"من يقيل مدرباً أخذك لنهائيين أوروبيين على التوالي؟" سؤال طرحه جوزيه مورينيو مؤخراً في واحدة من مداخلاته الإعلامية المتعددة بجميع أنحاء العالم عقب إقالته من تدريب روما لسوء النتائج.
يكون دائماً "الاستثنائي" كما لقب نفسه قبل سنوات عديدة بظهوره الأول مع تشيلسي رجلاً مميزاً عند الحديث مع الإعلام، يعرف كيف يكون مادة دسمة لمن هم أحياناً سلاحاً يستغله لتخفيف الضغط عن فرقه ولاعبيه، أو يمثلون الأعداء الذين يسعون لهدم إنجازاته.
لا تنسى عزيزي القاريء أن الحديث هنا ليس عن شخصية إعلامية أو نجم سابق معتزل ولكن أحد أبرز المدربين في تاريخ اللعبة المُتوج مرتين بدوري الأبطال وحقق الثلاثية الخالدة ودرب أمثال ريال مدريد، إنتر، مانشستر يونايتد، تشيلسي، وبورتو، ولا يزال نشطاً في المجال ولكن مؤخراً مسيرته لا تعبر عن قيمته الحقيقية.
في اليوم الذي أُعلن فيه عن تواجد البرتغالي لتحليل نهائي دوري أبطال أوروبا مع قنوات "TNT" رفقة ريو فيرديناند والبقية، تم الكشف عن هوية النادي الجديد الذي سيتولى تدريبه مورينيو، فنربخشه التركي.
المباراة التالية
حتى 2018 وانتهاء محطة مانشستر يونايتد التي اعتبرها البعض فشلاً وآخرون إنجازاً كما قال مورينيو نفسه، كانت مسيرة الرجل تليق به، هذا المدرب صاحب الإنجازات والبطولات أينما حل، حتى في مانشستر قاد الفريق لمنصات التتويج، ومركز ثاني خلف سيتي جوارديولا لم يكن يدرك الكثيرون وقتها أن هذا سيعد الأمر الطبيعي، واسألوا يورجن كلوب وميكيل أرتيتا!
اختار مورينيو العودة سريعاً للتدريب من بوابة توتنهام لأنه بحسب تعبيره لا يعرف كيف يعيش دون المهنة، حسناً، مقامرة كبيرة مع نادي يصنف من الكبار ولكن لا يملك أي من صفاتهم، والنتيجة فترة كارثية وصفر ألقاب وإقالة مهينة قبل الفرصة الوحيدة لتحقيق لقب، مما أعطت "الاستثنائي" ذريعة للشماتة في ناديه السابق حتى يومنا هذا بعبارة "من يقيل مدرباً قبل نهائي وأنا فزت بنصف بطولة مع سبيرز"، ولكن المؤشرات كانت واضحة أن مورينيو ليس نفس الشخص.
شهور قليلة وعاد مورينيو مجدداً، هذه المرة من بوابة إيطاليا حيث حقق الأمجاد مع إنتر وكانت له صولات وجولات ضد كارلو أنشيلوتي عندما درب ميلان ثم تشيلسي، وبدأ صراعه الشهير مع جوارديولا، واختار مشروع روما الجديد مع الأمريكيين، ناد آخر كبير ولكن دون طموحات مدربه الجديد ولا عقليته التي يفترض أنها لا تعرف إلا لغة البطولات.
قاد مورينيو روما للقب كأس المؤتمر ونهائي الدوري الأوروبي، وعادت شخصيته المشهورة للحياة في البيئة الإيطالية العاشقة لصناعة الجدل الإعلامي، وبدت علامات الحياة تعود للبرتغالي، ولكن على الصعيد "الكروي"، أدرك الكل أن مورينيو منتهي، نفس التكتيكات التي كان يعتمدها في 2010 مع إنتر، ونفس التبريرات والمشاكل، والنتيجة أن في عامه الثالث انهار الفريق وانقلب السحر على الساحر وتمت إقالته، لتخرج مرة أخرى اتهاماته الشهيرة عن "مؤامرات نجومه عليه وكيف تفرط الإدارة في مدرب أعاد لهم البطولات".
لماذا لا يعتزل مورينيو؟ 61 عاماً تعد عمراً ليست كبيرة في أوساط المدربين ولكن يفترض أن يتمتع صاحبها بالحكمة ليميز أنه بدأ يضل طريقه، عندما تتدرج من العمل مع ريال وإنتر ويونايتد إلى فئة روما وسبيرز، ثم الآن تقبل بالعمل في تركيا مع فنربخشه لتتحول صراعاتك من جوارديولا وأنشيلوتي إلى أوكان بوروكو وأردا توران، فيجب أن تنظر لنفسك طويلاً في المرآة.
يحب مورينيو التدريب وهذه حقيقة لا يمكن الجدال فيها، ويعيش على العمل اليومي والتواصل مع لاعبيه والإعلام بشكل مستمر، ولذا لا يحبذ فكرة المنتخبات، ولا عيب أن تخوض تجارب مختلفة في بلدان أقل عما اعتدت العمل به، ولكن أن تظل عند ظنك بأنك ضمن الأفضل في العالم فهذا سيكون صحيحاً لو كنت تتحدث كمحلل في إستوديو كنجم سابق اعترف أخيراً بأن أتت لحظة التوقف كما فعلها أرسين فينجر وكثيرون أدركوا أن لا بأس، يمكنني أن أظل "استثنائياً" دون أن أحاول إثبات ذلك وأن غير مدرك بأن مع كل خطوة أخطوها أقلل من قيمتي ومسيرتي.