لا شيء في العالم أجمع يدمر صاحبه أكثر من الغرور، ولو ركزنا في تلك الصفة بشكل محدد سنجدها ركيزة أساسية في شخصية المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.
شخصية الإنسان المغرور نادرًا ما تجد نفسها مخطئة، وغالبًا ما ترى كل من حولها يحملون الكثير من الحقد تجاهها، على الأغلب يكون ذلك في رؤوسهم هم فقط.
مورينيو لا يرى نفسه مخطئًا إلا في حالات نادرة للغاية، وما أكثر الحالات التي ابتعد فيها بنفسه عن المسؤولية وحملها لأحد اللاعبين أو لإدارة ناديه، وفي بعض الأحيان لتاريخ ذلك النادي.
مغالطة الإرث الكروي المنطقية
قبل عدة أعوام خرج جوزيه مورينيو في مؤتمره الصحفي وهاجم الجميع ودافع عن نفسه وعما وصل له مع مانشستر يونايتد خلال أشهر تدريبه للفريق.
الرجل بدأ حديثه الشهير عن الإرث الكروي، وأوضح أن الفريق يعاني منذ سنوات، وأن ما حدث تحت قيادته في أشهر قليلة كان بمثابة الثورة.
مورينيو لم يتملص فقط من مسؤوليته الفنية في ذلك الوقت بعد مغادرة دوري أبطال أوروبا أمام إشبيلية، بل نجح في تحميل الكل خطأ الخروج إلا نفسه.
Goal/Gettyصحيح أن كلامه عن ماضي الفريق وتاريخه الحديث كان صحيحًا، لكن كيف بأي حال من الأحوال يمكن لتلك الحقائق التي ذكرها أن تجنبه مسؤولية الخروج ضد الفريق الأندلسي وهو في موضع القيادة الفنية؟!
"الأفضل في تاريخي"
لجوزيه مورينيو تصريحًا صحفيًا يخص بطولة دوري 2017-2018 التي خسرها خلف مانشستر سيتي الذي تصدر جدول ترتيب البطولة في نهايتها بـ 100 نقطة.
مورينيو وقتها جمع 81 نقطة، وخرج ليقول أن ذلك الموسم هو الأفضل في تاريخه، وأن ذلك العدد من النقاط كان يكفيه ليفوز باللقب لولا مانشستر سيتي الذي جمع رقمًا قياسيًا منها.
Goal/Gettyولو نظرنا للموسم الجاري، فسنرى العديد من التشابهات، فالمتصدر هو مانشستر سيتي ويونايتد في المركز الثاني، لكن لا أحد يهاجم سولشاير بنفس الطريقة التي كان يعاني منها مورينيو.
سولشاير ليس أفضل بشكل واضح
بعد هيجواين.. بوجبا ووائل جمعة ورونالدو وأغرب "نيولوك" لاعبي كرة القدم
رقميًا وحال قمنا بمقارنة الموسم "الأفضل" لمورينيو بالموسم الجاري لأولي جونار سولشاير سنجد أن المدرب البرتغالي يتفوق في كل الجوانب تقريبًا.
على المستوى الخاص بالنقاط، ففي تلك المرحلة من الموسم يملك مانشستر يونايتد 66 نقطة، وقبل ثلاثة أعوام بعد 32 مباراة كان الفريق يملك 69 نقطة.
فارق النقاط مع المتصدر مانشستر سيتي وقتها كان أقل، لكن فريق بيب جوارديولا في الوقت الحالي لعب مباراة أكثر، لو حذفنا النقاط الخاصة بها سنجد أن الفارق الحالي هو الأقل.
Goal/Gettyهجوميًا يتفوق فريق سولشاير بـ 103 هدفًا، مقابل 101 لفريق مورينيو، بأربعة لقاءات أكثر في سجله، أما دفاعيًا فعدد الأهداف التي تلقاها مانشستر يونايتد هي 40 هدفًا في 2017-2018 مقابل 53 في الموسم الجاري، قابلة للزيادة.
معضلة أوروبية
على المستوى الأوروبي في "أفضل" مواسم مورينيو فالفريق غادر دوري أبطال أوروبا من دور الـ 16 أمام إشبيلية بعد تعادل محبط في إسبانيا وخسارة صعبة في أولد ترافورد.
أما الموسم الجاري، فسولشاير غادر البطولة من دور المجموعات ولم يصل حتى لأدوار خروج المغلوب، لكن بطريقة ما لا يزال موسمه أوروبيًا أفضل من مورينيو.
Goal/Gettyخروج سولشاير من دور المجموعات أمن له التواجد في أدوار خروج المغلوب في الدوري الأوروبي، وها هو وصل لنصف نهائي البطولة بالفعل، وبحلول شهر مايو سيكون مستمرًا في بطولة أوروبية على عكس مورينيو الذي ودع أوروبا في موسمه الأفضل منذ بداية مارس.
بطريقة ما الخروج من دور المجموعات كان أفضل لمانشستر يونايتد مع سولشاير من الخروج من الأدوار الإقصائية تحت قيادة مورينيو.
ذكاء سولشاير
بشكل عام ذكاء سولشاير ولو كان الموسم الأفضل رقميًا يخص مورينيو يجعل المدرب النرويجي في موقف أفضل من نظيره البرتغالي.
المدرب الحالي لمانشستر يونايتد يتعامل مع المشاكل بشكل أفضل، والجميع يتذكر كيف نجح في إعادة بوجبا لأفضل مستوياته بعد أن كان اللاعب خارج الخدمة تمامًا.
Goal/Gettyليس بوجبا فقط، فعمل الرجل على معدل أعمار الفريق وهو الذي كان قد وصل إلى 26.4 عامًا في آخر مواسم جوزيه مورينيو مع الفريق.
ذلك الرقم أصبح 24.8 في مواجهة وست هام في الجولة الـ 28 من الدوري الإنجليزي لهذا الموسم، كرابع أقل معدل أعمار في أي تشكيل صدر هذا الموسم لكل مباريات الدوري الإنجليزي.
كل هذا حدث بفضل استعانة سولشاير بالشباب وتصعيدهم من الأكاديمية، والدفع بهم في التشكيل الأساسي ومنحهم الثقة اللازمة لقيادة الفريق للانتصارات.
Goal/Gettyصحيح أن مورينيو قد يكون قد تفوق رقميًا، لكن بشكل عام فذكاء سولشاير وتعامله مع أكثر من ملف آخر منح موسمه الجاري الأفضلية على موسم المدرب البرتغالي "الأفضل".
وحتى الآن لا يزال يملك فرصة التفوق رقميًا بنهاية الدوري الإنجليزي، فالفريق من الممكن أن يصل للنقطة رقم 84 لو لم يخسر أي نقاط أخرى.
كما أن استمراره في الدوري الأوروبي قد يمنحه لقبًا لم يناله مورينيو في 2018، لذلك فلو لم يتفوق سولشاير على مورينيو، فهو على الأقل لم يخسر أمامه في ذلك التحدي!
في النهاية لا يوجد خاسر أو فائز سوى مانشستر يونايتد، الذي لا يزال يبحث عن العودة لمنصات التتويج من جديد والتواجد في المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الغائب منذ سنوات.


