جول بيديا | ما هي البوبي؟ الوردة الحمراء على قمصان مدربي ولاعبي الدوري الإنجليزي

اعتاد عشاق كرة القدم حول العالم على طقوس الكرة الإنجليزية الخاصة جداً، والتي تُعبر عن اعتزاز شعب إنجلترا والمملكة المتحدة ككل بتاريخهم العريق المُمتد منذ مئات السنين، ومن منا ينسى اللقب الأشهر لبلاد الإنجليز "المملكة التي لا تغرب عنها الشمس"، والذي أُطلق عليها لامتداد رقعتها في أنحاء العالم ووصولها حتى الهند في أقصى الشرق.

كانت بريطانيا واحدةً من الدول التي شكلت التاريخ الحديث، وكانت طرفاً فاعلاً في الحربين الأكثر دمويةً في التاريخ القديم والحديث، وهما الحرب العالمية الأولى والثانية، لكن بالرغم من ذلك لم يستطع أحد احتلال جزء من إنجلترا مركز حُكم الأسد الإنجليزي عبر التاريخ، وذلك لأنها عبارة عن مجموعة جُزر يسهل الدفاع عنها ويصعب غزوها، لكنها بالطبع لم تسلم من نيران القصف في زمن الحرب التي دمرت أوروبا.

كان للحربين العالميتين تأثير على العالم ككل في جميع أنحاء العالم وفي شتى المجالات منها الرياضة عامةً وكرة القدم خاصةً، وكعادة الإنجليز أدخلوا عاداتهم في رثاء ضحايا الحربين في الساحرة المُستديرة.

مع بداية شهر نوفمبر ترى مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز يضعون على صدورهم وردة حمراء، هذه الوردة تُسمى بوبي، وهي رمز اختاره شعب بريطانيا لرثاء وتحية ضحايا الحرب العالمية الأولى، والتي انتهت في نوفمبر 1918 واضعةً حداً مؤقتاً لأنهار الدم في القارة العجوز.

هناك بعض اللاعبين الذين رفضوا ارتداء قُمصان رُسم عليها الوردة الحمراء، أبرزهم لاعب مانشستر يونايتد الحالي نيمانيا ماتيتش، وكان السبب وراء ذلك هو أنّ الوردة تذكره بالقصف الذي تعرض له في طفولته وبالتالي امتنع عن وضعها.

لكن ما هو السر وراء ارتداء المدربين واللاعبين للبوبي في الدوري الإنجليزي؟ ولماذا استمر هذا التقليد حتى يومنا؟ هذا ما سنتعرف عليه في الأسطر التالية.

جدول مباريات الدوري الإنجليزي 2023-2024، القنوات الناقلة والترتيب

Getty

في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الأولى التي دمرت أوروبا، ظهرت البوبي واتخذت رمزاً موحداً لإحياء ذكرى الجنود الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن بلادهم في شمال القارة العجوز، وذلك في الفترة بين 1914 و1918.

التزمت جميع أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بوضع الوردة الحمراء في شهر نوفمبر من كل عام، وذلك تأثراً بتقليد الإنجليز لرثاء ضحاياهم في الحرب التي انتهت في 11 نوفمبر 1918.

تم اختيار زهرة البوبي الحمراء لإحياء ذكرى الضحايا لأنها كانت تنمو بكثرة في مناطق المعارك في أوروبا، وفي كُل عام، يتم بيع قُمصان أندية الدوري الإنجليزي الممتاز المُزينة بالبوبي في فترة إحياء الذكرى، وذلك تحت رعاية التاج الملكي البريطاني.

رغم وجود دوري ويلزي - لماذا يلعب سوانسي وكارديف في البريميرليج؟

يرفض بعض اللاعبين المُنتمين لأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز ارتداء البوبي نظراً لجنسياتهم، فعلى سبيل المثال رفض اللاعب جيمس ماكلين ارتداء القميص المطبوع عليه زهرة الخشخاش لأنه ولد ونشأ في مدينة ديري الأيرلندية الشمالية التي شهدت مقتل 6 أشخاص في الأحد الدامي عام 1972.

تُعد أحداث الأحد الدامي واحدةً من أبرز لمحات الصراع الأيرلندي البريطاني، وسُميت بهذا الاسم بسبب فتح جنود التاج الملكي النار على 28 شخصاً كانوا في مسيرةٍ احتجاجيةٍ سلمية في مارس من عام 1972.

يأتي اعتراض ماكلين على ارتداء زهرة البوبي أنها ترمز لجميع الجنود الذين قُتلوا في أي حرب، ما يعني أنها ليست مخصصةً لضحايا الحرب العالمية الأولى فقط، وأن هؤلاء الجنود الذين تربى على كرههم لقتل 6 من بني جلدته قد يكون هذا الرثاء والتقليد موجهاً لهم أيضاً.

رفض لاعب ستوك سيتي وقتها ارتداء الوردة الحمراء طوال مسيرته في الدرجات المختلفة في الدوري الإنجليزي، وظل يواصل رفضه في كل مراحل لعبه بالدوري الإنجليزي.

صرح ماكلين عن رفضه وضع الوردة الحمراء من قبل وقال: "أعلم أن هناك العديد من الناس لا يروقهم أو لا يفهمون لماذا لا أرتدي البوبي"، وتابع: "أنا أوافق على ذلك، لكن أطلب من الناس أن يحترموا اختياري كما أحترم أولئك الذين اختاروا ارتداء زهرة الخشخاش الحمراء".

أما نادي ستوك سيتي فقد ذكر وقتها أنه يحترم رفض لاعبه ارتداء الزهرة، وكتب على الموقع الرسمي للنادي: "إننا ندعم تقليد التاج الملكي بوضع البوبي على قميص الفريق الأساسي في مباراة ميدلزبره يوم 3 نوفمبر، وعلى قميصنا الثاني في مواجهة نوتنجهام فورست يوم 10 نوفمبر".

وأضاف: "يفخر النادي بعلاقته القوية بالقوات المسلحة، وقام باستدعاء بعض أعضاء الجيش لمشاركتنا الذكرى في مباراة البورو".

واستطرد: "مع ذلك، نحن نعتبر أن البوبي تعني أشياء مختلفة بالنسبة لكل فرد أو مؤسسة وبالنسبة للتاج الملكي، ومن هنا لا نعتقد أنه يمكننا إجبار أي شخص على ارتداء الوردة الحمراء".

وجاء في البيان أيضاً: "أعلمنا جيمس أنه لن يرتدي زهرة الخشخاش في المباراتين القادمتين، ونحن نحترم قراره وحقه في تنفيذ قناعاته".

Getty

تباينت ردود الفعل على اللاعبين الرافضين ارتداء البوبي، فبعضها كان عدوانياً والآخر كان متفهماً جداً.

ورغم أن ماكلين قد قال في مناسبةٍ سابقةٍ أنه لا يتوقع أن يتفهم كل شخص قراره، وطالب هؤلاء المعترضين على إظهار بعض الاحترام، واجه اللاعب انتقاداتٍ عنيفةٍ من بعض أنصار ناديه الحالي والأندية السابقة التي لعب لها، وبالطبع تلقى النقد من الأندية المنافسة.