فشل منتخب مصر في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2022 بخسارته أمام السنغال بركلات الجزاء الترجيحية في المواجهة الفاصلة في تصفيات إفريقيا لمونديال قطر.
مصر استطاعت الفوز ذهابًا في القاهرة 1-0 وقد حققت السنغال نفس النتيجة اليوم في لقاء الإياب، ولذا لجأ الفريقان لركلات الجزاء الترجيحية بعد الأشواط الإضافية والتي ابتسمت لصالح أصحاب الملعب ومنحتهم بطاقة التأهل.
اقرأ أيضًا | موعد قرعة كأس العالم 2022، القنوات الناقلة والمنتخبات المتأهلة
وفيما يلي تحليل اللقاء بناءً على أحداث كل شوط ..
الشوط الأول | المصائب لا تأتي فرادى! ورب إصابة نافعة
لا أعتقد أنني رأيت أداءً أسوأ لمنتخب مصر مما كان في الشوط الأول من مواجهة السنغال، المستوى كان متواضعًا لدرجة غريبة على جميع الأصعدة، ولولا بعض التفاصيل البسيطة من جانب أصحاب الملعب لحُسم اللقاء منذ هذا الشوط.
السنغال ألغت كل ما حدث في القاهرة بعد دقيقتين فقط من بداية المباراة، بإحراز الهدف الذي عادل النتيجة، وتلك كانت أول مصيبة للفراعنة في داكار، ولأن المصائب لا تأتي فرادى، توالت المصائب على المصريين من توتر شديد للاعبين وفقدان تركيز وغياب شخصية وخوف وتأثر رهيب من الأجواء وأخيرًا إصابة قلب الدفاع رامي ربيعة والظهير الأيمن عمر جابر.
المصيبة الأكبر من كل ذلك كانت أخطاء المدرب كارلوس كيروش في التشكيل وتوظيف اللاعبين واعتماد أسلوب اللعب، إذ الخطأ الأهم كان باستخدام محمد صلاح كمهاجم رغم أن فشل تلك الفكرة في نهائي كأس أمم إفريقيا، ومن ثم استخدام عمر مرموش الجناح الأيسر في الجانب الأيمن رغم تواجد خيار أفضل كثيرًا هو أحمد سيد زيزو القادر على مواجهة القوة البدنية للسنغاليين جيدًا، وقد تبادل اللاعبان مراكزهما خلال المباراة لكن دون أي نجاح لأي منهما.
BackpagePix.رأيت عدم الاستعانة بمصطفى محمد جيدًا في البداية، ظنًا أن المنتخب سيلعب على الأرض ويُحاول استغلال مهارة وسرعة الثلاثي الأمامي، لكن للأسف واصل المنتخب المصري الاعتماد على الكرات الطويلة فقط لا غير، نتيجة أمرين .. تعليمات مدرب وعجز وخوف اللاعبين من استلام الكرة والخروج بها من الخلف للأمام.
الكرات الطويلة كما قلت في تحليل لقاء الذهاب أسلوب غير ناجح أبدًا ضد السنغال، لأن الهواء معهم بفضل أطوالهم وأجسادهم القوية، ورغم ذلك حافظ المصريون عليها طوال الشوط الأول والكارثة أن جلها كانت فاشلة وبعيدة عن اللاعبين، بجانب أنها كانت تُلعب للاعب وحيد وسط 2 أو 3 سنغاليين مما يمنحهم الكرة الثانية بسهولة.
التدرج بالكرة والخروج من الخلف للأمام غاب تمامًا، كل اللاعبين بدوا خائفين من استلام الكرة والتقدم بها لمجرد خطوات بسيطة! وتلك كانت كارثة كبيرة خاصة من أسماء لها ثقلها في المنتخب.
الغريب أن إصابة ربيعة كانت نافعة جدًا لمصر، إذ أجبرت كيروش على تغيير طريقة اللعب إلى 3-4-3 وذلك أدى لتحسن الأداء نسبيًا، لأنه سمح للظهيرين أحمد فتوح وعمر جابر ثم بديله إمام عاشور بالتقدم للأمام قليلًا وتقديم الدعم للوسط والهجوم، لكن ذلك "النفع" لم يكن كافيًا بالطبع لتخطي فارق الجودة الكبير مع نجوم السنغال وتأثر اللاعبين الشديد من الأجواء.
السنغال استغلت الأجواء جيدًا، وقد ساعدها الهدف المبكر على فرض سيطرتها تمامًا على اللقاء ذهنيًا ونفسيًا قبل فنيًا وتكتيكيًا، الفريق لعب شوط أول جيد جدًا لكن عابه اللمسات الأخيرة في الثلث الدفاعي المصري، كما كان الوضع في مباراة الذهاب، بجانب غياب دور الظهيرين هجوميًا.
الشوط الثاني | انقلاب مصري وتراجع سنغالي
كان لا يمكن لمصر أن تُقدم شوطًا أسوأ من الأول، وقد كان بالفعل .. انقلب حال المنتخب في الشوط الثاني للأفضل، والفضل الأول في ذلك يعود للجوانب الذهنية والنفسية قبل الفنية.
اللاعبون تخلوا عن خوفهم وتوترهم، وكأنهم اعتادوا الأجواء وتخطوا ذلك الحاجز الصعب، أو ربما كانت كلمات كيروش بين الشوطين ساحرة لتقلب هذا التأثير من السلب للإيجاب، ونتيجة ذلك بدأت الكرة تتواجد على الأرض وتُمرر بين اللاعبين وتخرج من الخلف للأمام بسلاسة جيدة جدًا.
تغييرات كيروش عززت هذا التحسن، زيزو الذي كان يجب أن يبدأ اللقاء قدم إضافة كبيرة، ومصطفى محمد استفاد من تقارب الخطوط وكذلك من قوته في مواجهة مدافعي السنغال، وظهر صلاح في اليمين لكنه كان أقل كثيرًا من المتوقع والمطلوب.
السنغال غابت تمامًا وتراجعت بقوة في جل فترات الشوط، إما نتيجة تعليمات من المدرب بتغيير أسلوب اللعب لمحاولة المباغتة بالمرتدات وقد فشل في هذا باستثناء مرة واحدة أسفرت عن فرصة ذهبية لإسماعيلا سار، وإما تحت تأثير التقدم والتحسن المصري وقد كادت أن تدفع الثمن غاليًا لولا انحراف رأسية زيزو قليلًا عن المرمى.
الأشواط الإضافية | موعد البطل
الأشواط الإضافية كانت حذرة من الفريقين، لكن الأول منها شهد عودة السنغال بقوة للضغط والهجوم، وهنا كان المنتخب بحاجة لبطل يكون في الموعد ليُنقذه وقد تواجد وكان محمد الشناوي.
الشناوي استطاع التصدي لفرص خطيرة جدًا من جانب السنغال، وقد حافظ الفريقان بعد ذلك على بقاء الحال كما هو عليه حتى اللجوء لركلات الجزاء الترجيحية التي شهدت مواصلة الشناوي للتألق لكن فشل زملائه في تسديد ركلات جزائهم منح بطاقة التأهل لأسود التيرانجا.
الغريب أن أفضل مسددي ركلات الجزاء في المنتخب المصري أهدروا ركلاتهم، وهم الثلاثي صلاح وزيزو ومصطفى محمد، وهو دليل الارتباك والتوتر الكبير الذي شاب أداء اللاعبين اليوم وأثر عليهم كثيرًا.
الخلاصة | بطل واحد ليس كافيًا، والأجواء سلاح السنغال الأهم
مصر امتلكت بطلًا واحدًا اليوم هو محمد الشناوي، لكنه ليس كافيًا للتفوق على منتخب صاحب جودة عالية مثل السنغال، الفراعنة بحاجة لصناعة المزيد من الأبطال ولحضور الأبطال في المواعيد المهمة وعلى رأسهم محمد صلاح الذي لم يُقدم المنتظر منه اليوم وتوجه مستواه المتواضع بإهدار ركلة الجزاء.

السنغال قدمت مباراة في القاهرة أفضل مما فعلت اليوم في داكار، لكن تفوق الفريق جاء بسلاح الأجواء والجماهير .. هذا السلاح أصاب الحالة الذهنية والنفسية للاعبي مصر في مقتل وأثر عليهم كثيرًا وقد بدا ذلك واضحًا من البداية حتى آخر ركلة ترجيح سددها مصطفى محمد.




