Messi Ronaldo

مجاملات وحسابات خاصة وميسي ورونالدو .. تصريح "الأفضل في التاريخ" يفقد قيمته

ظل العالم يستيقظ كل يوم لفترة ليست بالقصيرة على صراع من نوع سخيف ومكرر بين مريدي ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو حول أفضلية أيًا منهما تاريخيًا على حساب الآخر.

مؤخرًا في السنوات الماضية تطور ذلك الصراع ليصبح أكثر سخفًا ويتحول ليكون على لقب اللاعب الأفضل في تاريخ كرة القدم على الإطلاق.

الأكثر سخفًا من ذلك وذاك هو وصول هذا النوع من الصراعات لنجوم كرة القدم الكبار الذين يفضلون أحد النجمين على الآخر.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

البعض يرى في تلك الصراعات روح ومتعة كرة القدم، لكن البعض الآخر يرى أنها تدمر الاستمتاع بالرياضة المفضلة لمليارات حول العالم.

أحقية واضحة

دعونا قبل أن نستمر في طريقنا الناقد لمبدأ إطلاق التصريحات المقارنة بين الثنائي والتي تفضل أحدهما على الآخر والأخرى التي تفضل أحدهما على جميع من لمسوا كرة القدم عبر التاريخ، دعونا نوضح شيئًا هامًا.

ليونيل أندريس ميسي كوتشيتيني وكريستيانو رونالدو دوس سانتوس أفيرو يعدان من أفضل من لمس كرة القدم عبر التاريخ، من أفضلهم وليس أفضلهم على الإطلاق.

لا نناقش هنا أحقية الثنائي في التواجد ضمن تلك الفئة من النجوم، لكننا نناقش فقدان كلمة "الأفضل في التاريخ" لقيمتها التي من المفترض أن تكون عليها.

وبعد أن أكدنا لكم أننا لا نهاجم الثنائي لمجرد الهجوم إنما نريد أن نرصد حالة ونطرح بعض الآراء حولها، دعونا ندخل إلى صلب الموضوع.

قيمة تصريح الأفضل في التاريخ

أن تقول على لاعب كرة قدم أنه الأفضل في التاريخ فذلك يعني أنه أفضل من كل من لمست أقدامهم الساحرة المستديرة منذ أن بدأ الخلق وحتى يومنا هذا.

ذلك الاستحقاق لم يجنه أي لاعب حتى الآن ولا أظن أنه من الممكن أن يحدث ذلك مستقبلًا حتى، ليس لأمور أو عيوب فنية في نجوم كرة القدم، لكن لعيوب واضحة في العبارة نفسها.

"الأفضل في التاريخ" على أي أساس؟ الفنيات؟ الفرديات؟ الألقاب الجماعية؟ الجوائز الفردية؟ الدور المجتمعي؟ الدور القيادي داخل الملعب وخارجه؟ شخصية اللاعب؟ عدد أهدافه؟ عدد التمريرات الحاسمة التي قدمها لزملائه؟

المعايير عديدة ولا يمكن حصرها على الإطلاق، لكن لو فرضنا وأنه تم حصرها بشكل أو بآخر، فهل يتفوق أي لاعب مر على كل العصور في كافة تلك المعايير على كافة النجوم من دونه؟ أشك في ذلك.

لهذا لا يمكن أبدًا أن يدعي أحدهم أن فلان هو الأفضل في التاريخ

أنا لاعب كرة قدم، لعبت إلى جوار ليونيل ميسي لمدة ثلاث دقائق في مسيرتي الكروية وأسعى بكل ما أملك من إمكانيات للتقرب منه والحصول على أي استفادة من مجاورته.

ماذا لو خيرني أحدكم بينه وبين كريستيانو رونالدو وسألني من منهما يستحق أن يكون الأفضل في التاريخ؟! هل تعتقد أن إجابتي ستكون باسم البرتغالي حتى لو كان هو الأفضل؟ أشك في ذلك.

دعنا من ذلك المثال، اعتبرني عزيزي لاعب كرة قدم ولعبت بجوار رونالدو لسنوات طويلة للغاية، منذ نعومة أظافرنا وحتى المشيب، ويعتبرنا الجميع أصدقاء في منتهى القرب من بعضنا البعض، وسألني أحدكم عن الأفضل في التاريخ، هل سأقول ميسي؟ أشك أيضًا.

ذلك بالتحديد ما حدث بعد ثلاثية رونالدو في شباك نوريتش بالدوري الإنجليزي بعد عودته لمانشستر يونايتد، عندما خرج أحد النجوم الشباب في صفوف الشياطين الحمر الذين يتحسسون طريقهم إلى الأضواء ونشر صورة له مع البرتغالي وكتب عليها: "الأفضل في التاريخ".

بعدها بلحظات رد عليه سيرخيو أجويرو نجم منتخب الأرجنتين ورفيق درب ميسي وقال له: "أنت تقول ذلك فقط لأنك لم تلعب مع ليونيل".

البعض سيأخذ تصريح اللاعب الشاب على أنه لا يتعدى الكياسة في ظل منح رونالدو كرة الهاتريك له دون أسباب واضحة، والبعض الآخر سيرى أن تصريح أجويرو هو مجرد مزاح مع لاعب شاب يحمل الجنسية الأرجنتينية.

لا بأس بذلك، لكن عندما تتناقل الجماهير الأمر على أنه صراع، وتتحدث بشكل مستفز للغاية لأي عاشق لكرة القدم حول الأفضلية المطلقة للثنائي على أي لاعب مر على كرة القدم، فهذا الأمر يأخذنا إلى جانب آخر تمامًا من المقارنات.

معايير يجب اللجوء إليها

عزيزي القارئ عندما تقرأ في المرة المقبلة أن فلان الفلاني يتحدث عن كريستيانو أو ميسي وعن كونهما الأفضل في التاريخ، أرجوك تحرى الدقة في استقصاء مدى عمق أو سطحية علاقة أحدهما مع صاحب التصريح.

Messi RonaldoGoal

قد يكون صاحب التصريح يكره ميسي أو رونالدو لأسباب شخصية أو رياضية، وقد يكون أحد أصدقائهما المقربين، وقد يكون شخص من عائلتهم.

قد يكون لاعب سابق تشارك الكثير من اللحظات المميزة في غرف الملابس مع أحدهما، وقد يكون لاعب حالي يحاول الاستفادة من وجوده إلى جوار ميسي أو رونالدو.

قد يكون حتى لاعب معتزل يحلل المباريات عبر شبكات التلفزيون المختلفة ويبحث عن الكلمات حتى يشغر فترته على الهواء بأي حديث سعيًا للظهور الإعلامي الأكبر والانتشار.

لنذهب أبعد بخيالنا، قد يكون حتى ذلك الشخص صاحب التصريح هو أحد هؤلاء المنغمسين في صناعة الكرة المحلية في أحد بلدان إفريقيا أو آسيا وأوقيانوسيا ولا يعلم عن كرة القدم العالمية إلا ما يتم تصديره له عبر وسائل إعلام أو تواصل اجتماعي قد تكون غير حيادية.

كل من تحدثنا عنهم في الأسطر الماضية ستكون شاهدتهم مجروحة في حق ميسي أو رونالدو، وستجعل مظهر الثنائي سيئا أكثر منه جيدًا.

لكن هناك بعض الأشخاص الذين قد نستفيد من رأيهم في ذلك الأمر، أشخاص لم يسبق لهم العمل مع الثنائي ولا يوجد مجال للعمل معهما أمامه في المستقبل.

ربما يكون مدربًا كبيرًا لا تؤثر الأهواء على تصريحاته أو آخر يعرف بالتحديد ما الذي يتحدث عنه، لكن أي شخص من هؤلاء لن تجده يصرح مثل ذلك التصريح.

لن تجد شخصًا من هؤلاء حول العالم يقول لك أن ذلك أو ذاك هو الأفضل في التاريخ، ببساطة لأنه لم يشاهد كل من لعبوا عبر التاريخ بنفس التفاصيل التي شاهد بها الثنائي.

حتى لو ضُيق عليه الخناق وكان لابد من الإجابة على سؤال من الأفضل في التاريخ بأي شكل ممكن، ستجده يهرب منه بإجابة دبلوماسية يشيد فيها بالثنائي ويقول فيها أن فلان هو الأفضل بالنسبة له فقط من بين هؤلاء الذي شاهدهم وتابعهم جيدًا، وأنه لا يستطيع التحدث بلسان الجميع، أو سيقول لك عدة أسماء دون ترتيب معين ويؤكد لك إنهم الأفضل في التاريخ بالنسبة له.

بيت القصيد

كثرة ذلك النوع من التصريحات يفقد لقب "الأفضل في التاريخ" قيمته، حتى إن كان أحدهم يملك كافة المقومات ليكون صاحب ذلك اللقب الأوحد، وهذا غير صحيح، لكن دعونا نفترض تلك الفرضية، فكثرة تلك التصريحات تُفقد اللقب أهميته، ببساطة كقانون العرض والطلب، كلما كثرت السلعة في السوق قل ثمنها.

الأفضل في التاريخ لم يأت بعد، ليس لأنه لم يخلق أو لم يلمس الكرة بعد، بل لأن الحكم على لاعب واحد أنه الأفضل في التاريخ يغلق الباب أمام ملايين إن لم يكونوا مليارات ممن مارسوا كرة القدم منذ بداية الخلق.

تصريحات النجوم زملاء ميسي أو رونالدو أو من دربوهم سابقًا أو من يعملون معهم ولديهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة أو محبيهم لا تتخطى بالنسبة للتاريخ في قيمتها قيمة جناح البعوضة بالنسبة للمحيط.

إعلان