لا يقرر لاعبًا استمر لسنوات طويلة على ذمة فريق واحد، تربى في أكاديميته وعرفه العالم مرتديًا قمصيه وحقق كل الألقاب الممكنة معه، الرحيل عن ناديه سوى بعد أن يفيض به الكيل ويصل لمرحلة اللا عودة.
ليونيل أندريس ميسي، أسطورة برشلونة وهدافه التاريخي وأكثر من صنع أهدافًا في تاريخه، وأكثر من حصد بطولات معه قرر أن يرحل في الصيف الماضي، لكن بسبب إجراءات قانونية سمح لنفسه بالبقاء لموسم واحد إضافي ليحلل ويقرر ما الذي سوف يفعله في السنوات المقبلة.
صحيح أنّ ميسي لم يحدد حتى الآن موقفه النهائي ولم يقرر مغادرة النادي أو تجديد عقده، حتى أنّه صرّح بذلك في حواره الأخيرة مع القناة السادسة الإسبانية في ديسمبر الماضي، ولكن هناك مؤشرات تنفي فكرة تمديد عقده.
أزمات حالكة تكررت في الفترة الماضية وكلها تؤكد أنّ ميسي سوف يكون خارج برشلونة بحلول موسم 2021-2020.
تسريب العقد
El Mundoيبدو أنّ الصحافة بدأت لعبة إخراج ميسي من برشلونة مع وصوله للمرحلة التي تجعله قادرًا على التفاوض مع أي فريق يرغب في الرحيل إليه، وظهر ذلك بتسريب عقده ونشره علنًا.
لا يهمنا كثيرًا تفاصيل العقد والمبلغ الكبير الذي يحصل عليه ميسي أو حتى الشروط التي تظل محل جدل ونقاش، فأزمة تسريب العقد تدين الإدارة السابقة بقيادة جوسيب ماريا بارتوميو أكثر من إدانة البرغوث.
ولكن فكرة تسريب العقد ومعرفة الجميع بالتفاصيل الدقيقة للاعب في برشلونة أمر غير محبب للنفس دون شك، ولا يفضل أي لاعب أن يرى ما جرى في الغرف المغلقة والأمور التي تعنيه منتشرة على الملأ.
تسريب عقد ميسي أزمة كبيرة للبولجا، لأنّه أصبح دائمًا في مرمى نيران الصحافة، فتارة يتم التشكيك في ولائه لبرشلونة وأخرى يتم اعتباره كبش فداء أزمات النادي الكتالوني المالية.
الصداع الذي خلّفه انتشار العقد، تزامنًا مع هجمات سابقة للإعلام على ميسي تجعله يفضل الرحيل والبدء في مكان آخر أفضل بكثير من الاستمرار مع برشلونة.
الأزمات المالية
Gettyمن الواضح أنّ برشلونة يعاني بشدة من أزمة مالية، ولو كان عقد ميسي في 2017 قد وصل إلى نحو نصف مليار يورو فهذه ليست أزمة كبيرة نظرًا لأن الوضع الاقتصادي وقتها كان مستقرًا.
ولكن في حال التمديد لن يحصل ميسي على هذه الامتيازات المالية على الاطلاق، بل حتى بعد تسريب العقد للإعلام، قد تضطر الإدارة لتخفيض حقوقه المالية بشكل كبير وربما تصل إلى 50% أو أكثر.
في هذا التوقيت، هناك فرق مثل باريس سان جيرمان وكذلك مانشستر سيتي لديها قدرات مالية خرافية قادرة على الحفاظ لميسي على الراتب ذاته بل وربما أكثر، بجانب بالطبع امتيازات إضافية.
صحيح جائحة كورونا أضرت بالعديد من الأندية، لكن برشلونة هو الأكثر ضررًا ولن يتمكن أبدًا من الحصول على المبالغ ذاتها حتى لو حصل على وعد بتحسين الوضع المالي في السنوات المقبلة.
خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني، أشار إلى ذلك بالحديث عن الضرائب التي تدفعها الأندية عن اللاعبين، وأنّ ميسي دفع أكثر من مائتي مليون يورو لمصلحة الضرائب لكنّه لو سافر إلى إيطاليا ولعب هناك لدفع نحو نصف المبلغ أو ربما أقل.
هذه القوانين تجعل حصول ميسي على راتب مرتفع أمر شبه مستحيل، والخيارات المتاحة في بلاد أخرى ودوريات مختلفة وأندية ذات اقتصاد أكثر استقرارًا وثباتًا من برشلونة أفضل بمراحل.
المشروع الرياضي

لا يزال المشروع الرياضي في برشلونة مبهمًا، وشاهدنا ما حدث في انتقالات يناير وأزمة التعاقد مع إيريك جارسيا والتي انتهت في الأخير ببقاء اللاعب مع مانشستر سيتي وإيقاف المفاوضات.
جارسيا كان موافقًا على الانضمام لبرشلونة وخفض راتبه والحصول على 3 ملايين يورو فقط، لكن الصفقة لم تتم والسبب عدم الاتفاق بين المرشحين الثلاثة.
حتى الآن وبسبب تأجيل الانتخابات إلى مارس المقبل، فإنّ الشكل الرياضي لبرشلونة غير واضح المعالم، وحتى مع وجود رئيس جديد فلن يتم بناء المشروع الرياضي سريعًا بسبب الأزمات الاقتصادية.
وعليّه، فإنّ مشاريع مثل مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان وغيرها من الفرق أكثر وضوحًا وأقرب لتحقيق البطولات الكبرى عن برشلونة، ولذلك ليس من المستنكر أن يغادر البرغوث.
ميسي نفسه تحدث في حوار مع جول والذي كشف عن استمراره مع برشلونة أنّه يخشى غياب المشروع الرياضي، وبما إن الضبابية تسيطر على هذا الأمر فلا سبب منطقي يدعوا الهداف التاريخ للنادي الكتالوني للبقاء!


