ONLY GERMANY Fayza Lamari PSG 2021Getty Images

نساء في كرة القدم | فايزة العماري .. "الجزائرية" التي هزت عرش باريس وحبست أنفاس مدريد!

كرة القدم كانت ومازالت في نظر العديد لعبة الرجال، إذ رغم التقدم الكبير في الكرة النسائية وتواجد لاعبات بجودة عالية، إلا أن مقاليد الحكم خارج الملاعب ظلت بأيدي الرجال .. مع هذا، فهناك عدة نساء اخترقن ذلك الحاجز وفرضن أنفسهن على اللعبة الأشهر في العالم. جول النسخة العربية يُطلق سلسلة جديدة تتحدث عن أبرز النساء في عالم الساحرة المستديرة.

حلقتنا الأولى تتحدث عن السيدة التي هزت عرش باريس وحبست أنفاس مدريد، الأم التي آمنت بنجلها وجعلته الهدف الأهم لعمالقة كرة القدم، الذئبة التي افترست الجميع دفاعًا عن فلذة كبدها .. عن الجزائرية فايزة العماري والدة كيليان مبابي.

البداية في بوندي .. الجناح الطائر يطير بكيليان نحو المجد

وُلدت فايزة العماري في مدينة بوندي الفرنسية لأبوين جزائريين عام 1974، وقد تزوجت من الكاميروني ويلفريد مبابي وأنجبت منه كيليان وإيثان وتبنيا طفلًا ثالثًا فيما بعد فقد جميع أفراد أسرته.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

السيدة الجزائرية تحملت مسؤولية أطفالها وعائلتها، آمنت بموهبة كيليان وشجعته لتطويرها وتحسينها، بدأت معه مع فريق بوندي وكان في عامه السادس فقط.

الأم اعتنت بالموهبة لكنها لم تُهمل التعليم، فقد اهتمت كثيرًا بدراسة نجلها، وهذا أوضحته نيكول لوفيفر، أستاذته السابقة في اللغة الفرنسية، خلال فيلم وثائقي بثته قناة صحيفة "ليكيب" الفرنسية الرياضية في نوفمبر 2018.

حيث قالت "والدة كيليان كانت مهتمة جدًا بمستواه العلمي، لقد كانت تُرسل معه بطاقة خاصة وتطلب من جميع المدرسين تدوين الملاحظات حول الطالب وسلوكه بها"، وقد أصرت الأم على مواصلة نجلها للدراسة حتى حصل على شهادة البكالوريا.

فايزة لديها علاقة قوية بالرياضة كذلك، إذ كانت ضمن فريق بوندي النسائي لكرة اليد، كانت تلعب في خانة الجناح الأيمن ويبدو أنها مارست دورها في الحياة بتلك الطريقة .. حيث طارت بموهبة كيليان نحو المجد.

"حذار من الخوف" .. الدرس الأول من الأم للاعب الموهوب

الدروس من الوالدين كثيرة لأطفالهما، لكن بعضها يبقى عالق في العقل للأبد، يُصقل الشخصية والعقلية ويُعد نقطة تحول كبيرة في مسيرة الطفل.

كيليان تحدث عن أحد تلك الدروس من والدته، كان بعنوان "حذار من الخوف"، قال عنه في مقال كتبه عبر منصة "The Players' Tribune" "لن أنسى هذا اليوم أبدًا، كنا نخوض بطولة مدرسية بسيطة لكنها كانت بالنسبة لنا أشبه بكأس العالم، وصلنا نصف النهائي وكانت المباراة على ملعب حقيقي بحضور كبير، كنت مرعوبًا من الأجواء ولم ألعب جيدًا أبدًا، لم أركض وبالكاد لمست الكرة، كل هذا بسبب الخوف".

واصل "لم أنس أبدًا ما حدث بعد المباراة، دخلت والدتي الملعب وأمسكتني من أذني، ليس لأنني لم ألعب جيدًا بل لأني كنت خائفًا، وقالت لي "سوف تتذكر هذا طوال حياتك. عليك دائمًا أن تؤمن بنفسك، حتى لو فشلت. يمكنك إضاعة 60 هدفًا، لا أحد يهتم، لكن حقيقة أنك ترفض اللعب لأنك خائف يمكن أن تطاردك طوال حياتك"، بعد تلك الكلمات لم أعد أخاف أبدًا من أي مباراة أو ملعب كرة قدم. الحقيقة أنه دون أمي وأبي لم يكن ليُوجد كيليان أبدًا".

باريس سان جيرمان وريال مدريد لم يكونا البداية .. صرامة الأم بدأت مبكرًا مع تشيلسي

إيمان فايزة العماري بموهبة نجلها كيليان كانت دون حدود، كانت ترى مستقبله المبهر واضحًا أمام عيونها رغم صُغر سنه وصعوبة ظروفه، وشخصيتها الصارمة القاسية في المفاوضات حول مصالحه لم تظهر فقط مع باريس سان جيرمان وريال مدريد، بل قبل ذلك بسنوات ... في لندن، مع تشيلسي.

ذاع صيت مبابي في بوندي، وهو ما جعله هدفًا لبعض الأندية خارج فرنسا، ذهب في فترة اختبار مع نادي تشيلسي، وقد وصف تلك الرحلة بأنها كانت أشبه بزيارة كوكب آخر، إذ حصل منها على عدة صور مع نجوم الفريق وعلى رأسهم ديديه دروجبا، فلم يكن قد تخطى عامه الـ11.

ظل هناك لمدة أسبوع وخاض مباراة مع الفريق وتألق للغاية، لكن رغم ذلك لم يُظهر المدربون في البلوز اقتناعهم الكامل به، ولذا طلبوا منه العودة مرة أخرى لاختباره من جديد، وهنا كان الرد الحاسم من والدته "لا، لن نعود. إما التعاقد معه الآن أو العودة بعد 5 سنوات للحصول عليه مقابل 50 مليون يورو". هذه القصة رواها دانييل بوجا لاعب تشيلسي السابق وكان من ترجم كلمات السيدة الجزائرية من الفرنسية للإنجليزية عام 2012.

تلك الشخصية القوية للسيدة الجزائرية ظهرت حتى مع نجلها بعد وصوله للقمة، حيث فرضت عليه التبرع بـ30% من دخله السنوي لجمعية خيرية مهمتة بالأطفال، وقد هددته بالتخلي عنه حال رفض طلبها وقد استجاب بالفعل.

الجزائرية التي هزت عرش باريس وحبست أنفاس مدريد

رغم ذلك الأثر الكبير لصاحبة الـ50 عامًا في حياة كيليان مبابي إلا أن ظهورها للأضواء لم يحدث إلا بعد ظهور رغبة ريال مدريد في التعاقد مع اللاعب الفرنسي في ظل إصرار ناديه الباريسي على الحفاظ عليه.

مبابي انضم إلى موناكو عام 2013، ونجح في منحه لقب الدوري الفرنسي في موسم 2016-2017، وهنا وضعه باريس سان جيرمان على رأس أهدافه ونجح في ضمه بالفعل، بالإعارة أولًا صيف 2017 ثم بالانتقال الدائم صيف 2018، ولكن فايزة العماري لم تكن سعيدة بتلك الصفقة لأنها كانت تُفضل انتقال نجلها بشكل مجاني.

السيدة الملقبة بالذئبة في الصحافة الفرنسية تُحب دومًا لعب دور البطولة في انتقال نجلها، لا تحب أن يُفرض عليها شيء بل تتحكم هي بجميع التفاصيل، ولذا تميل دومًا لصفقات الانتقال الحر.

العماري ظلت في مفاوضات مع باريس سان جيرمان وريال مدريد طوال موسم 2021-2022، وذلك بعدما رفض النادي الفرنسي العرض الإسباني لضم نجمه مقابل 200 مليون يورو صيف 2021 ورغم تبقي موسم واحد فقط في عقده، السيدة الجزائرية هزت عرش باريس وحبست الأنفاس في مدريد حتى حسمت كل شيء في مايو 2022.

نجحت وكيلة مبابي في فرض شروطها على النادي الفرنسي، المالية والرياضية، حتى فاجأ العالم وجدد عقده في مايو 2022 ليصدم ريال مدريد برئيسه وإعلامه وجمهوره، وظن الجميع أن التجديد حتى صيف 2025 حتى كُشف بعدها أنه فقط لموسمين مع إمكانية التجديد لثالث بشرط موافقة الطرفين.

القصة باتت قريبة جدًا من النهاية، إذ انتصرت فايزة العماري مجددًا ووصلت إلى صيغة العقد التي تريدها مع ريال مدريد وأبلغت باريس سان جيرمان بالفعل بقرار الرحيل .. بات كل شيء جاهزًا لخوض مغامرة جديدة، بل ومواجهة جديدة مع فلورينتينو بيريز أقوى رئيس نادٍ في العالم! مواجهة ستمتد لسنوات قادمة وستتضمن تفاصيل كثيرة وستكون جديرة بالمتابعة.

إعلان