هيثم محمد فيسبوك تويتر
في رائعة إيرنست هيمينجواي "العجوز والبحر" تدور الحبكة حول سانتياجو، الصياد كبير السن، الذي يتم وصمه بالفاشل بسبب عجزه عن اصطياد أي أسماك لشهور، حتى يقرر مطاردة أكبرها والنجاح في اقتناصها بعد صراع مرير، ليتحول من مادة للسخرية في أعين الجميع لبطل والأفضل على الساحة.
هكذا الآن هو حال ليفربول مع المارد "فيرجيل فان دايك"، وقتما قدم الغالي والنفسي ودخل مفاوضات معقدة مع ساوثامبتون للحصول على قلب الدفاع في يناير 2018، ثم ضمه بمقابل يقترب من التسعين مليون يورو، شكك الجميع فيما فعله ليفربول بدفع مثل هذا المبلغ وكل ذلك المجهود لضم اللاعب الهولندي وكونه الحل لكل مشاكل الفريق المزمنة.
ولكن ليفربول في أقل من عام أثبت صحة نظره بأن فان دايك هو القطعة الأساسية التي تنقص فريقه، أعوام من البحث عن لاعب يقود دفاعات الفريق، بل يقود الفريق ككل، كُللت بالفشل وتعاقب الأسماء التي لا تتماشى مع حجم وطموحات النادي، ولكن الهولندي تأقلم فوراً مع الريدز ونجح في قيادته لنهائي دوري الأبطال بعد فقط ستة شهور.

في الستة شهور التالية أضحى فان دايك نجم الفريق الأول بلا منازع، نعم الثلاثي صلاح، ماني، وفيرمينو مهم هجومياً، وأليسون أعطى الأمان في المرمى، ولكن الهولندي جلب الصلابة والتنظيم لخط الدفاع، وأبعد شبح السذاجة الذي لطالما حضر في وجود أمثال ديان لوفرين وجويل ماتيب، ومعه تحول الفريق لمتصدر للبريميرليج بالتبادل مع مانشستر سيتي، ومرة أخرى بالمربع الذهبي لدوري الأبطال، وحلم لعب النهائي عام ثاني على التوالي يراود البال.
تألق فان دايك يجعل البعض يتسائل لماذا فريق مثل مانشستر يونايتد بأمس الحاجة للاعب في نفس المركز لم يتحرك لضم الهولندي؟ ألم يكن الأفضل له تكريس كل جهوده في سوق الانتقالات للتعاقد معه بدلاً من الركض وراء توبي ألدرفايرلد وهاري ماجواير وجيروم بواتينج، وفي النهاية الاكتفاء بفيل جونز وكريس سمولينج؟ بل وتشجيع جاره اللدود مانشستر سيتي حتى لا يرى عده التاريخي يعود لمنصات التتويج في نهاية الأمر.
نجاح فان دايك منقطع النظير، والذي كوفيء عليه بجائزة الأفضل في البريميرليج لهذا الموسم، يثبت أن في بعض الأحيان صرف الأموال على اسم واحد مغامرة ومقامرة ناجحة بدلاً من السعي وراء لاعبين كُثر دون طائل، وأن اصطياد حوت واحد كبير خيراً من شباك عامرة بالأسماك الصغيرة.
