"عندما أتذكر طفولتي، أرى أن كرة القدم كانت جزءً مهمًا جدًا منها. كنت أحاول أن ألعب الكرة قبل وبعد الذهاب للمدرسة، وشغفي جعلني أتخطى كل الصعوبات التي واجهتها في مسيرتي"...تلك هي كلمات لاعب ريال مدريد "رودريجو جوس" الذي تُوج لتوه بجائزة أفضل موهبة صاعدة في العالم، وهي عبارات تقول الكثير عن أسباب بلوغه كلما بلغه عن عمر لا يتجاوز الـ19.
فإن تطلعنا لقصة رودريجو مع كرة القدم، سنجد أن كل شيء يبتدأ عند حبه وشغفه باللعبة، وهو ما جعله يتجاهل كل شيء ليبقى مرتبطًا بها ويحقق حلم التحول للاعب محترف، أولًا في نادي أحلامه "سانتوس" ثم في أحد أنجح النوادي في تاريخ كرة القدم ريال مدريد، وتحقيق كل ذلك في عمر مبكر ليس أمرًا هيّنًا أبدًا وقلة قليلة فقط حول العالم نجحوا في الظفر بشيء مماثل.
طريق رودريجو نحو النجاح لم تكن مفروشة بالورود، ولو اعتمد على الموهبة وحدها لما كان اليوم في المكانة التي بلغها. اليافع البرازيلي اعترف في حديث خاص مع جول أنه افتقد بشدة لوالده عندما كان طفلًا، فهذا الأخير كان لاعب كرة قدم، وكان يقضي معظم وقته في النادي، والأمر الوحيد الذي كان يواسيه هو عشقه لتلك الساحرة المستديرة، والتي سخّر لها جل وقته وطاقته، ولم يدع أيًا من العراقيل يُبعده عنها.
(C)Getty imagesذلك الشغف لم يتوقف حتى في يوم خاص مثل عيد ميلاده، فقد اعترف أنه قضى يوم عيد ميلاده الـ17 يتمرن كأي يوم اعتيادي، وأن اجتماعه في نهاية اليوم مع أسرته لإطفاء شمعته الـ17 لم يكن سوى لـ"تفادي مرور اليوم دون الانتباه له". وتلك تفاصيل قد تبدو صغيرة، لكنها تكشف عن جزء مهم من أسباب نجاحات رودريجو المتتالية في مسيرته الكروية.
ارتباطه المتواصل بالساحرة المستديرة جعل أنظار كبار كرة القدم تتجه نحوه، ولم يتأخر ريال مدريد في دفع 45 مليون يورو من أجل التعاقد معه في الصيف الماضي، وهو استثمار سرعان ما أظهر نجاعته، فرودريجو لم يحتج سوى لـ93 ثانية بقميص الريال قبل تسجيل هدفه الأول وإلقاء التحية على جماهير سانتياجو بيرنابيو التي سرعان ما جعلته أحد المفضلين لديها.
رودريجو لم يدع شيئًا يُبعده عن كرة القدم، وسعيه المتواصل للبقاء مرتبطًا بشغفه سمح له بتخطي أصعب الظروف، ليُصبح اليوم أصغر لاعب في تاريخ دوري أبطال أوروبا ينجح في تسجيل الهاتريك المثالي (أمام غلطة ساري، عن عمر 18 سنة و301 يومًا)، كما أنه ساهم في 9 أهداف خلال 18 مباراة خاضها هذا الموسم، وإن واصل العمل بنفس هذه الرغبة والطموح، فلا شك أنه سيكون في زمرة أفضل لاعبي المستديرة في قادم السنوات.
هو يعي جيدًا أنه يعيش حلمًا بشكل يومي ويقوم بكل شيء ليجعله مستمرًا "سأكذب إن قلت أنني أعيش الحقيقة، ما أعيشه حاليًا حلم كبير. عندما أدخل لغرفة ملابس الفريق، أرى بقية اللاعبين وأقول لنفسي "حسنًا، أنا مع ريال مدريد، إنه أمر رائع"، لكني أعي جيدًا أن العمل الجاد هو فقط ما سيضمن لي الاستمرار. ذلك يساعدني على الحفاظ على التواضع اللازم"


