يعيش تاليسكا موسمه الأول مع النصر، بعدما انضم له عقب صراع شرس مع الهلال الصيف الماضي مقابل عقد مالي ضخم جدًا، ولا يُمكن وصف هذا الموسم إلا بالناجح والإيجابي لكن دون أن يخلو من السلبيات والأخطاء.
النجم البرازيلي تذبذب مستواه خلال الموسم، كان رائعًا أحيانًا ومخيبًا أحيانًا أخرى، حضر في بعض المباريات الكبرى وغاب في أخرى وكان جزءًا من أسباب الخسارة، أثار جدلًا كبيرًا بالحديث حول مركزه المفضل في الملعب خاصة فيما يتعلق بوجهة نظر النجم النصراوي التاريخي فهد الهريفي الذي لا يجده صانع ألعاب أبدًا.
اقرأ أيضًا | فيديو | رد فعل مفاجئ .. مشجع نصراوي لبيريرا: تاليسكا الأفضل
الأيام أثبتت أن وجهة النظر تلك كانت سليمة، وقد تحدثت عنها في مقالات سابقة، تاليسكا لا يُجيد أبدًا صناعة اللعب والدليل أنه لم يصنع هذا الموسم سوى 23 فرصة منها 5 فقط كبرى في الدوري السعودي، لكنه لاعب يمتلك السرعة والمهارة والقدرة على التسديد واختراق منطقة الجزاء واستغلال الكرات الهوائية، مما يجعله مثاليًا لمركز الجناح الأيمن أو المهاجم المتحرك أو حتى المهاجم المتقدم لكن بأسلوبه الخاص، وإن لعب خلف المهاجم فهو لا يلعب كصانع لعب بل وسط مهاجم يتحرك طوليًا وعرضيًا وينطلق في المساحات وجهه دومًا مواجهة للمرمى لا العكس.
تاليسكا لعب هذا الموسم 25 مباراة في الدوري السعودي سجل بها 17 هدفًا ولم يصنع سوى هدفين، وقد صنع 23 فرصة منها 5 كبرى، سنحت له 20 فرصة مؤكدة استغل نصفها بنجاح وأهدر النصف الآخر، لمس الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 106 مرات، حاول التسديد 140 مرة بما في ذلك التسديدات المصدودة من المدافعين، كان منها 50 تسديدة على المرمى، وقد نجح في 31 محاولة للمراوغة من إجمالي 66 ونجح في الحصول على 15 كرة ثابتة (خطأ) في الثلث الأخير من الملعب.
الأرقام تعطي انطباع أن أداء تاليسكا كان خارقًا كمهاجم متحرك كما أسلفنا، لكن إن نظرنا له كصانع لعب فهي مخيبة جدًا .. إذ كيف لصانع لعب أن يصنع هدفين و23 فرصة فقط!
أحد المحطات المهمة في موسم تاليسكا الجاري هو حواره الذي أجراه مع برنامج كورة وأساء خلاله لزميله السابق عبد الرزاق حمدالله، وكان ذلك قبل مواجهة الاتحاد في الدوري .. كانت مقابلة سلبية تمامًا انتقدها الأغلب حتى من النصراويين أنفسهم، وقد جاء تأثيرها مباشرة في اللقاء القادم حيث خسر الفريق 3-0 وخرج من حسابات المنافسة على الدوري وطُرد اللاعب نفسه بعد أداء سيئ.
حديث تاليسكا عن حمدالله رآه البعض نابعًا من مشاعر سلبية جمعت اللاعبين في الفترة التي قضياها معًا في النصر، وأشار البعض إلى أن رحيل المغربي عن الفريق ساهم في تحسن وتطور مستوى البرازيلي كثيرًا .. فهل هذا صحيح؟ الأرقام قد تُقدم جزءًا مهمًا من الإجابة.
تُرى كيف كانت أرقام تاليسكا قبل وبعد رحيل حمدالله عن النصر؟ لنرى معًا.
حمدالله رحل عن النصر في الـ23 من نوفمبر الماضي، وكانت آخر مباراة خاضها بقميصه في الدوري أمام الرائد في الجولة الـ12، لكنه غاب عن 4 مباريات من تلك الـ12 لأسباب مختلفة أبرزها الإصابة.
لعب تاليسكا خلال تواجد حمدالله في النصر 10 مباريات في الدوري السعودي سجل بها 6 أهداف ولم يصنع سوى هدف واحد، وقد صنع 9 فرص منها 4 كبرى، سنحت له 6 فرصة مؤكدة استغل نصفها بنجاح وأهدر النصف الآخر، لمس الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 35 مرة، حاول التسديد 55 مرة بما في ذلك التسديدات المصدودة من المدافعين، كان منها 22 تسديدة على المرمى، وقد نجح في 14 محاولة للمراوغة من إجمالي 28 ونجح في الحصول على 8 كرات ثابتة (خطأ) في الثلث الأخير من الملعب.
البرازيلي لعب بعد رحيل حمدالله في النصر 15 مباراة في الدوري السعودي سجل بها 11 هدفًا ولم يصنع سوى هدف واحد، وقد صنع 14 فرصة منها واحدة كبرى، سنحت له 14 فرصة مؤكدة حافظ خلالها على نسبة استغلال نصفها بنجاح، لمس الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 71 مرة، حاول التسديد 85 مرة بما في ذلك التسديدات المصدودة من المدافعين، كان منها 27 تسديدة على المرمى، وقد نجح في 17 محاولة للمراوغة من إجمالي 38 ونجح في الحصول على 7 كرات ثابتة (خطأ) في الثلث الأخير من الملعب.
.jpeg?format=pjpg&auto=webp&width=3840&quality=60)
Goal ARالمفاجأة ظهرت من الأرقام أعلاه وهي أن أداء تاليسكا رقميًا خاصة فعاليته لم يتأثر أبدًا بتواجد أو رحيل حمدالله، بل إن جُل الأرقام الكبرى والمهمة لتحليل أداء المهاجم بقيت كما هي تقريبًا، معدل الأهداف وصناعة الفرص والتسديدات في المباراة بقي واحدًا تقريبًا.
الرقم الأكثر اختلافًا ولفتًا للنظر هو معدل لمس الكرة داخل منطقة الجزاء، حيث ازداد من 3.5 مرة في المباراة إلى 4.7 مرة مما يعني أنه أصبح أكثر خطورة على الخصوم، وهذا يعود لأنه لعب عدة مباريات في مركز المهاجم وكذلك لأن أسلوب لعب جوناثان رودريجيز يختلف عن حمدالله ويسمح للقادمين من الخلف للأمام للتواجد أكثر داخل المنطقة.
بعيدًا عن الأرقام، فالأمر الملاحظ على تاليسكا بعد رحيل زميله المغربي أنه أصبح اللاعب الأهم في النصر، سواء داخل أو خارج الملعب، أصبح هو صورة الفريق وواجهته الإعلامية ونجمه الجماهيري .. بمعنى أنه اتخذ مكان حمدالله تمامًا وكان الأكثر استفادة من رحيله عن الفريق.
النصر الآن فهم طريقة لعب تاليسكا واللاعب كذلك انسجم مع الفريق والأجواء في الدوري السعودي، ولذا سيكون الموسم القادم على المحك بالنسبة له، خاصة مع الحديث عن نية الإدارة التعاقد مع مدرب كبير ودعم الصفوف جيدًا وسد الثغرات التي ظهرت هذا الموسم وأدت لخروج الفريق دون أي ألقاب.
الأكيد أن الصراع بين تاليسكا وحمدالله لن يتوقف أبدًا خاصة على المدى القريب، سواء على تحطيم الأرقام في الدوري السعودي أو حتى المكانة بين جماهير العالمي، والتحديات الموسم القادم بينهما حال بقائهما في السعودية ستكون كبيرة ومتعددة وممتعة.