يزدحم تاريخ كرة القدم في مصر بالنجوم الكبار والأساطير الذين تركوا بصمات خالدة مع الأندية والمنتخب، أحدهم هو علي حفظي نجم الأهلي في خمسينات القرن الماضي وأحد أبطال حرب أكتوبر 1973 المجيدة.
وُلد علي حفظي في 23 مايو 1943 في المنوفية، لكن جذوره تعود إلى الصعيد المصري وتحديدًا أسوان، وقد انتقل للعيش في مدينة القاهرة مع والده الذي كان دائم التنقل لعمله في الشرطة المصرية.
- اقرأ أيضًا | عصام الحضري و9 لاعبين مصريين أفسدوا مسيرتهم بأنفسهم
بدأ يُمارس كرة القدم في الشارع مثله مثل كل أبناء جيله، حتى التقطته عيون الكشاف الشهير في كرة القدم المصرية "عبده البقال" ليطلب منه الاختبار في النادي الأهلي، وقد قام بالاختبار في نادي الجزيرة وتم قبوله فورًا والتحق بفريق الأهلي دون 16 عامًا وتدرج في فرق الشباب حتى وصل للفريق الأول.
ويُعد علي حفظي من القلائل في كرة القدم الذين تفوقوا رياضيًا مع الحفاظ على تفوقهم العلمي، وقد قاده هذا التفوق للالتحاق بالكلية الحربية المصرية بجانب اللعب مع شباب الأهلي.
كان حفظي يلعب كمهاجم أو جناح مهاجم ضمن طريقة لعب 2-3-5 المتبعة ذلك الوقت ويمتاز بالقدرة على المراوغة والتسديد وإحراز الأهداف، وقد كان محمود الجوهري هو مثله الأعلى بجانب تأثره بالثلاثي طارق وصالح سليم ورفعت الفناجيلي، وقد اختاره صالح سليم ضمن المجموعة التي قد تخلفه في الملاعب.
لعب حفظي في الفريق الأول مع الأهلي وكان معه لاعبين أمثال أنور صالح والسيد الضظوي وطه إسماعيل والقائد صالح سليم، وقد عمل تحت قيادة المدرب عبده صالح الوحش، وقد ذكر خلال حوار له مع قناة الأهلي أنه لم ينم ليلة أن علم أنه سيلعب المباراة القادمة مع الفريق الأول.
المباراة كانت ضد أولمبي القناة وكان أحد الفرق القوية جدًا، وقد اضطر الأهلي لإشراك عدد من شبابه نتيجة غياب أكثر من لاعب للإصابة، وقد فاز الفريق 2-1 وصنع حفظي هدف وصنع ركلة جزاء.
سجل حفظي هدفًا لا يُنسى، قال عنه خلال لقائه مع قناة الأهلي "كنا نلعب ضد السكة الحديد وكان لديهم حارس مرمى قوي جدًا، وقد انتهى الشوط الأول بالتعادل 2-2، كانت ركلة بداية الشوط الثاني لصالحنا، طلبت من زميلي صبري شريف الذي استشهد فيما بعد في حرب اليمن أن يُمرر الكرة لي بلمسة بسيطة، وسددها تجاه المرمى من دائرة منتصف الملعب وسجلت هدف التقدم".
عُرض على حفظي أن يتواجد في الاتحاد الرياضي للجيش المصري حتى يتمكن من التواجد في التدريبات ولعب المباريات لكنه رفض تمامًا وأصر على الالتحاق بالوحدة الخاصة به، وكان ينضم للفريق وقت المباريات فقط في ظروف صعبة من حيث المواصلات والتنسيق بين واجبه العسكري ولعب كرة القدم.
نقطة التحول في مسيرة علي حفظي والتي أبعدته عن كرة القدم وحرمت الأهلي ومنتخب مصر من نجم كبير لكنها منحت مصر رجلًا عسكريًا من الطراز الأول كانت في بداية الستينات.
قال عنها "كان هناك تقييم لوحدات الجيش المصري، وكنت ضمن وحدة الاستطلاع وقد فزت بالتقييم الأفضل، يومها طلبني قائد الفرقة العسكرية وسألني "لماذا تلعب كرة القدم أيها الضابط، من باب الهواية أم لهدف آخر؟"، فأجبته "هواية"".
"طلب مني هنا كتابة إقرار برغبتي عدم ممارسة الرياضة إلا في إطار النشاط الرياضي للقوات المسلحة، وذلك حفاظًا على مستقبلي، وقال لي بعدها أنه طلب مني هذا الأمر لأنه يتوسم بي ظابط له مستقبل في القوات المسلحة المصرية".
من هنا بدأ حفظي يبتعد عن كرة القدم ويغيب عن التدريبات والمباريات لانشغاله بالواجب العسكري، وقد نُقل إلى سيناء عام 1962 وبقي هناك لسنوات طويلة وابتعد تمامًا عن الأهلي وكرة القدم.
تدرج علي حفظي في العمل العسكري بعد انتقاله إلى سيناء وعانى مع الجيش المصري هزيمة يونيو 1967 وعاش الكثير من الظروف الصعبة في تلك السنوات حتى تحقق الانتصار المجيد في أكتوبر 1973.
خلال حرب أكتوبر كان علي حفظي هو مسؤول قوات الاستطلاع في الجيش المصري التي تعمل خلف خطوط العدو وتمد الجيش المصري وقيادته بالمعلومات المطلوبة حول العدو وجنوده وحالته.
واصل علي حفظي مسيرته في القوات المسلحة المصرية وتولى عدة مناصب مهمة أبرزها مساعد وزير الدفاع المصري ومحافظ شمال سيناء.
