مع اندلاع أزمة فيروس كورونا وما خلفته ربما من تدمير اقتصادي لعدد كبير من الأندية حول العالم، بدأ الحديث عن "نهاية" أسطورة كرة القدم بنهاية الأموال فيها، ولكن مرة أخرى تصمد الساحرة المستديرة، وليس هذا فحسب بل إنها ترسل رسالة للجميع بإنها الرياضة الأمتع داخل وخارج الميدان، والدليل على ذلك هو سوق الانتقالات الصيفية 2021.
في السابق قيل أنه من وحي المعاناة يُخلق الأبطال، وفي حالة كرة القدم، فمن وحي المعاناة تخرج الإثارة. لقد عاشت جماهير المستديرة سوقًا صيفيًا أقل ما يوصف بالأسطوري والتاريخي، يفوق كل الأسواق التي اكتظت فيها خزائن الأندية بالأموال من قبل.
لكن، كيف تحققت تلك الإثارة؟ إنه جوهر كرة القدم وحقيقة أن الأندية والإدارات تخرج بالابتكارات الفذّة لإنقاذ أنفسها من أجل الصمود، ولعل ميركاتو 2021 كان مثالًا حيًا على تأكيد هذه الفكرة.
ليونيل ميسي يترك برشلونة بعد عقود، كريستيانو رونالدو يُنهي رحلته مع يوفنتوس، أنطوان جريزمان إلى أتلتيكو مدريد، قضية كيليان مبابي وتحركات ريال مدريد الرزينة، وتشيلسي الذي يبني مستقبله بمثالية، كانت أبرز معالم الميركاتو.
مبابي وبوجبا وهاري كين وأبرز الصفقات التي لم تتم في سوق الانتقالات الصيفية 2021
وفي هذا التقرير نستعرض معًا بعض العناصر التي ساهمت في تحويل ميركاتو من مجاني فقير إلى أحد أهم الأسواق في تاريخ الكرة.
التخلص من الرواتب الضخمة
العنصر الأول الذي يمثل المعاناة كان نفسه من وُلدت من وحية كل تلك الإثارة كانت رواتب اللاعبين الضخمة وضرورة التخلص من هذه الأزمة، فاضطرت الأندية إلى التنازل كثيرًا، وهو ما أنتج تحركات مفاجئة.
المثال الأبرز على ذلك كان كريستيانو رونالدو، يوفنتوس في سبيل التخلص من راتبه البالغ 30 مليون يورو، قبلت بيعه بثمن بخس لا يتخطى 23 مليون يورو، والأمثلة في هذه النقطة تكثر في برشلونة الذي بدأ حقبة ما بعد ليونيل ميسي خضوعًا لحقيقة الأزمة الاقتصادية.
الاستقرار لدى البعض
في وقت كانت الأغلبية تعاني، تواجد استقرار لدى البعض الآخر، الحديث هنا بصورة أساسية عن مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان وتشيلسي، وما نتج عليه من تدعيمات مثالية لهم تشعل المنافسة في أوروبا ككل.
هذا إلى جانب الأندية التي حسّنت من وضعها الاقتصادي بذكاء ودقة استثنائية، بالتحديد ريال مدريد وأتلتيكو مدريد وبوروسيا دورتموند، فنجد تقريبًا أن هذه الأندية دعمت نفسها بما تحتاجه ومن دون خسائر كبيرة تذكر.
تحديات ومواهب
زادت التحديات على أغلب نجوم كرة القدم في السنوات الأخيرة، سواء لفشلهم أو حتى للاكتفاء من النجاح الضخم الذي حُقق في وقت سابق.
ما حدث لجريزمان ورونالدو جعلهما يبحثان عن مخرج، بينما بحث لوكاكو وأشرف حكيمي عن تحدٍ جديد ناجح، مع التحدي الأكبر لجادون سانشو وجاك جريليتش مع أندية أكبر.
ومن حسن حظ كرة القدم أيضًا في الفترة الحالية أنها اكتظت بمواهب مميزة وعددها كثير، بالتالي كانت حركة التنقلات كثيرة والاعتماد على الشباب تحديدًا زاد بصورة واضحة.
يمكن القول في النهاية أن الأزمة الاقتصادية تسببت في بيع الأندية لنجومها، في وقت كانت هناك أندية مستقرة فاستغلت ذلك بصورة مثالية، ولكن أتى منطق التحديات وكثرة المواهب لتعويض من رحلوا والنتيجة سوق انتقالات أقل ما يوصف بالتاريخي والمجنون، بدون أي منطق!
