"الإحصائيات أمر مبالغ فيه"
"الإحصائيات ليست كل شيء"
"لو أردنا فقط الاعتماد على الإحصائيات، لشاهدنا المباريات عبر صفحات الجرائد"
الجملة الأولى قالها برناردو سيلفا متحدثًا عن نفسه ومؤكدًا أنّ تقييم مستواه لا يجب أن يخضع فقط للإحصائيات، والثانية كانت من مدربه بيب جوارديولا الذي امتعض من انتقاد الصحفيين لصفقة جاك جريليش
أما الأخيرة، فكانت نتاج حوار مع صديق لي يعمل في إحدى المواقع المتخصصة فقط في مجال الإحصائيات والأرقام وقال إن هذه الجملة هي شعار يسير به كل شخص يختص بجمع وسرد أرقام اللعبة.
ولكن الإحصائيات تلعب دورًا كبيرًا عند الجمهور، وكذلك لها قيمة خاصة عن المدربين وإلا لما رأينا صعود محللي الأداء وانتشارهم في الدوريات الأوروبية المختلفة وحتى في المنطقة العربية.
إذًا ما قيمة الاحصائيات؟ وهل تخدعنا أم تكفي لتقييم كل شيء؟
لأننا لن نرى كل شيء
في البداية، لماذا يقرر الجمهور طواعية الاعتماد على الإحصائيات للحديث عن لاعب سواء بالإيجاب أو السلب؟
ببساطة لأننا لن نشاهد كل شيء، ليس فقط صعوبة متابعة جميع المباريات في توقيتها، ولكن لأن حتى الجلوس أمام الشاشة ومتابعة اللقاء لا يعني أبدًا أننا نشاهد كل شيء.
القاعدة العامة من الجمهور حينما تشاهد المباراة تتابع فقط حامل الكرة وتشيد به حينما يصنع فرصة أو يسجل هدفًا، بينما لا تنظر إلى اللاعب الذي لا يمتلك الكرة، وقد يكون تحركه المميز هو ما تسبب في الهدف من الأساس.
Gettyكما أنّ الجمهور الذي يتابع فريقه المفضل – وبالأخص في المباريات الكبرى – لا يشاهد اللقاء بعينه، بل بأعصابه، فهو ينفعل مع لقطة هنا وهناك، يطير فرحًا مع التسجيل ويسقط حزينًا مع استقبال الأهداف، فعلى سبيل المثال، من الصعب أن يكون هناك مشجع لريال مدريد تابع تفاصيل لقاء باريس سان جيرمان الأخيرة بأعصاب هادئة وبتركيز في التفاصيل، بالطبع قفز فرحًا وتهلل مسرورًا مع كل هدف وكل خطوة نحو التأهل.
ما هي الإحصائيات أصلًا؟
حينما تجد أحد الجماهير يتحدث عن أنّ أرقام اللاعب الفلاني غير جيدة، أو مثلًا التقليل من فوز لوكا مودريتش بالكرة الذهبية في 2018 بحجة ضعف أرقامه، فعليك أن تسأل، ما المقصود بالإحصائيات؟
الجمهور لا يرى كل الأرقام ولا يهتم بالإحصائيات التفصيلية أصلًا.
بمعنى أنّ أرقام المهاجم تنحصر فقط في الأهداف، فالإحصائيات تعني كم سجل فلان؟ والتفصيل ربما يكون في الهدف بالرأس أم بالقدم اليمنى أم اليسرى.
لو لاعب وسط البعض يركز على صناعة الأهداف فقط، ومن كان منصفًا قليلًا قد يضيف صناعة الفرص كذلك.
Pressbox/Gettyولو مدافع يتم التركيز فقط على الاعتراضات الناجحة وبالأخص تلك البارزة التي يراها الجمهور، فمثلًا لا أحد يهتم باعتراض مسار الكرة Interception الذي يوضح جودة تمركز المدافع، طالما لم يقم المدافع بالزحلقة على الأرض وقطع الكرات فهو لم يفعل شيئًا!
الجمهور يركز فقط على الأرقام السطحية، القشور المباشرة التي لا تكشف عن كل شيء، وبالتالي يندهش البعض من اعتبار ليونيل ميسي نجم عدد من المباريات رغم أنّه لم يسجل أو يصنع، والسبب بسيط أنّ مهامه أكبر من ذلك.
ففي عالم الأدوار المركبة للاعبين أصبح من الصعب على الجمهور استيعاب الكم الهائل من البيانات وفضّل التركيز على الألوان الأساسية فقط حتى لا يضطر للتحديق محاولًا التفرقة بين اللونين الكشمير والزهري.
ولذلك لن يهتم أحد بمعرفة الأرقام التي تشرح معدلات الضغط أو التمريرات الأمامية أو حمل الكرة أو غيرها من الأرقام التي تشرح تفاصيل أكبر لأدوار كل لاعب.
هل الإحصائيات مفيدة؟
بالطبع مفيدة، فرق كبيرة تأسست بشكل واضح اعتمادًا على الأرقام، سواء برشلونة مع بيب جوارديولا أو ليفربول رفقة يورجن كلوب.
الأرقام لا تقتصر فقط على تقييم أداء اللاعبين وتحديد عيوبهم ومميزاتهم، ولكن تلعب دورًا كبيرًا في سوق الانتقالات، ولنا في تجربة برينتفورد خير دليل.
Gettyالإحصائيات ساعدت الكثير من الأندية في عالم كرة القدم على بناء عناصر قوية للمنافسة، سواء للتفوق وحصد الألقاب كما حدث مع ليفربول ومانشستر سيتي، أو إعادة البناء مثلما يحدث مع برشلونة وآرسنال، أو حتى للمنافسة بميزانيات ضعيفة كما يفعل ريال بيتيس وبرينتفورد وغيرهم.
ولكن ما يحدد قيمة الأرقام هو تحليل هذه الأرقام ومحاولة فهم واستنتاج ما يأتي خلفها، ومحاكاة هذه الأرقام على برامج دقيقة للتوصل لفهم أكثر لإمكانيات كل لاعب وتطويرها.
وبالتالي الإحصائيات ليست كل شيء، لكنّها أداة لو وُضعت بيد الشخص المناسب لصنع بها الأمجاد وجلب البطولات، ولكن لو في يد شخص لا يعرف قيمتها سوف ينظر إليها بلا قيمة كشخص لا يعرف الفن يحاول فهم ألواح بيكاسو!
اقرأ أيضًا:
صدق ميسي وكذب رونالدو .. البرغوث يثبت تفوقه على صاحب الصوت العالي
كفاك نفاقًا يا كلوب .. شئت أم أبيت، صلاح الأفضل في ليفربول!
مبابي .. هذه "شخصية البطل" احسم قرارك وعش ليالي الأبطال كما يجب
