لم يكن أشد المتفائلين من جمهور ليون يتوقع أن يصل النادي الفرنسي إلى أبعد من دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا، إلا أن أحد عمالقة الكرة الفرنسية عبر التاريخ حقق المفاجأة وتمكن من بلوغ نصف النهائي بإقصاء ثنائي كان من المرشح للظفر باللقب وهما يوفنتوس بقيادة كريستيانو رونالدو ثم مانشستر سيتي وفي سُدة حكمه المدرب الفيلسوف الكبير بيب جوارديولا.
يمتلك ليون حاليًا كوكبة من اللاعبين المميزين الذين يلقون اهتمامًا من أغلب أندية أوروبا الكبيرة كموسى ديمبيلي وممفيس ديباي، ولكن لم تكن تلك الكوكبة لتذهب بعيدًا بدون مجهود شخص واحد، هو من رتبهم ووضع كلًا في مكانه الصحيح وعمل على إعادة الروح إليهم، إنه المدرب رودي جارسيا.
للمدرب البالغ من العمر 56 عامًا باع طويل للغاية في كرة القدم الفرنسية، حيث توِّج بطلًا للثنائية المحلية في 2010-2011 مع الفريق التاريخي لليل، وأشرف على تدريب عدد من أبرز أندية البطولة على رأسها مارسيليا.
رُغم ذلك لم يكن جارسيا يومًا هو المدرب المحبوب من جماهير ليون، بل على النقيض، ثارت الجماهير ضده في أكثر من مناسبة منذ وصوله إلى تدريب الفريق في منتصف هذا الموسم بعد البداية المتعثرة للنادي وتواجده تقريبًا في مراكز الهبوط.
مهرج
Social mediaتعرض جارسيا إلى هجوم ضارٍ من جمهور ليون على مدار الموسم خصوصًا وأن النتائج معه لم تتحسن بالقدر المطلوب، ومن المعروف أن جمهور هذا النادي ربما من أقوى الجماهير على مستوى العالم، والنتيجة المنطقية لذلك كان هجومًا من نوع استثنائي على المدرب المخضرم.
مدرجات ملعب الأضواء ارتسمت فيها هتافات معادية ومسيئة من رودي جارسيا، إذ نُعِت بـ"المهرج" مع تركيب وجهه على صورة مهرج بوسائل التواصل الاجتماعي، ولم تتوقف الجماهير عن المطالبة برحيله خلال فترة ما قبل توقف كرة القدم بسبب فيروس كورونا.
نتيجة لذلك نشر الحساب الرسمي لليون تهديدًا للجماهير المسيئة بأنها إن لم تتوقف عن الأمر فسيتم اللجوء إلى القضاء، رد الفعل كان أسوأ، فالجمهور لم يتوقف أو يخف، بل كانت ردوده كلها بصورة جارسيا كمهرج.
القدر والفرصة الثانية
بنسبة كبيرة لن يشارك ليون في منافسات دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل بسبب احتلاله للمركز السابع من الدوري الفرنسي، هذا الأمر كان سببًا في قيام الرئيس جان أولاس برفع قضايا عديدة ضد الاتحاد الفرنسي اعتراضًا على إلغاء المسابقة وعدم استكمالها على شاكلة بقية المسابقات الأوروبية.
الفرصة الثانية أتت الآن لجارسيا وهي أن يصبح بطلًا لدوري الأبطال وبالتبعية يضمن التواجد الموسم المقبل بالبطولة، وإن بدت الفرصة صعبة، ولكن هذا الذي أخرج سيتي ويوفنتوس تبدو جميع الخيارات متاحة أمامه في الأيام القليلة المقبلة بالعاصمة البرتغالية لشبونة.
يمكن فهم كره جماهير ليون لجارسيا باعتباره كان أحد أسباب المركز المتواضع على صعيد الليج آ، فإن غاب الفريق عن منافسات دوري الأبطال الموسم المقبل، سيكون هو الغياب الأول منذ 21 عامًا عن المسابقة الأوروبية الأعرق.
تخصص أوروبا
ربما عوّض ما حققه جارسيا مع ليون بإعادته لنصف النهائي للمرة الأولى منذ ما يقرب عشر سنوات، الإخفاق المحلي، وكذلك خسارة كأس فرنسا بركلات الترجيح على حساب باريس سان جيرمان، لكن الأكيد أن الجمهور لن يغفر له أخطائه التي ستتسبب في الغياب الأوروبي العام المقبل.
من الجدير بالملاحظة أن جارسيا من المدربين الفرنسيين القلائل على صعيد الليج آ الذي تمكن في الآونة الأخيرة من قيادة الأندية الفرنسية إلى المنافسة في أوروبا، فهو كان من أوصل مارسيليا منذ عامين إلى نهائي الدوري الأوروبي قبل الخسارة من أتلتيكو مدريد بهدفين نظيفين، والآن يُكرر الأمر بصورة أقل حدة مع ليون على صعيد دوري الأبطال.




