تنويه: حرق لمسلسل Game Of Thrones بين الموسمين الأول والثالث في الفقرتين الخامسة والسادسة.
"كيف سأستقبله يوم السبت؟ بنفس الطريقة التي سيتبعها أب مع ابنه الذي أغضبه" – ماوريتسيو ساري مازحاً بشأن عودة جونزالو هيجوايين لمواجهة نابولي بقميص نابولي (أكتوبر 2016).
قدم هيجوايين موسماً خرافياً مع نابولي بقيادة ساري، سجل به 36 هدفاً وهو الرقم القياسي لهداف الكالتشيو في موسم واحد، ثم انتقل في الصيف التالي مباشرةً إلى يوفنتوس مقابل 95 مليون يورو، لينظر إليه جمهور سان باولو باعتباره خائناً.
الآن، تدور الدائرة من جديد، ويتحول الأب الغاضب إلى أب خائن ينتظره شر استقبال من أبنائه جميعاً حين يعود إلى سان باولو مدرباً ليوفنتوس.
الأمر لا يخفى على أحد، لورنزو إنسيني قائد نابولي صرح بشأنه بالفعل قائلاً:"إذا ذهب ساري ليوفي سيكون الأمر خيانة لنا كأبناء نابولي. اختياره ليوفي سيؤلمنا، ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا حقيقة أن المدرب محترف ومنحنا كل شيء حين كان في نابولي، إنه قراره، وإن كنت أتمنى أن يعدل عنه في النهاية".
للأسف يا لورنزو، والدك لم يتراجع وتم الإعلان عنه اليوم مدرباً لأكثر ما يكرهه كل مشجع لنابولي بل كل جنوبي بمعنى الكلمة، فصراع يوفنتوس ونابولي ما هو إلا حلقة أخرى من حلقات الصراع بين الشمال والجنوب المتنافرين بدايةً من الثراء والفقر ووصولاً إلى صلصة المعكرونة! الأمر يشبه إلى حد ما عائلتي "ستارك" و"لانستر" من المسلسل الشهير لعبة العروش، الفارق أن الأغنياء يسكنون الشمال تلك المرة، وأن الجنوب هنا هو من يتذكر.
ولكن لنكُن متفائلين، لنفترض جدلاً أن الجنوب سينسى وسيسامح، أو على أقل تقدير سيقتصر الأمر على ليلة المباراة، مع تسليمنا باستحالة ذلك عملياً، كون ساري قد وُلد في مدينتهم من الأصل وفقاً لما قاله، وقد أقنعهم تمام الإقناع بكونه واحد منهم، فقط تخيل أن يملك "ثيون جريجوي" عذراً منطقياً للخيانة أكثر منك.
سنستمر في كوننا متفائلين وسنتجاوز قضية نابولي الآن، كون الرجل يملك تاريخاً مليئاً بالعداء والكراهية مع يوفنتوس، ولكن الآن الأمر لا يبدو إلا كجزء من القسم الدستوري لأبناء البارتينوبي. ساري –وفقأً لما رصده تقرير موقع فوتبول لندن- لم يتردد أبداً في الحديث بسوء عن يوفنتوس كنادٍ وثقافة، أعرب عن شراكته مع جمهور نابولي في مشاعر العداء الخالصة للبيانكونيري، منتقداً تأثيرهم على حكام الدوري الإيطالي وجدول المباريات كما أكملها بأنه "ما كان لينضم لهم أبداً".
(ساري يتهم يوفنتوس بتعاطي المنشطات)
كل هذا لا يُقارن بتلك الليلة التي اتجهت بها حافلة نابولي صوب تورينو، في ظل تقدم يوفي بفارق 4 نقاط قبل أن يقلصهم نابولي لنقطة واحدة برأسية كوليبالي في الوقت القاتل، حيث أعدت جماهير يوفنتوس استقبالاً ساخناً لحافلة الغريم، ووسط الهتافات والسباب والأجواء المشتعلة، قرر ساري أن يخبر جماهير يوفنتوس بشعوره تجاههم عن طريق إصبعه الأوسط!
حديثنا السابق عن ساري كمدرب ناجح لا يتنافى إطلاقاً مع حقيقة كونه متلون، أو شخص دفعته الظروف صوب التلون، النتيجة واحدة في الحالتين. قبل رحيله عن نابولي صوب تشيلسي أكد إخلاصه لناديه الحالي مع رغبته في الانتقال إلى البريميرليج، ومع فوزه بلقب الدوري الأوروبي هناك أهداه لجماهير نابولي، قبل أن يحدثهم عن حنينه للوطن والقرارات التي يضطر الرجل لاتخاذها من حين لآخر، وكأنه يخبرهم مسبقاً أن هذا ما سيحدث، وفي ظل صعوبة بقائه في تشيلسي بالوضع الحالي، بالتزامن مع العداوة التي باتت تجمعه بأوريليو دي لورينتس رئيس نابولي، تكتمل رواية الظروف الاضطرارية بشكل مثالي.
لنفترض أن الجنوب سيبتاع تلك الرواية في النهاية، ماذا عن جماهير يوفنتوس أنفسهم؟ هل يمكن لبعض الانتصارات أن تمحو هذا التاريخ؟ أم أن "الشمال يتذكر" هنا أيضاً؟ هذا ما سنعرفه قريباً..


