GOAL ONLY PEDRI GFXGoal AR

ليلة الأضداد في منتخب إسبانيا: سحر بيدري الملقب بـ"لاودروب" يخفي كوارث توريس.. ودي لا فوينتي يشتري عداوة برشلونة!

هناك مباريات تبدو نتائجها محسومة على الورق قبل أن تبدأ، كانتصار المنتخب الإسباني على ضيفه الجورجي بهدفين دون رد في تصفيات كأس العالم.

لكن في مثل هذه اللقاءات، يتحول الاهتمام من النتيجة النهائية إلى التفاصيل الدقيقة والأداء الفردي الذي يرسم ملامح المستقبل. 

وفي هذه الليلة الهادئة، كانت القصة الأبرز هي تجسيد نبوءة كروية تاريخية، بطلها فتى ذهبي أثبت صحة كلمات أحد أساطير برشلونة، ليقدم أداءً يلامس حدود العبقرية، بينما على الجانب الآخر، عاش زميل له كابوساً حقيقياً تحت الأضواء الكاشفة.

  • Spain v Georgia - FIFA World Cup 2026 QualifierGetty Images Sport

    بيدري: حين تُبعث روح لاودروب في تينيريفي

    قبل فترة، كانت كلمات أسطورة برشلونة وزميل مايكل لاودروب السابق، يوزيبيو ساكريستان، تتردد في الأذهان: "بيدري يذكرني بلاودروب في قدرته على إيجاد الحلول".

    لم تكن مجرد مجاملة، بل كانت شهادة ثقيلة حملها بيدري معه إلى أرض الملعب، وخلال 74 دقيقة، لم يثبت بيدري صحة هذه المقولة فحسب، بل قدم أداءً كان بمثابة تكريم حي لروح الساحر الدنماركي. 

    في مواجهة منتخب جورجيا المتكتل دفاعياً، كانت إسبانيا بحاجة إلى تلك اللمسة غير المتوقعة، تماماً كما كان احتاجها فريق الأحلام في التسعينيات حين واجه الحصون الدفاعية.

    سيطر بيدري على إيقاع اللعب، لمس الكرة 94 مرة، وقدم 5 تمريرات مفتاحية كانت بمثابة إنذارات مستمرة للدفاع الجورجي.

    لكن اللحظة التي ستُخلد في الذاكرة جاءت في الدقيقة 24، في تلك اللحظة، توقف الزمن، وبلمسة حريرية، أرسل بيدري تمريرة ساقطة علت رؤوس المدافعين وسقطت بدقة ميليمترية أمام زميله.

    لم تكن مجرد تمريرة، بل كانت قطعة فنية "لاودروبية" خالصة؛ رؤية ثاقبة، تنفيذ أنيق، وقدرة على رؤية ما لا يراه الآخرون. 

    هذه اللمسة وحدها كانت مسؤولة بنسبة 90% عن الهدف الأول، فقد حولت موقفاً عادياً إلى فرصة لا يمكن إهدارها، وفكت شفرة دفاع بدا منظماً.

    هذا الإبداع الخارق لم يأت على حساب الواجب الدفاعي، حيث أظهرت المباراة التزامه الكبير بـ3 تدخلات ناجحة و5 عمليات استعادة للكرة، ليثبت أنه لاعب وسط حديث يجمع بين الفن والقتالية، قبل أن يخرج مستبدلاً في الدقيقة 75 وقد أدى مهمته على أكمل وجه.

  • إعلان
  • FBL-WC-2026-EUR-QUALIFIER-ESP-GEOAFP

    فيران توريس: كابوس في 90 دقيقة

    على النقيض تماماً من إشراقة بيدري، عاش فيران توريس ليلة مظلمة بكل المقاييس، وكان شبحاً تائهاً في الملعب، وبدت كل لمسة له تزيد من معاناته. 

    القصة المأساوية بدأت مبكراً بمحاولات فردية فاشلة في الدقائق الأولى، لكن الانهيار الحقيقي بدأ في الدقيقة 29 عندما تقدم لتسديد ركلة جزاء كانت فرصة مثالية لتعزيز ثقته، لكنه أهدرها بشكل غريب، لتبدأ بعدها رحلة من انعدام التوازن.

    بدا أثر ركلة الجزاء واضحاً على قراراته اللاحقة، وظهر ذلك في الدقيقة 49 حين أضاع فرصة لا يمكن تصديقها من مسافة قريبة.

    الأرقام كانت قاسية وتكشف حجم الكارثة: 3 فرص محققة مهدرة بالإضافة إلى ركلة الجزاء، الأكثر إثارة للقلق هو مدى انعزاله التام عن اللعب؛ ففي 91 دقيقة، لمس توريس الكرة 31 مرة فقط، رقم هزيل يوضح فشله في إيجاد المساحات أو طلب الكرة.

    والأسوأ أنه من هذه اللمسات القليلة، فقد الاستحواذ 10 مرات، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا أصر المدرب على إبقائه في الملعب طوال المباراة؟ هل كان يأمل في هدف مصالحة يعيد له الثقة، أم أن القرار يعكس قلة الحلول على الدكة؟ أياً كان السبب، فقد كانت 90 دقيقة من المعاناة للاعب وللجماهير التي شاهدته.

  • كوبارسي: هدوء وثقة المستقبل

    بعيداً عن الدراما، قدم قلب الدفاع الشاب باو كوبارسي أداءً يمثل تعريفاً للمدافع العصري، في ليلة لم يختبر فيها دفاعياً بشكل جدي (تدخلان ناجحان فقط)، برزت قيمته الحقيقية في بناء اللعب. 

    بدقة سويسرية، أكمل 115 تمريرة من أصل 117 بنسبة نجاح 98%، ومع 121 لمسة للكرة، كان كوبارسي هو نقطة انطلاق كل هجمات إسبانيا تقريباً، ولم يفقد الكرة سوى مرتين، مما يظهر نضجاً وثقة تفوق عمره بكثير.

    كان أداؤه هادئاً، فعالاً، ومثالياً، ليؤكد أنه ليس مجرد مدافع للمستقبل، بل للحاضر أيضاً.

  • ENJOYED THIS STORY?

    Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

  • أويارزابال: وداعية تقتل المباراة

    وسط الدراما المحيطة بأداء لاعبي برشلونة، وفي وقت كانت فيه النتيجة لا تزال هدف لصفر ومعلقة، ظهر ميكيل أويارزابال ليضع بصمته الخاصة ويقتل المباراة تماماً.

    في الدقيقة 64، تحصلت إسبانيا على ركلة حرة مباشرة من على حافة منطقة الجزاء، وهي مسافة مثالية للمتخصصين، تقدم النجم الكبير للكرة وبثقة واضحة أرسل تسديدة صاروخية، عانقت الشباك، تاركة الحارس الجورجي في ذهول.

    كان هدفاً رائعاً حسم النقاط الثلاث بشكل نهائي وأنهى أي أمل ضئيل لدى جورجيا للعودة، والمفارقة الغريبة كانت في أن هذه اللمسة الفنية الرائعة كانت هي الأخيرة له في المباراة، حيث تم استبداله في الدقيقة 65 مباشرة بعد هدفه.

  • FBL-WC-2026-EUR-QUALIFIERS-TUR-ESPAFP

    بيت القصيد: دي لا فوينتي.. فوز بطعم العناد وغياب الحكمة

    لكن خلف النقاط الثلاث وبريق إبداع بيدري، تظل هناك علامات استفهام كبرى وشعور بالمرارة تجاه إدارة المدرب لويس دي لا فوينتي للمباراة.

     ففي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بحماية اللاعبين، وفي ظل التوتر المتصاعد بين الأندية والمنتخبات، بدت قرارات دي لا فوينتي وكأنها صب للزيت على النار. 

    الإصرار على إبقاء بيدري، جوهرته الأكثر حساسية بدنياً، لمدة 74 دقيقة كاملة في مباراة شبه محسومة، لا يمكن وصفه إلا بالمغامرة غير المحسوبة. 

    هذا القرار يتجاهل بشكل صارخ تاريخ اللاعب الطويل مع الإصابات العضلية والتحذيرات المستمرة من ناديه بضرورة التعامل مع حالته بحذر شديد.

    تبدو هذه القرارات مقلقة أكثر عند وضعها في سياق الأزمة الحالية؛ فبعد خسارة المنتخب لخدمات لامين يامال ومؤخراً داني أولمو بسبب الإصابات، كان المتوقع من المدرب هو توخي أقصى درجات الحذر، لا استعراض العضلات والمخاطرة بأهم أوراقه المتبقية.

    إبقاء فيران توريس الذي كان في أسوأ حالاته لتسعين دقيقة، واستمرار كوبارسي لنفس المدة في مباراة لم يختبر فيها، يكمل صورة مدرب يضع نتيجة المباراة الآنية فوق كل اعتبار، بما في ذلك سلامة لاعبيه وعلاقته بالأندية.

    في النهاية، يترك دي لا فوينتي انطباعاً بأنه ربح المباراة، لكنه قد يكون خسر ما هو أهم: الثقة والحكمة في إدارة أهم جيل كروي تملكه إسبانيا منذ سنوات. فهل هي ثقة زائدة أم عناد قد يكلف الجميع غالياً في المستقبل؟

0