مباراة الديربي لها حسابات مختلفة، المدربان لا يريدان الخسارة، لذلك يخرج هذا النوع من المباريات بهذا الشكل ضريبة للحذر المتبادل، ألم تشاهدوا الشوط الأول لنهائي دوري أبطال أوروبا؟
حسناً، دعنا من هذا الهراء، صحيح أن الأهلي والزمالك لا يريدان خسارة تلك المباراة، وصحيح أن المدربين مجبران على الحذر لأجل الجماهير، ولكن إلقاء تلك المباراة المزرية التي شاهدناها على هذا العامل فقط سيكون نوعاً من التعامي..
أولاً، علينا أن نتفق أن غياب الجماهير عن الملعب لا يؤثر على الشكل الخارجي فقط بل الداخلي بدوره، فأزمة غياب الجماهير لا تتوقف عند مشهد المدرجات الخاوية وغياب الأصوات والأهازيج وسماعنا لصرخات المدربين غير المألوفة.
تلك المسألة تمتد بوضوح لتؤثر على حماس اللاعبين الذين لم يلعبوا في حضور الجماهير إلا فيما ندر على مر الأعوام الماضية، وسط عدم وجود رؤية واضحة لعودة الأمور إلى سابق عهدها.
وعلى ذكر غياب الدوافع، فإن المباراة تُلعب في بطولة تم حسمها بالفعل، مما يفقدها ما لا يقل عن نصف قيمتها. الأهلي لن يخسر الدوري والزمالك لن يفوز به، هذا أمر تم حسمه قبل بضعة أيام، ما الذي يدفع أي فريق للفوز سوى ما يُطلق عليه "حقوق التبجح"؟
هذا بحد ذاته أمر طبيعي، أي مباراة تُلعب كتحصيل حاصل لا يجدر انتظار أي حماس بها، ما ليس طبيعي هنا هو لعب الديربي في الجولة الأخيرة بكل موسم! ما نعرفه أن جدول الدوري يُفترض إقامته وفقاً لقرعة، أي قرعة تلك التي تتكرر بها الأشياء بتلك النسبة؟
هي بعض الظواهر التي لا تحدث سوى هنا، وعلى ذكر ما لا يحدث سوى هنا، تلك المسابقة بدأت في الحادي والثلاثين من يوليو 2018، ما تاريخ اليوم؟ 28 يوليو 2019، عام غير منقوص إلا من ثلاثة أيام.
الدوري الإنجليزي –ونحن على أتم العلم بمدى خوارقية تلك المقارنة- بدأ في العاشر من أغسطس 2018 وانتهى في الثاني عشر من مايو 2019، 9 أشهر ويومين.. بتلك البساطة حقاً كأي موسم طبيعي في العالم يجدر به الانتهاء قبل بداية البطولات القارية المجمعة.
بكلمات أخرى، الدوري المصري بدأ قبل الإنجليزي بـ10 أيام، لينتهي بعده بشهرين و16 يوماً، نظراً للمفاجأة غير السارة التي تلقتها لجنة المسابقات بوجود ما يسمى بكأس الأمم الإفريقية.
إمعاناً في جلد الذات.. الموسم الجديد للبريميرليج سينطلق في الثامن من أغسطس بكل سلاسة، فيما سيضطر الدوري المصري للانتظار حتى التاسع عشر من سبتمبر، نظراً لحاجة اللاعبين –كأقرانهم من البشر- للراحة الاعتيادية في نهاية الموسم، ووجود ارتباطات إفريقية للأندية المشاركة بالأدوار التمهيدية، ناهيك عن مسابقة كدنا ننسى أمرها.. كأس مصر.
على هذا الصعيد حدث ولا حرج، الاتحاد حدد بالفعل مواعيد الأدوار الباقية للمسابقة: الأهلي يواجه بيراميدز في دور الـ16 يوم 28 أغسطس، على أن يتأهل الفائز لملاقاة حرس الحدود فيما تٌقام مباراة الزمالك والمقاصة في دور الثمانية معاً في الأول من سبتمبر.
مفاجآتنا لم تتوقف هنا، فحقيقة أن لدينا مباراة تُلعب في دور الـ16 ومباراتين في دور الثمانية، لا تعني أننا لا نملك متأهلين لنصف النهائي بالفعل! ففي الخامس من سبتمبر يلتقي الفائز من (الأهلي - بيراميدز) × حرس الحدود مع بتروجت، فيما يلتقي الفائز من الزمالك والمقاصة مع الاتحاد السكندري، وأخيراً يقام النهائي في التاسع من سبتمبر.
خطة مثالية لا يعيبها سوى تفاهات مثل تقاطع مواعيد نصف النهائي والنهائي مع فترة التوقف الدولي، ما يعني أن الأندية المشاركة ستلعب بدون لاعبيها الدوليين، وفي حالة تمسك تلك الأندية بحقوقها الطبيعية في خوض أهم مباراتين في المسابقة بهؤلاء الركائز، لن نفعل سوى ما نفعله كل ليلة يا بينكي.. التأجيل.
نخيرك هنا أنه في حال تمسك الأندية باللاعبين الدوليين، وهو ما ستفعله تلك الأندية على الأرجح، سنلعب موسم 2019-2020 من الدوري المصري، ثم نبحث عن موعد لنصف نهائي كأس مصر الخاص بموسم 2018-2019، والآن لا يعجبك مستوى الديربي؟ يا للرفاهية!




