الإصابات هي الدّاء الأول الذي يعاني منه لاعبو كرة القدم، وقضت على مسيرة العديد من اللاعبين، وكان يمكن أن ينضم لهم بطل قصتنا، النجم الإسباني سانتي كاثورلا، الذي قضى 636 يومًا دون أن يركل الكرة.
بعد المضاعفات الناجمة عن إصابة بقطع في وتر أخيل والتي وصلت إلى ذروتها في أكتوبر 2016، كان تشخيص الأطباء لتلك الإصابة قاتمًا، لدرجة أن كاثورلا قال لصحيفة ماركا في العام الماضي "قالوا لي إذا استطعت المشي مجددًا مع ابنك في الحديقة، فهذا جيد".
وتابع "أبلغوني بأني قدمي معرضة للبتر لاكتشاف الغرغرينا فيها، والتي أتت على نحو 8 سم من وتر العرقوب".
ربما لم يكن ليلومه أحد لو علق حذائه آنذاك، لكن كاثورلا لم ييأس، وبعد 10 عمليات جراحية، ضحى بجلد يده من أجل النهوض بقدمه، إذ قام الأطباء بزرع جلد يده مكان جرحه الغائر بقدمه، ليقوم كاثورلا بوشم الجلد باسم طفلته.
اللاعب الذي نادرًا ما يبتسم عندما يعطي لمحة فنية رائعة، قرر عدم ترك مسيرته في الملاعب تنتهي بهذه الطريقة المحبطة، وكافح الإصابة بأسنانه وأظافره لمدة عامين، مودعًا ملعب الإمارات من أجل العودة للملاعب.
وقال المايسترو في عام 2019 "كنت أشعر دائمًا بدعم الجميع في آرسنال، أفضل ما خرجت به من تلك التجربة هو حب الجمهور. وللأسف لم أودعهم كما رغبت وأنا في الملعب، سبب لي ذلك ألمًا كالشوكة في خاصرتي".
Gettyعاد كاثورلا إلى إسبانيا بعد انتهاء عقده مع آرسنال في صيف 2018، وقرر التدريب مع فريق شباب آلافيس من أجل استعادة لياقته البدنية.
عقب ذلك أمضى تحضيرات ما قبل الموسم مع ناديه السابق، فياريال، وخاض مباراته الأولى بعد غياب دام 636 يومًا كبديل في ودية أمام هيراكليس، حيث تلقى ترحيبًا حارًا من كافة المشجعين.
وقع فياريال على الفور مع كاثورلا للمرة الثالثة وعلى الرغم من أن عودته إلى المادريجال كانت ممتلئة بالمشاعر، إلا أنها لم تكن على سبيل التكريم أبدًا.
أثبت كاثورلا أنه لا يزال يتمتع بلمسة راقية ورؤية رائعة، وهو ما دلل عليه بتسجيل 4 أهداف وصناعة 10 في الموسم الماضي.
كما ساهمت مستوياته المميزة في إيصال الغواصات الصفراء لربع نهائي الدوري الأوروبي، ليحصل في نهاية الموسم على جائزة أفضل لاعب في النادي.
كوفئ كاثورلا على مثابرته وعودته المثالية من كابوس الإصابة بالعودة لتشكيلة المنتخب الإسباني في مايو الماضي، ليظهر للمرة الأولى منذ 1302 يومًا بقميص اللاروخا في الفوز 4/1 على جزر فارو.
وقال كازورلا متحمسًا "لعب مباراة واحدة على أعلى مستوى كان أمر بعيد المنال، لذلك أن تلعب بقميص المنتخب مرة أخرى كان أمرًا لا يمكن تصوره بعد كل شيء مررت به، ربما كانت هذه رسالة للاعبين في عمري أنه لا يجب أن تستسلم أبدًا".
وواصل "كانت هناك لحظات فكرت فيها في الاستسلام، لكن قررت المضي قدمًا".
واصل كاثورلا عطاءاته المميزة في الموسم الحالي، حيث سجل 4 أهداف وصنع 3 في 8 مباريات، من بينهم هدفه الرائع من تسديدة بعيدة المدى في شباك برشلونة، برهن بعدها أنه "مثل النبيذ، كلما ازداد عمره أصبح رائعا أكثر"، وأنه لا يزال قادرًا على التألق في أفضل المستويات.
بالنسبة للاعب كان مهددًا بعدم المشي مجددًا، فقصة كاثورلا يجب أن تكون ملهمة لأي لاعب على سرير العلاج ويتساءل عما إذا كانت لديه القوة والرغبة للعودة للشيء الذي يُحبه. عودة كاثورلا للملاعب هي واحدة من القصص الخيالية العظيمة في كرة القدم.