بشق الأنفس، نجح ريال مدريد في الظفر بثلاث نقاط هامة من رايو فاييكانو بالفوز عليه بهدفين لهدف، في مباراة كانت بمتناول النادي الملكي، ولكن بصورة غير مفهومة تحوّلت الأمور وكاد الضيوف أن يخرجوا بنقطة رغم تأخرهم مع نهاية الشوط الأول بهدفين نظيفين.
مديح أنشيلوتي يكثر في الشوط الأول، لكنه ينعدم في الشوط الثاني، وهو ما يطرح سؤالًا حقيقيًا حول المدرب الإيطالي وقدرته الفعلية على الذهاب بعيدًا بريال مدريد، فما ظهر في أول 45 دقيقة يقول أننا أمام منافس على دوري أبطال أوروبا، أما في آخر ربع ساعة من اللقاء، الآية معكوسة تمامًا.
يمتلك ريال مدريد كوكبة من أفضل اللاعبين في العالم رغم محاولة البعض التقليل من ذلك، هذا يمنحه الأفضلية، لكن تظل قرارات المدرب هي الفاصلة، وما فعله أنشيلوتي اليوم من شأنه أن يُثير القلق لا محالة بين صفوف جماهير سانتياجو برنابيو.
البداية المثالية
أدرك أنشيلوتي في الشوط الأول حقيقة رايو فاييكانو، إنه فريق يطمح إلى لعب كرة قدم جيدة مهما كان المنافس، والنتيجة لذلك أنه منحه الكرة واعتمد على جودة فريقه في التحولات، فكانت النتيجة هدفين أنهيا المباراة من الناحية الفعلية.
هذا هو السهل الممتنع، إن ذكرنا بشيء فيعود بنا إلى الخلف 24 ساعة، عندما بدأ الأهلي مباراة قمة الكرة المصرية أمام الزمالك بنفس الأسلوب، وكانت النتيجة ثلاثية نظيفة في أقل من نصف ساعة.
مجرم حرب، رجل سينما، عدو النصر وأكثر رؤساء الأندية إثارة للجدل
هذه البداية المثالية إما أن تبني عليها انتصارًا تاريخيًا أو حتى انتصار بأقل المجهود، أو تُدخل نفسك في الصعاب، ويبدو أن أنشيلوتي قرر أن يسير بنفس الاتجاه الذي سار به بيتسو موسيماني بالأمس وتصعيب دقائق أخيرة على فريق يُعاني في الأساس من إرهاق شديد.
الاستهتار غير المبرر
في الشوط الثاني استحوذ ريال مدريد على الكرة، كانت الفرصة سانحة لإدراك الكثير من الأهداف، بصورة غريبة أضاع الملكي تلك الأهداف، فينيسيوس جونيور بثقته الزائدة عن الحد لم يستطع تقديم الإضافة المنتظرة منه بإحراز هدف يمحو أية آمال، والنتيجة كارثية.
من اللا شيء عاد رايو فاييكانو في المباراة، تمامًا كما حدث من الزمالك أمام الأهلي، بجودة رادميل فالكاو انقلبت الأمور رأسًا على عقب، وهنا مفهوم قيمة الحسم الغائب عن ريال مدريد في الفترة الأخيرة بصورة واضحة.
الأزمة الكبرى لم تكن فقط في استهتار اللاعبين، بل في القرار الذي اتخذه أنشيلوتي، وهو التراجع واللعب على الأعصاب.
التبديلات التي قام بها المدرب الإيطالي بإخراج أفضل أوراقه والاستعانة ببدلاء من الناحية الفعلية لا يمكنهم توفير الإضافة كانت غريبة، فالمفترض أن هذا ريال مدريد ولا يتراجع أبدًا أمام الصاعد حديثًا للدوري الإسباني.
لكن عوضًا عن ذلك، الإيطالي ارتكب نفس خطيئة موسيماني، أخرج الأفضل وعاد للخلف، من حسن حظه أن توني كروس أخرج الكرة من حلق المرمى في الثواني الأخيرة، وإلا خسر نقطتين لم يكن ليلوم أحدًا إلى نفسه عليهما.
تقليد كرة القدم مؤخرًا
كرة القدم تقسم إلى عصور، الأكيد أن العصر الحالي هو عصر الهجوم ولا غيره، ومن يراهن على الدفاع خاسر، فالجنون هو السمة المميزة للساحرة المستديرة، حقيقة يجب أن يدركها أنشيلوتي ومن قبله بيتسو موسيماني.
التراجع أمام خصم منكسر وفي أسوأ حالاته ليس حلًا، حتى عندما يسجل هدفًا يفترض أن تستغل اندفاعه وتحرز آخر وتقتل المباراة، لكن بغرابة شديدة كان قرار أنشيلوتي بعدم المجازفة، التي هي في حد ذاتها المجازفة الأكبر هذه الأيام.
عصر الهجوم والكرة المجنونة الذي يعيشه العالم يقول حقيقة هامة لأنشيلوتي وموسيماني وأهم رواد الدفاع في العالم كجوزيه مورينيو وماسيميليانو أليجري، التراجع لن ينجم عنه سوى الكوارث، الآن عصر الهجوم وسحق المنافس، وإلا سقطت ضريبة للـ"جبن".
