المنافسة محتدمة بينهما في الدوري الإسباني رغم فارق القيمة التاريخية والإمكانيات الفنية والأهم أنّ الطريد يقدم مستويات أفضل بمراحل من ذلك الذي جاء بديلًا له.
زين الدين زيدان قرر الرحيل عن ريال مدريد بعد موسم 2017-2018 والذي حقق فيه الملكي دوري أبطال أوروبا فقط بصعوبة ولكن خسر المنافسة المحلية من يناير بالخروج من ربع نهائي كأس ملك إسبانيا والابتعاد عن برشلونة المتصدر بمسافة كبيرة.
جاء بعده جولين لوبيتيجي مدربًا، وبعد خسارة السوبر الأوروبي أمام أتلتيكو ثم سلسلة مباريات دون أهداف وفي الأخير الهزيمة أمام برشلونة بخماسية تقررت إقالته ثم جاء سانتياجو سولاري الذي لم يستمر طويلًا ليرحل ويعود بعده زيدان.
والآن وبعد استمرار زيدان مع ريال مدريد وتولي لوبيتيجي تدريب إشبيلية، ما الذي حدث؟ الفريق الأندلسي يفرق نقطة واحدة عن الملكي في جدول الترتيب ويقدم مستويات جيدة جعلته بطلًا للدوري الأوروبي الموسم الماضي.
هل أخطأ ريال مدريد بعدم منح لوبيتيجي فرصة كاملة وتقرر إقالته ثم جلب زيدان في وقت لاحق؟ أم كان القرار صائبًا؟
مشروع ريال مدريد
Getty Imagesفي السنوات الماضية قرر فلورنتينو بيريز بناء جلاكتيكوس جديد لكن بصورة مختلفة، فبدلًا من جلب أفضل اللاعبين تم التركيز على ضم أفضل المواهب الشابة سواء بالشراء أو تطوير الأكاديمية وتصعيد المواهب.
ريال مدريد امتلك العديد من الأسماء الشابة مثل ماركوس يورنتي، فيدي فالفيردي، مارتين أوديجارد، كوبو، براهيم دياز، ماركو أسينسيو وبالطبع الثنائي البرازيلي فينيسيوس ورودريجو وغيرهم.
الهدف من جلب المواهب الشابة كما هو معلن بناء جيل قوي من ريال مدريد قادر على المنافسة لفترات طويلة في المستقبل في اعتراف ضمني بأنّ النادي الملكي في مرحلة إحلال وتجديد وإعادة البناء لمستقبل أفضل.
وبالتالي كان التعاقد مع لوبيتيجي فكرة جيدة، فبعد رحيل كريستيانو رونالدو وجلب فينيسيوس وماريانو دياز، ومع كبر سن لوكا مودريتش واقتراب توني كروس من سن الثلاثين بجانب كبر سن مارسيلو وراموس أصبح المنطقي بداية الاعتماد على الشباب ودمجهم مع الكبار تمهيدًا لبناء جيل جديد.
وفي مرحلة البناء كل شيء وارد، من المتوقع خسارة لقب أو اثنين، هزيمة ثقيلة من الغريم أو ربما فقدان العديد من النقاط، من المتوقع حتى خروج الفريق دون أي بطولات في موسم كامل ولكن الأهم البناء للمستقبل.
ولكن فلورنتينو بيريز لم يصبر، ولم يتحمل مشاهدة ريال مدريد يسقط بخماسية أمام برشلونة رغم تحمله من قبل السقوط ذاته حينما كان جوزيه مورينيو مدربًا، وبالتالي قرر التخلص من جولين.
وماذا بعد؟
Pau Barrena / AFPجاء زيدان ليمحي ما حاول أن يفعله لوبيتيجي، لا مشروع للشباب وسوف يتم التخلص منهم واحدًا تلو الآخر والاعتماد على ثلاثي الوسط مودريتش وكاسيميرو وكروس رغم كبر سنهم بل ومع ضغط المباريات بسبب جائحة كورونا شاركوا أكثر وأكثر في فترة صعبة.
فينيسيوس لن يصبح الخيار الأول لأن هازارد جاء لريال مدريد، ولولا وصول مارسيلو لمرحلة سيئة للغاية لما حصل فيرلاند ميندي على فرصته، هذا مع تجاوز مسألة أنّ ريجيليون وتيو هيرنانديز وأشرف حكيمي غادروا النادي.
الفريق أصبح بلا مواهب شابة وتدريجيًا فقد فالفيردي الدقائق التي حصل عليها، وفشل ميليتاو في فرض اسمه، وتراجعت أسهم فينيسيوس بعد أن ظهر بشكل مميز في موسمه الأول.
تسريب العقد ومشاكل مالية .. كل الطرق تؤدي لرحيل ميسي عن برشلونة!
بالعودة للسؤال الأول
Getty Imagesقلنا في بداية التقرير ما هو مشروع ريال مدريد؟ بناء فريق قادر على المنافسة لسنوات طويلة، ولكن ما حدث لم يكن كذلك.
زيدان ليس المدرب القادر على تطوير المواهب الشابة، وفلسفته قائمة على امتلاك أفضل العناصر القادرة على الابتكار في الملعب دون الحاجة لتوجيهات وتعليمات خاصة، ربما لأنه كان لاعبًا عظيمًا فلذلك يؤمن بقيمة اللاعب الفردي أكثر من مفهوم المنظومة.
لو كان الهدف بناء فريق للمستقبل، لكان الحفاظ على لوبيتيجي أو حتى جلب مدرب مثل بوتشيتينو الخيار الأفضل للنادي الملكي.
ولو كان الهدف هو جلب الألقاب تباعًا والاحتفاظ بالنجوم وتجاهل المواهب الشابة والاستمرار على فلسفة الجلاكتيكوس التي تبعها بيريز لكان قرار عودة زيدان هو الخيار المثالي.
ما حدث أنّ ريال مدريد حاول بناء فريق للمستقبل بمدرب يؤمن بالجيل الحالي أكثر من إيمان الجيل ذاته بنفسه، المشروع فسد وثبت أنّ الأمر ليس مخططًا له بالشكل المتوقع، بل فقط محاولات لتجنب الدخول في أزمات مع قانون اللعب المالي النظيف.
هل أخطأ ريال مدريد بالتفريط في لوبيتجي؟ ليست هذه الأزمة ولكن الأزمة هل فكّر ريال مدريد جيدًا قبل التعاقد مع لوبيتيجي ومنحه الفرصة؟ هل هناك مشروع وفكر وخطة داخل جدران الملكي أم أن الأمر فقط يخضع لهوى فلورنتينو بيريز؟