في رائعة جورج أوريل 1984 يعاني البطل وينستون سميث مع رقابة النظام الحاكم، والذي لم يجد شعاراً أفضل من "الرفيق الأكبر يراقبك" ليبث الخوف في أفراد الشعب ليظهر لهم مدى سلطة من يدير الأمور، وكيف يراقب كل صغيرة وكبيرة ويتخذ القرارات في الحال.
الوضع في تشيلسي لا يختلف كثيراً عن عالم أورويل الديستوبي، فمهما عملت وكافحت وحققت من نتائج وبطولات، يبقى الرفيق الأكبر يراقبك عن كثب، وعند أقل هفوة يأتي العقاب من المالك رومان أبراموفيتش الذي لا يعرف معنى لكلمة الصبر!
Goal Ar / Gettyكونتي ومورينيو وساري والبقية يشهدون
منذ بداية حقبة أبراموفيتش مع تشيلسي في 2003 وهناك نمط ثابت يتكرر باستمرار، مدرب يأتي تعيينه، يحقق نتائج جيدة أو يفوز ببطولات ويبدو أن الفريق في طريقه لمشروع ناجح طويل الأمد، يحدث أول تعثر أو مشكلة، وتجد المدرب قد تمت إقالته والتخلص منه، وكأننا في فرع من فروع المافيا الروسية وليس فريق لكرة القدم!
الأمر بدأ مع كلاوديو رانييري، أول مدربي حقبة الروسي، والذي وصل لنصف نهائي دوري الأبطال وحل ثانياً بالبريميرلييج، ولكن تمت إقالته وتعيين جوزيه مورينيو، ولسنا بحاجة لتوضيح ماذا فعل وقدم البرتغالي على مدار فترتين للبلوز، ولكن في الفترتين تم الإطاحة به بسبب المشاكل مع أبراموفيتش، الأولى جاء الأمر عقب تراجع النتائج وفشله في توظيف الصفقة الأغلى وقتها أندري شيفشينكو، والثانية أيضاً لتراجع النتائج ومؤامرة من لاعبيه، كل ذلك رغم أنه كان حامل لقب الدوري، ويعد أسطورة في تشيلسي.
Gettyنفس السيناريو تكرر مع أنطونيو كونتي، وإن كان الإيطالي صمد لنهاية موسمه الثاني وقرر الدخول في حرب قضائية للحصول على حقوقه، وإن انتهى به المطاف مُقالاً في نهاية المطاف، نفس ما حدث لخليفته ومواطنه ماوريتسيو ساري، ونفس ما حدث من قبلهم مع أندري فيلاس بواش، فيليبي سكولاري، وحتى روبرتو دي ماتيو الذي كان فائزاً بدوري الأبطال!
توخيل وسيناريو مشابه؟
حقق تشيلسي الموسم الماضي لقب دوري أبطال أوروبا بعد فقط ستة أشهر من تعيين توخيل لخلافة فرانك لامبارد، ستة أشهر كانت كافية ليبسط الألماني سحره على الفريق وينتشله من منتصف الجدول لقمة الكرة الأوروبية، مما استدعى المكافأة بتمديد عقده الذي كان في الأصل لمدة سنة ونصف، ليصبح ممتداً حتى 2024.
تمديد العقود بعد البطولات في تشيلسي لا يعني شيئاً، دي ماتيو الذي حقق الأبطال وهو مؤقت حصل على عقد دائم بعد البطولة لسنتين لم يكمل منه ستة أشهر حتى، وسلسلة سلبية من النتائج السلبية أطاحت بالإيطالي الشاب من منصبه، بعيداً عن مدى أحقيته بالمنصب من عدمه.
Gettyالآن يعيش تشيلسي وضعاً مشابهاً، بداية قوية نعم للموسم ولكن الأسابيع الأخيرة شهدت نوعاً من التراجع، والخسارتان في قمتي مانشستر سيتي ويوفنتوس خلال أيام قليلة طرحت عدة تساؤلات حول الفريق الذي صرف بقوة الصيف الماضي لتعزيز صفوفه المتخمة بالفعل بالنجوم.
ظهر فريق توخيل عاجزاً في قمتي الدوري والأبطال، وافتقد للحلول رغم تنوع اللاعبين في صفوفه من أجل كسر دفاعات يوفنتوس، ومجابهة خطط بيب جوارديولا الذي فرض أسلوبه وأجبر توخيل على دفاع المنطقة طوال 90 دقيقة، عكس الأسلوب الذي ينتهجه البلوز معه منذ وصوله تماماً، ونقطة أخرى ملفتة هي العزل التام لروميلو لوكاكو وظهور البلجيكي في صورة المهاجم التائه في الأمام بمفرده.
صحيح استفاق تشيلسي سريعاً وفاز على ساوثامبتون بعدها ولكن عانى لفعل الأمر، واستمرت معاناة لوكاكو التهديفية، ليبدو أن الأمور لن تكون بسلاسة الموسم الماضي لتوخيل وتشيلسي، وذلك لن يمر مرور الكرام على أعين "الرفيق الأكبر" الروسي.
ولكن تغيرت الأوضاع في تشيلسي، هناك الآن مارينا جرانوفسكايا، والتي يعتبرها البعض الآمر الناهي في البلوز وليس أبراموفيتش مثل الماضي، هي من تدير سوق الانتقالات وكل صغيرة وكبيرة بالفريق والنادي ككل، لتترك أبراموفيتش يتفرغ لمشاريعه الأخرى في مجالات الذكاء الصناعي والسياسة، ومشاكله الزوجية!
Gettyقد تكون مارينا هي اللجام لجموح وتسرع أبراموفيتش، وقد تكون نتائج الأسابيع الماضية مجرد كبوة عادية، ولكن على توخيل الحذر والتعلم من سوابق الماضي في تشيلسي، لأن حين يقرر أبراموفيتش أن الوقت قد حان، لا مارينا ولا الشروط الجزائية ستقف حائلاً أمام اتخاذ قراره، ووقتها سنرى نفس السيناريو يعاد من جديد ما بين مالك البلوز ومدربه، مهما كان ما حققه للفريق.


