كرة القدم كانت ومازالت في نظر العديد لعبة الرجال، إذ رغم التقدم الكبير في الكرة النسائية وتواجد لاعبات بجودة عالية، إلا أن مقاليد الحكم خارج الملاعب ظلت بأيدي الرجال .. مع هذا، فهناك عدة نساء اخترقن ذلك الحاجز وفرضن أنفسهن على اللعبة الأشهر في العالم. جول النسخة العربية يُطلق سلسلة جديدة تتحدث عن أبرز النساء في عالم الساحرة المستديرة.
حلقتنا اليوم عن مارينا جرانوفسكايا .. المرأة الحديدية التي لم يهزمها سوى الحرب في تشيلسي
تحدثنا الحلقات الماضية من سلسلة "نساء في كرة القدم" عن 20 سيدة تركت بصمة واضحة في اللعبة الشعبية الأولى، منهن اللاعبات والمدربات والخائنات والمثيرات للجدل وغيرهن، لكننا لا نخطئ أبدًا باعتقادي حين نصف بطلة حلقة اليوم بالسيدة الأهم والأقوى في كرة القدم، المرأة الحديدية التي سيطرت على لعبة الرجال في لندن وإنجلترا كاملة لمدة عقد كامل تقريبًا، السيدة التي لم يستطع أحد أن يهزمها سوى حرب شرسة جمعت بلادها روسيا مع أوكرانيا وأدت للإطاحة بسيدها ومديرها رومان أبراموفيتش.
وُلدت مارينا جرانوفسكايا في روسيا في يناير 1975، وقد درست الرقص والموسيقى في إحدى مدارس موسكو العريقة قبل أن تلتحق بكلية اللغات الأجنبية التابعة لجامعة موسكو الحكومية وتتخرج منها عام 1997 مع مرتبة الشرف.
جرانوفسكايا بدأت العمل مع أبراموفيتش بعد التخرج من الجامعة فورًا، وكانت الخطوة الأولى في شركته الخاصة بأعمال النفط "Sibneft"، والتي باعها فيما بعد، ومن ثم انخرطت في بقية أعمال الملياردير الروسي الذي فازت بثقته تمامًا، وقد كانت جزءًا من الشركة البريطانية القابضة، ميلهاوس كابيتال، التي أعلنت عام 2001 تولت إدارة أعماله في بريطانيا وكان مقرها لندن.
كل هذا كان التحضير لدخول عالم كرة القدم المرعب من البوابة الأكثر قلقًا للنساء .. المسؤولية الإدارية! أبراموفيتش اشترى تشيلسي عام 2003 وسرعان ما وضع امرأته الموثوقة في إدارته، حيث كانت تُوصف بأنها عين وأذن الرجل الروسي في النادي الإنجليزي.
مارينا بدأت العمل في تشيلسي منذ انتقال ملكيته للملياردير الروسي، لكن دون الظهور للإعلام، وقد عُينت متحدثة باسم المالك عام 2010 ومن ثم أصبحت عضوًا في مجلس الإدارة ومديرة النادي عام 2013 وأخيرًا تولت منصب الرئيس التنفيذي والمسؤولة عن التعاقدات عام 2014.
صاحبة الـ49 عامًا كانت خلال تلك الفترة الأقوى في النادي الملقب بالبلوز، سواء على صعيد الرجال أو النساء، وقد دخلت في معارك كثيرة وكبيرة مع رجال مختلفين، من مدربين ولاعبين ووكلاء ومسؤولين وإداريين، ولم تهتز أبدًا! حققت نجاحات كبيرة في النادي، خاصة على صعيد صفقات البيع والشراء، وحظيت باحترام كبير جدًا في الأوساط الإعلامية والكروية، حتى أنها فازت بلقب أفضل مدير نادٍ في كرة القدم الأوروبية عام 2021 ضمن جوائز "الولد الذهبي" في إيطاليا والمقدمة من صحيفة توتو سبورت.
المرأة التي تحمل الجنسية الكندية بجانب الروسية ارتبطت بعدد من القرارات الصعبة والجدلية جدًا، أبرزها الخلاف مع أنتونيو كونتي وإقالته، والتعاقد مع ماوريتسيو ساري الذي حملها الجميع مسؤوليته، وصفقة بيع إيدين هازارد إلى ريال مدريد، بجانب إبرام عديد الصفقات الجدلية مثل دييجو كوستا وروميلو لوكاكو، حققت نجاحات ملحوظة ولكن كان لها إخفاقات كبيرة كذلك أضرت بالنادي رياضيًا وماليًا، لكن رغم ذلك لم يكن لأحد أن يُزحزحها من مكانها ويُفقد أبراموفيتش ثقته بها.
لهذا، ظن الجميع أن مارينا ستبقى مديرة للنادي للأبد! لكن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 كان السلاح الذي هزم السيدة الصارمة، إذ أدى تراجع العلاقات الروسية الإنجليزية إلى إجبار أبراموفيتش على بيع النادي إلى تود بولي والذي بدوره أعلن خلال يونيو من نفس العام رحيل جرانوفسكايا عن منصبها.
قرار المالك الجديد أنهى حقبة من الزمن لم تعرف سيدة في كرة القدم بقوة وصرامة وقدرة مارينا جرانوفسكايا على اتخاذ القرارات الجريئة والشجاعة، مارينا اختفت إعلاميًا بعد رحيلها عن تشيلسي، ولكنها تتواجد على منصات السوشيال ميديا وغالبًا ما تحتفل بإنجازات البلوز خلال عهدها.