مؤسف فعلًا ما آلت إليه الأحداث التي تلت تحليل الحكم السعودي السابق "مطرف القحطاني" لقرارات حكم مباراة استراليا والسعودية في تصفيات آسيا لكأس العالم 2022، مؤسف حقًا أن يكون "الإبعاد" جزاء من يُعبر عن رأيه في كرة القدم.
كرة القدم تُلعب بكرة مستديرة، جمالها أن لها ألف وجهة نظر .. جميعهم يقبل الصواب وجميعهم يقبل الخطأ، كل منا يراها من زاويته ويعيونه وبعقله وتفكيره، لا يوجد بها حقائق مسلم بها، لا يوجد بها نظريات علمية، لا يوجد لها تاريخ مدقق التفاصيل ولا مستقبل يُمكن توقعه .. لا يوجد بها سوى آراء يتبادلها العشاق ويُعلقون عليها ويتحدثون عنها.
الهجمة الشرسة التي تلت تحليل القحطاني للقطة علي البليهي في المباراة ربما أسوأ ما حدث في الإعلام الرياضي السعودي منذ سنوات ... لا انتظر، اعتزال الحكم العمل الرياضي والظهور التلفزي أو إجباره على الاعتزال هو الأسوأ !!
ما الذي أخطا به القحطاني ليُعامل تلك المعاملة "القبيحة" من الإعلاميين السعوديين؟ قد نتفهم رد فعل الجمهور حين هاجم الحكم بعد مطالبته بطرد البليهي، رغم أنه لا يحق لهم ذلك أبدًا، لكنهم في النهاية جمهور متعدد الثقافات وله أحكامه الخاصة به، والتي قد تصل لمستوى صعب من القسوة أحيانًا، لكن العتاب الكبير موجه للإعلام ومن يُسمون أنفسهم نقادًا رياضيين ومحللين وإعلاميين .. القصة بدأت بفهد الهريفي وانتقلت إلى القحطاني ولا أحد يعلم من التالي في القائمة! هل سيُمنع محلل يتحدث عن خطأ من جانب رينارد أو حكم يُقر بخطأ قرار من حكم نهائي دوري أبطال آسيا لصالح الهلال؟
لابد قبل مواصلة الحديث استثناء بعض الإعلاميين السعوديين وتوجيه التحية لهم، وأبرزهم محمد الدويش، الذي تحدث مستنكرًا ما حدث بقوة وهذا ما كان يجب أن يحدث من الجميع ... وإلا سيستساقط الإعلاميون أنفسهم واحدًا تلو الآخر تحت مقصلة الجمهور ورأيه والحكم على النوايا.
غريب جدًا أن يُصبح الحكم على الآراء في كرة القدم مرتبط بالنوايا !! افتراض سوء النية ووقوفه خلف رأي صاحبه شيء صعب تحمله جدًا، هل يعني هذا ألا يتحدث هلالي عن مشاكل النصر أو نصراوي عن نقاط ضعف الهلال؟ هل المطلوب أن يتقوقع كل صاحب رأي في منطقة محدودة من "ملعب" كرة القدم وألا يتخطاها وإلا سيُعزل ويُبعد!
تحدث الهريفي، النجم الأسطوري في النصر، عن وجهة نظره الفنية البحتة مما يحدث في الفريق، وتطرق إلى بعض القرارات الإدارية، ومن ثم تحدث القحطاني عن لقطة تحكيمية من واقع مسيرته وخبرته في هذا المجال ... الرد كان قاسيًا جدًا والحملة المضادة كانت عنيفة للغاية، الغريب أن الرد لم يتضمن أبدًا أي نقاش في رأي الرجلين! لم يتحدث أحد عن المشاكل الفنية التي أثارها الأول أو اللقطة التحكيمية المثيرة للجدل التي تحدث عنها الثاني.
اقرأ أيضًا | لهريفي باكيًا: أعلن اعتزالي تشجيع النصر، لم يعد موجودًا في حياتي
جميع من هاجموا الرجلين هاجموهم بافتراض سوء نواياهم، لاعب الكرة يتحدث هكذا لأنه حاقد على الإدارة، فيما الحكم أقر هذا الخطأ لأنه نصراوي استفز مما فعله البليهي بعد مباراة آسيا !! أي منطق هذا الذي تتحدثون به !
ما الذي يُريده العاملون في الإعلام الرياضي السعودي؟ هل سيُحاربون كل الآراء المضادة لآرائهم؟ هل أصبح الاستعانة بجيش الجمهور و "التريند" على تويتر هو الاتجاه لإبعاد كل مخالف للرأي؟ أحذركم جميعًا .. ستسقطون واحدًا تلو الآخر، ولن يبقى إلا من يتحدث بلسان الجمهور، وهذا الأفضل له أن يترك قلمه ومنبره الإعلامي وأن ينضم لقاطني المدرجات، لأنهم أحق به من المنابر الإعلامية.
قرار الهريفي اعتزال الحديث عن النصر ثم اعتزال القحطاني تحليل أداء الحكام سيبقى نقطة سوداء في تاريخ الإعلام السعودي، لأن الواجب كان مساندة الرجلين ضد أي هجمة جماهيرية ضدهما، لإقرار مبدأ مهم وهو عدم التدخل في النوايا والحُكم على الآراء بشكل مجرد من أي عوامل أخرى.
اقرأ أيضًا |
