زيدان والمرشحون لخلافة أليجري في يوفنتوس

رب ضارة نافعة .. قد لا نجد حالة كروية تصلح لهذا المثل أكثر مما حدث مع لاتسيو صيف 2016، حين أخلف بيلسا بتعاقده مع النادي مما منح الفرصة لاستمرار المدرب المؤقت سيموني إنزاجي في عمله. وتلك كانت "النافعة" لنسور العاصمة التي حلقت عاليًا تحت قيادة المدرب الشاب، سواء من حيث الأداء أو النتائج.

المثير في مسيرة إنزاجي القصيرة مع لاتسيو أنه "يعمل بمن حضر"، فالنادي تخلى في عهده عن أسماء مهمة ولم يُعوضها بالشكل المناسب، مثل بيليا وأندرسون ودي فري، لكنه رغم هذا اكتشف أسماءً جديدة أو طور من أداء لاعبيه أو فاجأ الجميع بأداء قوي من أسماء لم يُتوقع لها مثل هذا النجاح مثل ميلينكوفيتش سافيتش ولوكاس ليفا وإيموبيلي وغيرهم. وهذا الأمر يبدو مناسبًا جدًا لعقلية يوفنتوس التي تعمل جيدًا في السوق لكن لا تحب أن يُملي عليها المدرب شروطه!

ربما يكون اسمه غير مغرٍ لجماهير السيدة العجوز، كونه لم يعمل في إيطاليا أبدًا ولم يبدأ تجربته كمدرب سوى منذ سنوات قليلة مع سبارتاك موسكو، لكن دعونا نتذكر موقف الجماهير حين أعلن يوفنتوس تعيين أليجري خلفًا لكونتي! لهذا الإدارة لا تعمل وفق رغبات الجماهير بل وفق حسابات خاصة ودقيقة، وأعتقد أن تلك الحسابات تلعب لصالح صاحب الـ54 عامًا.

ربما لم تكن سيرته الذهبية ونضجه وخبرته كافية لمواصلة رحلته مع يوفنتوس بعد موسم السيري بي 2006-2007، لكن هذا كله اختلف بعد 12 عامًا من العمل مع أندية مختلفة والأهم قيادته منتخب فرنسا بنجاح ممتاز توجه بالفوز بكأس العالم 2018 في روسيا.

الأهم أن طريقة ديشان وأفكاره التكتيكية مناسبة لليوفنتوس وأسلوب لعبه تاريخيًا، فهو مدرب يُجيد خلق منظومة دفاعية ممتازة ويلعب بتوازن هجومي دفاعي في الوسط، لا يندفع بجنون ولا يركن الباص في الخلف، هذا بجانب قدرته بناء علاقات جيدة مع اللاعبين والتأثير بهم، وقد رأينا جميعًا الاختلاف بين أداء بوجبا مع يونايتد مورينيو ومع منتخب فرنسا.

ديشان أحد الأسماء المرشحة بالطبع لتدريب يوفنتوس، ولا أظن أنه سيرفض لمجرد الاستمرار مع منتخب الديوك، لأن التحدي مختلف وأكبر مع نادٍ بحجم البيانكونيري.

كان أحد الأسماء المرشحة بقوة لتدريب يوفنتوس بعد رحيل كونتي المفاجئ، لكن قيل أن استبعاده جاء بطلب من كارلوس تيفيز نجم الفريق حينها، ربما يبدو الأمر غريبًا خاصة مع إدارة مثل الموجود في يوفنتوس، لكن بغض النظر عن صحة تلك القصة من عدمها، مانشيني أحد الأسماء التي ارتبطت دومًا بتدريب يوفنتوس.

المدرب الحالي لمنتخب إيطاليا دخل قائمة الترشيحات بالفعل حال رحيل أليجري، ولا يُعتقد في تورينو أن عمله مع الآدزوري سيشكل عائقًا إذ يرون أنه سيُرجح كفة السيدة العجوز حال وصلت المفاوضات لمرحلة متقدمة.

مانشيني حقق نجاحات ملحوظة مع إنتر ومانشستر سيتي، لكن يبقى عدم تحقيقه النجاح القاري اللائق بمسيرته عائقًا أمام خلافته لأليجري، لأن يوفنتوس يُدرك تمامًا أن عنوان المرحلة القادمة هو الفوز بدوري الأبطال، ولذا تركيزه سيكون على مدرب حقق نجاحات في البطولة القارية.

منذ تولى جيوفاني تراباتوني تدريب يوفنتوس عام 1976، ولم يتعاقد النادي مع أي مدرب أجنبي سوى ديدييه ديشان خلال موسم السيري بي، إذ فضل دومًا العمل مع الطليان وقد حقق معهم نجاحات ملحوظة، والأمر قد يستمر بعد أليجري لكنه قد أيضًا قد يتغير وفي تلك الحالة ربما بوتشيتينو سيكون الخيار الأفضل.

المدرب الأرجنتيني حقق نجاحات ملحوظة مع توتنهام، صحيح لم يفز بالألقاب لكنه حول النادي لقوة ثابتة في معادلة الكرة الإنجليزية، حافظ على تواجده الدائم في دوري الأبطال وحقق في البطولة نتائج جيدة، لكن وكما قال هو بنفسه مؤخرًا "لا يُمكن أن يُطالب بالمنافسة على الألقاب حتى النهاية دون أن تُوفر له الأدوات المناسبة والتي تُوفر لمنافسيه".

مع يوفنتوس لن يكون هناك وجودًا لتلك الجملة، إذ سيُوفر له النادي كل ما يلزم بالفعل، ليس فقط ليُنافس بل ليفوز أيضًا بالألقاب الكبيرة في إيطاليا وأوروبا.

وبالنسبة للفريق الإيطالي، بوتشيتينو يُناسبه تمامًا، فهو ذو قدرات فنية ممتازة، مرن تكتيكيًا، يُجيد تطوير اللاعبين واختيارهم، والأهم أنه يستطيع إدارة غرفة ملابس تعج بالنجوم وهذا كله مطلوب في مدرب اليوفنتوس الجديد.

"لا تستطيع أن تدخل مطعم تكلفة الوجبة فيه 100 يورو، وأنت لا تمتلك في محفظتك سوى 10 يورو فقط" تلك كانت الجملة التي وضعت حدًا للعلاقة بين أنتونيو كونتي ويوفنتوس رغم كل النجاحات المحلية وإعادة الهيبة والاحترام للفريق على الصعيد المحلي بعد سنوات من التخبط الإداري والفني والفشل في كل شيء.

رحل كونتي لأنه لم يستطيع تحقيق النجاح الأوروبي المطلوب دون دعم الإدارة له بالصفقات المناسبة، لكن الوضع لم يعد كذلك .. اليوم يوفنتوس لم يعد "زبونًا" في المطعم لا يمتلك 10 يورو، بل أصبح مالك المطعم القادر على إنفاق 100 مليون يورو لشراء أفضل لاعب في العالم ووضعه تخت أمر المدرب! هذا بالضبط ما يحتاجه كونتي ليعمل في يوفنتوس من جديد، أن يُوفر له النجوم القادرين على مساعدته لتحقيق النجاح المطلوب في دوري الأبطال.

لذا عودة كونتي الآن تُعد منطقية إلى حد كبير، فهو رجل يعرف خبايا النادي والفريق جيدًا، وعلى علاقة جيدة مع الإدارة خاصة بعد رحيل ماروتا، ولديه مكانته أيضًا بين الجماهير ولديه احترامه في غرفة تغيير الملابس ولن يجد مشكلة في فرض كلمته على الجميع خاصة بوجود أصدقائه القدامى بونوتشي وكيليني والبقية.

هو أبرز الأسماء المناسبة لتدريب يوفنتوس، فهو أحد رموز الفريق وسبق له التألق بقميصه، صنع مسيرة ذهبية مع ريال مدريد، متخصص إن صح القول في دوري أبطال أوروبا والدليل فوزه بها 3 مرات متتالية دون أن يكون ريال مدريد هو الأقوى في أوروبا خلال تلك السنوات الثلاثة، بجانب أنه شخصية لديها احترامها الكامل وتقديرها بين جماهير البيانكونيري والمسؤولين في الويفا وغيرها من المؤسسات الكروية.

التعاقد مع زيدان سيكون أشبه بزواج حبيبين مرا بمراحل عمرية مختلفة حتى نضجا بما فيه الكفاية ليتم هذا الزواج، وهو زواج سيحظى بتأييد جميع عشاق السيدة العجوز والرجل الفرنسي، ونجم الحفل بالطبع سيكون كريستيانو رونالدو الذي سيسعد كثيرًا بإعادة لم شمله مع مدربه السابق.