GOAL ONLY Raphinha GFXGoal AR

محكمة الفيفا | ضحايا البالون دور.. شهادة سيميوني عرّت المعايير ورافينيا قائد المظاليم

لم تكن ليلة تتويج عثمان ديمبيلي بالكرة الذهبية في باريس مجرد حفل اعتيادي لتوزيع الجوائز، بل كانت ليلة تعميق الفجوة بين صخب المنصات وحقيقة الميدان.

لقد خلف اختيار مجلة فرانس فوتبول الأخير شرخًا واسعًا في مفهوم العدالة الكروية، تاركًا خلفه قائمة طويلة من الضحايا الذين دفعوا ثمن انحياز المصوتين للألقاب الجماعية البراقة على حساب العرق المسكوب في الملاعب طوال الموسم.

كيف يمكن تبرير السقوط الحر للبرازيلي فينيسيوس جونيور إلى المركز الثامن عشر؟ وكيف يُهضم حق المعجزة الإسبانية لامين يامال، الذي حمل آمال نادٍ ومنتخب على كتفيه الصغيرتين، ليجد نفسه وصيفًا في النهاية لمنظومة باريس سان جيرمان؟ ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل طال التجاهل ماكينات تهديفية لا تكل، مثل إيرلينج هالاند الذي تراجع ترتيبه بشكل لا يليق بأرقامه، ومحمد صلاح الذي يواصل تقديم مواسم استثنائية تصطدم دائمًا بحائط غياب البطولات الكبرى.

ولكن، وسط هذه القائمة المدججة بالنجوم الذين بكى الإعلام لأجلهم، هناك اسم واحد تعرض لظلم أكثر تعقيدًا ومرارة، لاعب لم يسقط حقه سهوًا في التصويت العالمي فحسب، بل إنه يعيش حالة من النكران حتى داخل أروقة ناديه وبين جماهيره أحيانًا. 

هو الأكثر تأثيرًا بلغة الأرقام، والأكثر حسمًا في اللحظات التي يختبئ فيها الجميع، ومع ذلك يظل هو الأقل تقديرًا، وكأن قدره أن يكون رجل الظل الذي يصنع المجد ليحتفل به الآخرون، هذا اللاعب، الذي نصبته الأرقام والأداء قائدًا للمظلومين، هو البرازيلي رافينيا.

  • FC Barcelona v CA Osasuna - LaLiga EA SportsGetty Images Sport

    عودة القطار وتغيير معادلة الدوري

    لو أردنا تعريفًا حيًا لمصطلح اللاعب المؤثر، فلن نجد أفضل من رافينيا في الشهور الأخيرة، الحديث هنا ليس عن مجرد جناح يراوغ أو يسجل، بل عن قائد حقيقي أعاد رسم شكل المنافسة في الدوري الإسباني.

    برشلونة قبل عودة رافينيا من الإصابة كان فريقًا يعاني، متأخرًا في جدول الترتيب بفارق خمس نقاط كاملة، والشكوك تحاصر المدرب هانزي فليك من كل جانب. 

    ثم حدث التحول الجذري، منذ اللحظة التي وطأت فيها قدم رافينيا الملعب عائدًا من الإصابة، تحول الفريق الكتالوني إلى ما يشبه القطار الذي لا يتوقف في المحطات. 

    النتائج تتحدث عن نفسها، فمن وجود ريال مدريد في القمة إلى صدارة مستحقة بفارق أربع نقاط حاليًا، هذا التحول الكبير في الرصيد النقطي لم يحدث بالصدفة، بل كان خلفه محرك برازيلي لا يهدأ، يرفض الخسارة ويصنع الفوز من العدم.

  • إعلان
  • Diego SimeoneGetty Images

    شهادة سيميوني تعري المعايير

    ربما تكون شهادة الخصوم أصدق دائمًا من مديح المحبين، وقد جاءت لتكشف عوار معايير التصويت الأخيرة. 

    بعد مباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد، خرج دييجو سيميوني، المدرب الذي يقدس العمل الشاق، بتصريح للتاريخ عن رافينيا.

    سيميوني لم يتحدث عن مهارة البرازيلي فحسب، بل قال بوضوح: "إنه يفعل كل شيء في الملعب".

    كلمات سيميوني عرت المعايير الصحفية الضيقة؛ فهي تؤكد أن رافينيا ليس مجرد جناح ينتظر الكرة؛ هو أول مدافع في منظومة الضغط العالي، وهو صانع الألعاب عندما يتعمق للداخل، وهو القائد الذي يوجه زملاءه.

    في تلك المباراة، رأينا رافينيا يركض لافتكاك الكرة من أمام منطقة جزاء فريقه، ثم يشن هجمة مرتدة تنتهي بخطورة على مرمى الخصم.

    هذا الشمول في الأداء هو ما يجعل تجاهله في الترتيبات المتقدمة للجوائز الفردية سقطة لا تغتفر.

  • Raphinha scoresGetty Images

    ما هو أبعد من لغة الأهداف

    البعض قد يختزل كرة القدم في الأهداف، وحتى بهذا المعيار القاصر، رافينيا حاضر وبقوة، ومباراة أوساسونا الأخيرة كانت الدليل الدامغ الذي يُقدم لمحكمة الفيفا الليلة، مثبتًا أن هذا اللاعب يمتلك جينات الحسم التي يفتقدها الكثير من النجوم الملمعين إعلاميًا.

    المباراة كانت مغلقة، وبرشلونة كان في طريقه لفقدان نقاط ثمينة، هنا ظهر رافينيا ليسجل هدفين غيرا مصير النقاط الثلاث تمامًا.

    الهدفان لم يكونا مجرد زيادة في الغلة التهديفية، بل كانا إعلانًا عن شخصية الفريق، رافينيا في تلك الليلة لم يكن يلعب لنفسه، بل كان يلعب لإنقاذ موسم كامل. 

    هذه الأدوار القيادية والنفسية هي تفاصيل لا ترصدها الإحصائيات الجامدة التي اعتمد عليها مصوتو الكرة الذهبية، لكنها محفورة في ذاكرة كل من يتابع كرة القدم بعين فاحصة.

  • ENJOYED THIS STORY?

    Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

  • هل ينصف أهل الاختصاص قائد المظلومين؟

    الفرق الجوهري بين جائزة الكرة الذهبية وجائزة الأفضل يكمن في عين المصوت، الصحفيون يميلون للقصص البراقة، واللاعبين الذين يمتلكون دعمًا إعلاميًا ضخمًا.

    أما في جائزة الليلة، فنسبة كبيرة من الأصوات تذهب لقادة المنتخبات ومدربيها، هؤلاء هم أهل الاختصاص، الذين يعرفون قيمة اللاعب الذي يضحي بنفسه لأجل الفريق.

    لذلك، هناك أمل وإن كان ضئيلاً أن نرى ترتيبًا أكثر عدالة الليلة، ربما لن يفوز بالجائزة الأولى لأن الآلة الإعلامية لديمبيلي وغيره أقوى، ولكن تواجد رافينيا في مركز متقدم يليق بما قدمه سيكون بمثابة حكم بالبراءة لكرة القدم من تهمة الانحياز للعلاقات العامة.

  • Real Oviedo v FC Barcelona - LaLiga EA SportsGetty Images Sport

    بيت القصيد

    كرة القدم الحديثة تعاني من أزمة تقدير، وما حدث في حفل الكرة الذهبية من تتويج ديمبيلي وتجاهل تأثير لاعبين مثل رافينيا هو عرض لمرض السطحية في التحليل. 

    رافينيا ليس مجرد لاعب متألق؛ هو الدليل الحي على أن الجهد، والشمولية التكتيكية، والقيادة في أحلك الظروف هي القيم الحقيقية التي يجب أن تكافأ. 

    الليلة في الدوحة، ننتظر من جائزة الأفضل ألا تكون مجرد نسخة مكررة من حفل باريس، بل أن تكون صوت الحقيقة القادم من الميدان، لتعيد الاعتبار لقائد المظلومين وتخبرنا أن كرة القدم لا تزال تُلعب بالأقدام والقلوب، وليست بالعناوين الصحفية فقط.

0