رغم معاناة رايا وأونانا وسانشيز .. مدربون الدوري الإنجليزي يصرون على اللعب من الخلف!

القاسم المشترك بين هذه الأندية التي تعاقدت مع حارس مرمى جديد هو رغبتهم في إضافة لاعب يجيد اللعب بالكرة فعلى سبيل المثال، كان افتقار ديفيد دي خيا، إلى التمرير سببًا رئيسيًا لرحيله عن أولد ترافورد، بينما تم اتهام هوجو لوريس أحيانًا بعدم الحسم في الاستحواذ على الكرة، وتشيلسي، أرادوا مواصلة ما كان يفعله كيبا أريزابالاجا وأراد آرسنال نفس الأمر.

"اللعب من الخلف" ليس مفهومًا جديدًا، ولكنه أصبح منتشرًا على مدار السنوات الخمس الماضية وهناك عدد قليل فقط من فرق الدوري الإنجليزي التي تلعب بشكل منتظم على مسافة طويلة وحتى الفرق الضعيفة الآن بدأت تطلب من حراس المرمى أن يمرروا الكرة.

فوائد هذا الأسلوب واضحة فيسمح للفرق بالتحكم في المباريات والتقدم إلى أعلى الملعب تدريجيًا مع الحفاظ على شكلهم، مما يسهل تنفيذ رؤية المدرب الهجومية.

إن مشاركة حارس المرمى في المرحلة الأولى من الهجمة أمر حيوي للغاية، لأنه يمنح الفريق المستحوذ على الكرة ميزة عددية ومن النادر أن يتألق حراس المرمى في اللعب بهذا الأسلوب، حيث يحتاجون إلى تقنية تمرير قوية ووعي تكتيكي للتفكير في تمريرتين أو ثلاث تمريرات للأمام حتى يتمكن فريقهم من التغلب على ضغط الخصم.

ومن الصعب العثور على لاعب يحقق كل هذه المتطلبات ولهذا السبب أثبت أليسون بيكر وإيدرسون حراس مرمى ليفربول ومانشستر سيتي، استحقاقهم للمبالغ الباهظة لقدرتهم على تنفيذ أسلوب اللعب هذا بنجاح كبير.

كان أداء رامسديل، أفضل مما توقعه الكثيرون بعد انضمامه إلى آرسنال من شيفيلد يونايتد مقابل 30 مليون جنيه إسترليني في عام 2021، لكنه لا يزال بعيدًا عن مستوى حارسي ليفربول ومانشستر سيتي، لذلك قرر أرتيتا مدرب آرسنال التعاقد مع حارس مرمى جديد.

كان الجانرز معجب برايا، منذ فترة طويلة، لذلك انضمامه لهم لم يكن مفاجئًا وكان الأمر قاسيًا بالنسبة لرامسديل، الذي تم استبعاده سريعًا لصالح الإسباني.

وبسبب قرار أرتيتا، تعرض لانتقادات كثيرة حيث قال أسطورة مانشستر يونايتد بيتر شمايكل، أن وجود لاعبين أساسيين على مستوى الدوري الإنجليزي سيؤدي إلى سعي كل لاعب إلى "إثبات نفسه" عند اختياره، مما قد يؤدي إلى ارتكاب أخطاء.

ووصف مدرب تشيلسي، بوتشيتينو، القرار بأنه "خطير"، وأشار إلى موقف مماثل واجهه في باريس سان جيرمان، بين دوناروما ونافاس.

قد يبدو الأمر قاسيًا، لكن من السهل معرفة سبب اتخاذ أرتيتا هذا القرار، إحصائيًا كان رايا متقدمًا بفارق كبير على رامسديل من حيث التصدي للتسديدات الموسم الماضي فمنع الإسباني 5.0xg من الأهداف المتوقعة لبرينتفورد، بينما سمح زميله الآن في فريق آرسنال بدخول ما يزيد عن 2.0xG.

كما تفوق رايا على رامسديل في منطقة الجزاء، حيث حصل على 8.7% من التمريرات العرضية التي واجهها وهو ثاني أعلى نسبة في الدوري الإنجليزي مقارنة بـ 5.8% فقط لرايا.

قام رايا أيضًا بتوزيع الكرة بشكل أكثر فعالية، حيث سجل تمريرات أكثر نجاحًا وأكمل حوالي 70٪ من كراته الطويلة على مسافة 40 ياردة أكثر بكثير من رامسديل، وهذا الفارق لافت للنظر ويتحدث عن قوة رايا كحارس مرمى يلعب بالكرة.

ما ينجح من الناحية النظرية لا ينجح دائمًا في الممارسة العملية، خاصة مع الضغط المستمر في الدوري الإنجليزي.

فقام رايا، ببعض الأخطاء مثل هدف لانس الأول في هزيمة آرسنال المفاجئة في دوري أبطال أوروبا، وكان رايا مهتزًا في الشوط الأول أمام مانشستر سيتي أيضًا، وكاد أن يسمح لجوليان ألفاريز بالتسجيل، وأخيرًا خطأه أمام تشيلسي.

على الرغم من هفواته الأخيرة لكن حقق رايا نجاحًا هائلاً لآرسنال ونفذ مطالب أرتيتا الذي دافع كثيرًا عنه.

وقال أرتيتا بعد مباراة السيتي :"إنه خطأي، لأنني طلبت منه القيام بذلك، خاصة ضد هذا الفريق، كل ما عليك فعله هو القيام بأشياء أخرى وستقع في مشكلة كبيرة، يبدأ لاعبي السيتي في ركل الكرات في كل مكان وقلت له لا تفعل ذلك ولم يفعل".

أكثر ما استمتع به أرتيتا منذ تقديم رايا للفريق هو قدرته على لفت انتباه الخصم، قبل تمرير الكرة إلى أحد زملائه في الفريق ومن الصعب للغاية اللعب بهذه الطريقة ضد أفضل الفرق التي تضغط، مثل السيتي.

إن قدرة رايا على البقاء هادئًا وانتظار اللحظة المثالية للتمرير غالبًا باستخدام باطن قدمه لتحفيز الخصم تضيف سلاحًا آخر إلى آرسنال لم يطوره رامسديل بعد، وكما كان الحال في الموسم الماضي، تفوق رايا على رامسدال، في جميع مقاييس التمرير والإنقاذ والمطالبات التي يريدها أرتيتا.

رامسديل قادر تمامًا على اللعب لمعظم أندية الدوري الإنجليزي، ولكن إذا لم يحسم مصيره سريعًا ويشارك في المباريات ففرصته في التواجد بقائمة منتخب إنجلترا في يورو 2024 ستكون صعبة، حيث يلعب جوردان بيكفورد أساسيًا مع فريقه، ويبدأ سام جونستون، الموسم بحالة جيدة مع كريستال بالاس، ويلعب نيك بوب بانتظام في دوري أبطال أوروبا مع نيوكاسل.

إن رحيل رامسديل في شهر يناير أمر وارد، لكن أرتيتا لن يتخلى عنه بسهولة لرغبته في المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي وهذا يتطلب تواجد عناصر بديلة في مستوى الأساسية.

وكان آرسنال يمتلك حارس مرمى بديل الموسم الماضي وهو مات تورنر، وعلى الرغم من قدرته القوية في التصدي للتسديدات، إلا أنه لم يبدو مرتاحًا تمامًا في بناء اللعب.

إذا حاول رامسديل الرحيل عن آرسنال في يناير القادم، سيجد الكثير من فرق الدوري الإنجليزي التي تريد التعاقد معه وأيضًا بايرن ميونخ خيار واضح.

وتعثر سانشيز حارس مرمى تشيلسي وتسبب خطأه أمام آرسنال في نهاية الأسبوع الماضي إلى تساؤلات حول قدرته الحقيقية على اللعب من الخلف.

وأخيرًا أونانا، الذي بدا مناسبًا تمامًا للمرحلة التالية من مشروع تين هاج، لكنه بدأ بداية كارثية وسواء كان الأمر يتعلق بالفشل في التصدي بشكل روتيني، أو اختبار قلوب مشجعي يونايتد بتمريراته الانتحارية، فمن الواضح أن الكاميروني يعاني من أزمة ثقة.

حصل كل من أونانا وسانشيز على دعم علني من مدربيهم، ودافع تين هاج، عن الحارس الكاميروني وقال: "في كل مرة يكون أمامك خط دفاع مختلف، فهذا ليس مفيدًا أنت لا تفهم الروتين هذه مشكلة ولكن عليك التعامل معها هذا هو الوضع الذي نحن فيه ولم يساعده ذلك في اندماجه".

وتابع: "في بعض الأحيان تكون هناك مجموعات مختلفة لم تلعب كثيرًا معًا، لذلك أحيانًا تشعر بالتردد وفي هذه التفاصيل يستفيد منها الخصوم".

وعلق مدرب تشيلسي على خطأ سانشيز أمام آرسنال قائلًا: "أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث، هذا النوع من المواقف عليك أن تتقبله اليوم، نحن في عصر كرة القدم بالطريقة التي نريد أن نلعب بها من الخلف".

هذه المواقف نموذجية للمدربين في عام 2023، ونعم يمكن أن يؤدي إشراك حارس المرمى في بناء الهجمة إلى نتائج مقلقة احيانًا ولكن في النهاية تتفوق المزايا على المخاطر بكثير.