"جلست على هذا المقعد مرتين في دوري الأبطال عقب الإطاحة بمانشستر يونايتد من دور 16 على أرضه في أولد ترافورد. مع بورتو وريال مدريد أطحنا بيونايتد في المرتين. هذا ليس بالأمر الجديد على النادي، ولا أريد أن أخلق أجواء من الإثارة لأننا لا نملك الوقت للقيام بهذا"
هكذا صرح جوزيه مورينيو عقب خروج مانشستر يونايتد من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا 2018، بعد خسارة جاءت على يد المتذبذب إشبيلية، والذي كان الفريق الوحيد في تاريخ البطولة الذي يغيّر 3 مدربين في العام ذاته ويصل إلى ربع نهائي أعرق المسابقات الأوروبية. لماذا؟ لأنه واجه فريقًا لم يلعب من أجل التأهل.
عقب هذه الواقعة خرج مورينيو بهذه التصريحات، ثم جاء المؤتمر الذي تحدث فيه عن الإرث الكروي المتواضع لمانشستر يونايتد ، ليخفي حقيقة أن الخروج أمام إشبيلية كارثة لا تغتفر، وأن الأداء والمشهد الذي قدمه الشياطين الحمر على مدار مباراتي الذهاب والإياب لا يمكن تفسيره، حتى وإن لم تكن تمتلك إرثًا على الإطلاق.
قبل ثلاثة أسابيع خسر توتنهام على أرضه مواجهة الذهاب أمام لايبزيج في ثمن نهائي دوري الأبطال، نفس تلك المسابقة التي ودعها قبل عامين ومن نفس الدور، ولكنه خرج بعد لقاء الذهاب يقول إنه يؤمن بقدرة توتنهام على تعويض النتيجة إيابًا والتأهل، والنتيجة؟ لا شيء مما قيل.




وبعد المباراة التي خاضها السبيرز أمام بيرنلي مطلع الأسبوع الحالي في الدوري الإنجليزي الممتاز وانتهت بالتعادل، قال مورينيو إنه كان أمام الاختيار بين مواجهة بيرنلي ومواجهة لايبزيج مؤكدًا أنه اختار مباراة دوري الأبطال. والنتيجة؟ أيضًا لا شيء مما قيل.
بالنسبة لتوتنهام ومورينيو كان دوري أبطال أوروبا هو الأمل الأخير بالنسبة للموسم، الذهاب بعيدًا في البطولة حتى وليس التتويج بها كان سينقذ جزءًا مما أفسده الوضع في توتنهام، خصوصًا بعدما عانى الفريق مع السبيشيال وان ويلات ما كان يعانيه مع المدرب السابق ماوريسيو بوتشيتينو، ولم تتغير الأمور إلى الأفضل كما كان منتظرًا.
لا يمكن هد المعبد على رأس مورينيو وحده، هذا بديهي لأسباب أولها الإصابات المتتالية التي عانى منها؛ حيث فقد سون وهاري كين وبيرجوين الوافد الجديد والكثير من اللاعبين الذين أصيبوا وعادوا منذ تولى تدريب النادي، فضلًا عن كونه جاء في منتصف موسم سيئ وليس من المفترض أنه يمتلك عصا سحرية، كل ذلك مفهوم ولكن علينا أن نسأل الآن، لماذا يستحق مورينيو اللوم؟
الإجابة بسيطة للغاية، مورينيو يستحق اللوم لأنه لا شيء، لا إضافة حقيقية ولا تغيير في الشكل ولا كرة قدم جديدة، لا يوجد أي مؤشر يقول إن الرجل تعلم من أخطاء الماضي، وأنه قرر بالفعل أن يأخذ استراحة لمدة عام من أجل مراجعة أفكاره وفلسفته والاستعداد جيدًا للتجربة المقبلة التي يجب أن تكون مختلفة.
مورينيو ظهر بنفس عيوبه ونفس الطرق في البحث عن الانتصار، وعلى الرغم من إقالتين مأساويتين من تشيلسي ثم من مانشستر يونايتد، إلا أن الرجل قرر أن يعيد الكرّة مع توتنهام، الفريق الذي لن يمتلك رفاهية التعاقدات الكبرى وجلب اللاعبين كسابقيه، وربما هو الشيء الذي لم يستوعبه مورينيو حتى الآن، أنه جاء لإحراز الألقاب مع فريق ليس معتادًا على ذلك، ولا تسمح ميزانيته بانقلابات من أجل ذلك.
الجمود وعدم التجديد هو ما جعل البعض يؤكد على حقيقة أن كرة القدم التي يقدمها السبيشيال وان قد انتهت صلاحيتها، وهذا طبيعي بالنسبة لأي أسلوب حتى وإن ساد العالم في فترة ما، ولكن حين يؤشر المنطق على انتهاء صلاحيته يجب أن يحضر التجديد، وهو ما لم يقتنع به مورينيو.
مورينيو لا يريد أن يدرك أن عصر الإحصائيات وثورة المعلومات جعل كرة القدم أكثر سرعة، وأكثر تطورًا، أصحبنا من خلال أجهزة الحاسوب نصل إلى تطورات الخطط والخطط المضادة، نصل إلى ذلك ونحن مشاهدين نتعامل مع كرة القدم كوسيلة ترفيه، فماذا عمّن يتقاضون الأموال مقابل هذا العمل أصلًا؟ هل يعتقد السيد جوزيه أنهم سيتوقفوا عن ذلك؟
"في هذه التجربة لن أكرر أخطاء الماضي، سأرتكب أخطاء جديدة"
GettyImageبهذا التصريح بدأ مورينيو أول مؤتمر صحفي له كمدرب لتوتنهام ، ولكنه أثبت بعدها أنه لن يرتكب أخطاء جديدة بقدر ما سيكرر أخطاء الماضي، وأثبت كذلك أنه لم يتعلم شيئًا من أخطاء الماضي، الأمر الذي كان شرطًا أمامه في حال نفض الغبار عن نفسه والعودة إلى قمة الساحة من جديد.
الرجل الذي عُرف عنه القدرة على صناعة أصلب دفاعات أوروبا هو نفسه الذي بات يقدم أسوأ الأرقام الدفاعية، الرجل الذي كان يعاني معه مانشستر يونايتد من الـ 25 فرصة محققة على المرمى، ويلعب بخطة "سيتصدى دي خيا" هو نفسه الذي تلقى 37 هدفًا في أقل من 4 أشهر، كأكثر أندية البريميرليج تلقيًا للأهداف، أو بالأحرى، أكثر من الجميع عدا أستون فيلا الذي ينافس على الهبوط!
تريد أرقامًا سلبية أكثر؟ سنخبرك، الرجل يحتل المركز الثامن على سلم ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلى الرغم من تعثر كل الأندية التي تنافسه على بطاقة دوري الأبطال، إلا أنه لم ينجح في استغلال أي من هذه التعثرات، وتفنن في تضييع النقاط حتى ابتعد حتى عن مركز مؤهل للدوري الأوروبي.
تريد أكثر؟ عندنا الكثير هنا، بالهزيمة التي تلقاها توتنهام اليوم يكون مورينيو قد وصل إلى 6 مباريات متتالية دون فوز في مختلف المسابقات، 6 مباريات بين خسارات وتعادلات تعد هي سلسلة اللا فوز الأطول للسبيشيال وان منذ أن بدأ مسيرته التدريبية، أي أننا نتكلم عن أسوأ أرقامه على الإطلاق ما بين 20 عامًا.
بالعودة إلى النقطة الأولى، من الممكن إدراك أن الإصابات والعوامل الخارجية قد أثرت على توتنهام مورينيو بصورة كبيرة، وأنه في حال سارت الأمور كما أراد الرجل لما وصلت الأمور إلى هذا السوء، ولكن على الأقل، ندرك جميعًا أن هناك صورة أفضل من تلك كانت متاحة وفقًا لما في يدي الرجل، دون أن ننسى الأزمة الأكبر، أنه لا يريد أن يتغير.
الموسم الحالي سينقضي، ولكن على مورينيو إدراك أن الميركاتو سيحسن وضعية الفريق بصورة محدودة، وأن الموسم القادم لن يكون له أية أعذار، وأن الأهداف التي ستوضع على كاهله في حال طالت التجربة لن تكون فقط التأهل إلى دوري أبطال أوروبا ومحاوولة خطف المركز الرابع في البريميرليج كل عام، عليه أن يدرك أن الحديث عن الإرث الكروي وتاريخ الأندية لا يفيد، ببساطة لأن التعاقد معه يكون خطوة من أجل تجاوز ذلك، خاصة مع نادٍ كتوتنهام ، أنت لم تأتِ لتقدم ما كان يقدمه سابقوك، فضلًا عن الوصول إلى ما هو أقل، الأمر الذي يبدو متوقعًا في حال سار مورينيو على نفس الخط.
فيرنر يعود لإثارة الجدل حول ارتباطه بليفربول ومانشستر سيتي
في النهاية نحن ننتظر ما سيقوله مورينيو بعد الخروج، ربما يلتزم بالعبارات الدبلوماسية التي تقول لعبنا ولم نوفق، وربما يعيد إحدى كرّات الماضي بأن يذكرنا بالإرث الكروي لتوتنهام الذي لم يعرف النجاح من قبل، حينها عليه أن يتذكر أنه جاء خلفًا لمدرب مقال لسوء النتائج، وأن هذا المدرب وصل إلى نهائي البطولة العام الماضي إذا أراد مورينيو الاعتماد على سلاح التصريحات فعليه البحث عن شيء آخر، ربما هو يفكر الآن فيما سيقوله في المؤتمر القادم، ليجبرنا على تكرار ما نقوله منذ سنوات؛ ماذا لو فكر السيد جوزيه في تطوير أسلوبه بنفس القدر الذي يفكر فيه فيما سيقوله في المؤتمرات الصحفية؟ بكل تأكيد كان وضعه ليكون أفضل مما هو عليه اليوم.
