GERMANY ONLY: KEVIN GROSSKREUTZ JÜRGEN KLOPP BORUSSIA DORTMUNDimago images / Rene Schulz

هل يُكرر كلوب سنواته الأخيرة "الفاشلة" مع ليفربول؟ الوضع لا يبدو نفسه!

هل يُعيد التاريخ نفسه؟ كان هذا هو شعار أغلب جماهير ليفربول القلقة على فريقها بالآونة الأخيرة، فمع تراجع كبير للنتائج والأداء والابتعاد عن صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز، بدأت أفكار أن المدرب يورجن كلوب سيُعيد نفس تجربته في بوروسيا دورتموند، من نجاح أسطوري إلى سقوط مدوي.

ما بين إصابات عديدة وجمود تكتيكي في بعض الأحيان، يُنظر إلى كلوب أنه يأخذ ليفربول إلى منعطف خطير بكل المقاييس، في الوقت الذي تتفائل فيه بعض الجماهير، باعتبار أن التراجع منطقي في الفترة الراهنة قياسًا بالظروف المحيطة، فهل حقًا تجربة دورتموند يمكن أن تتكرر مع ليفربول؟

الإجابة على السؤال تبقى مجهولة، لكن للإجابة، علينا النظر على ما حدث في دورتموند أولًا وكيف تعامل كلوب معاه، مقارنةً بما يحدث في الريدز حاليًا، والنتيجة حينها من الناحية المنطقية لن تُقلق جماهير ليفربول أبدًا.

عدد محدود والحل جروسكرويتس

GERMANY ONLY: KEVIN GROSSKREUTZ JÜRGEN KLOPP BORUSSIA DORTMUNDimago images / Rene Schulz

بدأت أزمة العدد المحدود من اللاعبين وتأثيرها على فريق كلوب في موسم 2013-2014، عندما ضربت دورتموند موجة غريبة من الإصابات تحديدًا في مراكز قلب الدفاع ومنتصف الملعب والظهيرين.

ما زاد من حرارة الأزمة كان أنها حدثت في منتصف الدور الأول، حيث لا يمكن لدورتموند التعاقد مع أي لاعب جديد إلا لو كان بدون نادٍ، وهذه وضعية للاعب تتحدث عن نفسها وعن مستواه.

في ذلك التوقيت كان الحل الوحيد أمام كلوب هو الاعتماد على نوعيته المفضلة من اللاعبين، أولئك الذين يمكنهم اللعب في أي مركز وإن كانت جودتهم ضعيفة، مع إقحام بعض اللاعبين من فرق الشباب.

لقد كانت هذه الفترة هي فترة ذروة كيفن جروسكرويتس، الذي لعب في كل المراكز بمعنى الكلمة، ظهير أيمن وأيسر وارتكاز وجناح، أدى بصورة مقبولة جدًا فيما بعد أرسلته للعب كأس العالم مع منتخب ألمانيا.

من المباريات التي لا تنسى لدورتموند في تلك الفترة هي مباراته أمام مارسيليا في مجموعات دوري أبطال أوروبا، حينها كان الفريق كله بديلًا تقريبًا، هنريك مختاريان عاد ليلعب كارتكاز بدلًا من صانع لعب، جروسكرويتس ارتاد الجبهة اليُمنى، الناشئ سار كان قلب الدفاع بجوار سوكراتيس، وإيريك دورم كان الحل الوحيد للجبهة اليُسرى رغم أنه يلعب بيمناه.

استمرت وضعية دورتموند هكذا في ذلك الموسم، لدرجة أن كلوب اضطر للتعاقد مع الخبير فريديريتش وهو بدون نادٍ ولم يلعب منذ عام، فقط حتى يُنقذ قلب الدفاع من هول إصابات سوبوتيتش وهوملس وغيرهما في ذلك الوقت.

مباريات كارثية قدمها دورتموند محليًا وأوروبيًا، مثلًا مباراة ريال مدريد في سانتياجو برنابيو بربع نهائي الأبطال (ثم قدم مباراة ملحمية في العودة)، وأمام هامبورج في الدوري وغيرهما.

هنا ما ساعد كلوب على المرور من الأزمة بأقل الأضرار (احتلال الوصافة محليًا وخسارة نهائي الكأس وربع نهائي الأبطال) كان أمرين، الأول يتعلق بكرة القدم في ألمانيا وقتها ومعاناة أغلب الأندية من أزمات كثيرة، والثانية تعلقت بوجود روبرت ليفاندوفسكي، الذي كان منقذًا بأتم معاني الكلمة.

عندما تكرر الأمر ولو بدرجة أقل في موسم 2014-2015، حيث فشل تشيرو إيموبيلي وأدريان راموس في خلافة ليفا، وحدث تطور لأداء بعض الأندية الألمانية كفولفسبورج بقيادة كيفن دي بروينه حينها، كانت النتيجة موسم مآسوي كتب نهاية هذه التجربة الملحمية إرضاءً لجميع الأطراف.

جودة ليفربول غير

GERMANY ONLY: DIOGO JOTA LIVERPOOLimago images / PA Images

صحيح أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن استقاء بعض العبر منه والنظر إلى بعض الاختلافات في أرض الواقع تؤدي إلى تنبؤ أكثر منطقية وواقعية.

ليفربول بدأ أزمة مشابهة، لكن يبقى وضع الريدز من ناحية القائمة مختلف كليًا عن قائمة دورتموند، وإن اتفقا في العدد المحدود للاعبين.

اليوم إذا غاب صلاح، يوجد جوتا، وإذا غاب جوتا يوجد شاكيري، وفي قلب الدفاع يمكن القيام بوضعية جروسكرويتس المفضلة لكلوب، بأخذ فابينيو من منتصف الملعب إلى خلافة فان دايك، حتى روبيرتو فيرمينو فلديه بديل جيد كديفوك أوريجي.

هذا إلى جانب ما اكتسبه كلوب نفسه من خبرات وعبر، فمن المستحيل أن يواصل المدرب الألماني فلسفة الضغط العالي المتبعة منه في ظل قلة عدد اللاعبين لإنهاكهم بدنيًا، عكس تمامًا تصميمه الغريب على ذلك مع دورتموند.

من جهة متصلة أيضًا، فإن الجودة تتحدث عن نفسها، في دورتموند كان بديل ليفاندوفسكي هو يوليان شايبر، خرج من دورتموند فلم يسمع عنه أحد، كان رومان فايدنفيلر كحارس مرمى قد بلغ من العمر أرذله ومن بديله؟ حارس استرالي متواضع اسمه لانجيراك، لعب بعدها في الدرجة الثانية.

حتى في جودة الشباب، فالثنائي ويليامز وكيرتس جونز وما لديهم من تجربة مع الفريق الأول مؤخرًا تجعلهم أفضل بكثير من سار الذي اعتزل كرة القدم مبكرًا، ومن أوليفر كيرش أو الصفقة المعجزة يوييتش وغيرهم من أسماء متواضعة جدًا جدًا وفرهم له دورتموند.

دوري مختلف وكلوب مختلف

Jurgen Klopp Mohamed Salah Liverpool 2020-21Getty Images

الواقع أيضًا يقول شيئًا مهمًا وهو أن الدوري الألماني في تلك الفترة مختلف كليًا عن الدوري الإنجليزي، وليفربول كنادٍ نفسه وبطبيعته وعقليته الحالية يختلف كليًا عن بوروسيا دورتموند.

لم يولد دورتموند عملاقًا، هذه ليست إهانة ولكنها حقيقة، هو من فرق الصف الأول في ألمانيا ولكنه يظهر ويختفي على مدار التاريخ كعادة كل أندية ألمانيا، لا يمتلك استمرارية بايرن ميونخ مثلًا إلا في السنوات الأخيرة، حالات مشابهة لبريمن وهامبورج وشتوتجارت وغيرهم.

لذلك، فمع عودة دورتموند إلى القمة مع كلوب فهو لم يكن بنفس عقلية ليفربول مثلًا، بل كان بالنسبة لكل اللاعبين بوابة لنادٍ أكبر ومجرد مرحلة انتقالية، وبالنسبة للنادي نفسه فلم يتحل بعقلية منافسة بايرن وترسيخ نفسه كبطل دائم، بل على النقيض تمامًا.

وبالنظر إلى الدوري الألماني حينها، فكان في مرحلة ظهور بعض المشاريع الواعدة "فولفسبورج مع ديتر هيكينج وهوفنهايم وغيرها"، في مقابل مشروع بدورتموند أصابه جمود غريب، فأخذ المنحنى الأصفر في النزول إلى الأسفل لا التقدم وتأثرت النتائج والترتيب وخلافه.

ونقطة أخرى هامة تتعلق بيورجن كلوب نفسه، في ذلك الوقت أصيب بجمود تكتيكي لا ينكره أحد، ضغط عالٍ وطريقة 4-2-3-1 ولعب من الأطراف فقط، أي مرتدة عليه بهدف ودفاعات هزيلة وحارس مرمى يُجامل لتاريخه ليس إلا.

كلوب وقتها بسبب الإصابات وبسبب نظرة منه مثلًا صمم على أوباميانج كجناح لا مهاجم صريح، تعاقد مع إيموبيلي وهو لا يتناسب مع دورتموند لخلافة ليفا، أمور كثيرة لن نخوض فيها، لكنها تؤكد أن كلوب كان لا يزال يتعلم وخبرته ضعيفة.

أما اللحظة الراهنة فالأمور مختلفة كليًا..

كلوب ليس نفسه كلوب الجامد تكتيكيًا، الآن نراه يغير طريقة اللعب ويتأقلم مع الظروف بصورة أفضل بكثير عن ماضيه، الصفقات التي يعقدها لحل أزماته مختلفة جودة وفكرًا وهدفًا عما كان يحدث في دورتموند بآخر موسمين.

كلوب نفسه هو من يطلب إبرام صفقات لدعم الدفاع رغم رفض الإدارة، إنه ليس نفسه المدرب الذي رضخ لإدارة دورتموند عندما لم تمتلك الأموال، بل إنه يقاتل حتى اللحظات الأخيرة من الميركاتو لدعم فريقه بالصورة المثالية.

مع نقطة أن عقلية ليفربول هي عقلية البطل، هذا ما زرعه كلوب وهذا الاختلاف بين ليفربول ودورتموند، فالبطل لن يصاب بالجمود الآن، الفريق لا زال جائعًا واللاعبون لديهم الرغبة في مزيد من الإنجازات، لا يبحثون عن نادٍ آخر مثل حال لاعبي دورتموند.

في الختام يمكن القول، صحيح أن ليفربول تراجع، لكن الشواهد تقول أنها مجرد "كبوة جواد" وأن كلوب 2021 مختلف كُليًا عن كلوب أواخر أيام دورتموند، لذلك فعودة هذه الأيام يبدو من الناحية المنطقية غير وارد.

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0