات "البلوط" رمز النادي، لكن كانت الأمور صعبة للنادي، وكان السؤال هل يُكرر ما حققه مع ديربي كاونتي؟

لم يطلب كلوف الميزانية الكبيرة واعتمد على تطوير اللاعبين الموجودين تحت تصرفه.
إيان بوير، وتوني وودكوك ومارتن أونيل وجون روبيرتسون وفيف أندرسون هؤلاء اللاعبين الذين تحولوا فيما بعد إلى أساطير، لم يكونوا كذلك قبل وصول كلوف لتولي المهمة.
خلق كلوف داخل اللاعبين رغبة كبيرة بالوصول إلى القمة، في موسمه الأول أنهى دوري الدرجة الثانية في المركز الثامن ومع دخول موسم 1977/1978 عاد إليه ذراعه الأيمن بيتير تايلور كمُساعد مرة أُخرى وتمكن الثُنائي من الصعود للدوري الإنجليزي الدرجة الأولى.
في الموسم الأول له بعد الصعود للدرجة الأولى حقق لقب الدوري على حساب ليفربول، ليؤكد أن ما فعله مع ديربي لم يكن شيئًا فريدًا لن يتكرر كما تصور البعض.

وبعد أن فرض كلوف نفسه بطلاً في الكرة الإنجليزية، عاد ليصنع أمجاد نوتنجهام فورست على الساحة الأوروبية حين نجح في تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين في عام 1979 و 1980، مزيحًا من طريقه ليفربول أيضًا، ليكون تحت قيادته الفنية نوتنجهام فورست الذي كان منذ فترة قصيرة في غياهب دوري الدرجة الأولى على عرش الكرة الأوروبية لموسمين متتاليين في إنجاز خارق لن يتكرر بكل تأكيد.
سقط نوتنجهام من الدوري الإنجليزي الممتاز 3 مرات منذ تدشينه بالمسمى الجديد، كان آخرها في عام 1999، وقد أنفق الكثير من المال في محاولة العودة، وعندما فشل عانى من مشاكل مالية ضخمة.
في موسم 2003/2004، كان من العار أن يٌصبح نوتنجهام بطل أوروبا الوحيد القابع في الدرجة الثالثة (الثانية بالمسمى في إنجلترا)، لكنه بعد 4 سنوات نجح في العودة إلى "التشامبيونتشيب" وظل ينافس فيه منذ ذلك الحين، لكنه لا ينجح في تسلق سلم الترتيب.
إدارة سيئة للملاك
Getty Imagesوتجنب نوتنجهام فورست الهبوط مرة أخرى لدوري الدرجة الثانية "المستوى الثالث" بفارق ضئيل في اليوم الأخير من موسم 2016/2017 ، حيث ضمن فوزه 3/0 على إيبسويتش البقاء على حساب بلاكبيرن.
هذا يعود بسبب سوء الإدارة من قبل المالك الكويتي فواز الحساوي، الذي يتدهور مستوى النادي تحت قيادته من موسم لآخر، وتغييره للمديرين الفنيين بشكل مستمر، حيث تعاقد مع ثمانية مديرين فنيين دائمين وثلاثة مديرين فنيين مؤقتين في غضون خمسة مواسم فقط.
لم يتواجد مدير مسؤول عن اكتشاف المواهب الجديدة، كما لم يكن هناك مديرا للكرة، ولم يكن هناك شكل إداري حقيقي في النادي، وبالتالي كانت هناك حالة من الفراغ الإداري في النادي.
مؤشرات على مستقبل أفضل

كثيرا ما يُتهم مشجعو نوتنجهام بأنهم يعيشون في الماضي بسبب إشاراتهم إلى سنوات المجد لكلوف، لكن الحال تحسن كثيرًا مع قدوم المالك إيفانجيلوس ماريناكيس، وفي الموسم الحالي "المتوقف" يحتل الفريق أحد مراكز البلاي أوف مع المدرب الممزي صبري لموشي.
الجانب الإيجابي الثاني هو في العمل الرائع المقدم من جاري برازيل في أكاديمية النادي، وهي أكاديمية مرموقة ومعروفة في إنجلترا، وقد خدم الفريق الأول بتصعيد لاعبين شباب للفريق الأول هم من ساهموا في الإبقاء على النادي وتفادي شبح الهبوط في 2017 وعلى رأسهم بنجامين بريتون.


