Gonzalo Higuain Barcelona Juventus Champions League

ما بعد المباراة | كيف سبح يوفنتوس ضد تيار الريمونتادا في خليج القروش؟


تابع أحمد عفيفي على | فيسبوك | تويتر

أحبط يوفنتوس مُخطط برشلونة لتكرار العودة التاريخية التي كان قد حققها أمام باريس سان جيرمان في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، وعاد إلى تورينو بتعادل سلبي مُستحق من ملعب كامب نو مساء اليوم الاربعاء في إياب ربع النهائي، ليقطع فريق المدرب «ماسيمليانو أليجري» ورقة الترشح إلى المربع الذهبي بفضل فوزه الكاسح على العملاق الكتالوني بثلاثية نظيفة في لقاء الذهاب الذي أقيم مُنتصف الأسبوع الماضي. 

وانتقم فريق السيدة العجوز من خسارته لنهائي البطولة  أمام برشلونة على الملعب الأولمبي في برلين عام 2015 (1/3)، بأفضل صورة ممكنة، ليُكرر ما فعله عام 2003 عندما تفوق على البرسا في مجموع مباراتي ذهاب وإياب ربع النهائي قبل أن يطيح بالريال من نصف النهائي ليخسر بعدها أمام ميلان بفارق ركلات الجزاء الترجيحية على ملعب أولد ترافورد.

والآن مع تحليل المباراة ..

الموضوع يُستكمل بالأسفل

برشلونة | مدرب ضيق الأفق، وساحر بلا حيل!
Leo Messi Barcelona Juventus Champions League

حين تريد التسجيل بشتى الطرق أمام فريقه ملتزم للغاية تكتيكيًا وبلا له نقطة ضعف واضحة، لا يمكنك أن تختار جهة واحدة فقط للهجوم، بل ولا يكون الاندفاع والتعامل مع الدقائق الأولى من المباراة على أنها الدقائق الأخيرة هو الحل! كان على لويس إنريكي أن يعي أنه يتعامل مع فريق قوي للغاية بدنيًا ومتماسك، فريق يحتاج للصبر من أجل فك طلاسمه، فريق يعرف كيف يقيد المهاجم ويحرم السحرة من حيلهم.

التركيز على جبهة نيمار ومهارته الكبيرة في الاختراق والاحتفاظ بالكرة لم يكن الخيار الأمثل وإن كان تأثيره جيدًا إلى حد ما، فبالنسبة ليوفنتوس، نيمار يمكنه أن يفعل ما يشاء ما لم يقترب من مرمى جانلويجي بوفون، وما لم يتمكن من الوصول لزميليه ليونيل ميسِّي أو لويس سواريز. بالفعل فشل البرازيلي في الاقتراب من زميليه إلا في مرات قليلة في معظم فترات المباراة، وحين فعل لم يتمكن من وضعهم في وضعية مناسبة للتسجيل بفضل العمل الممتاز لليوفي في إبعاد ميسِّي عن منطقة الجزاء وجعله يلجأ فقط للتسديد من بعيد، إضافة لإخراج لويس سواريز تمامًا من مجريات اللعب بقطع المياه والهواء عنه.

ميل ميسِّي للعودة إلى الوسط وصناعة الهجمات بنفسه لنيمار على وجه التحديد ظلم لاعبين آخرين وحرما البرسا من أسلحة بارزة: الأول هو إيفان راكيتيتش الذي اضطر للتخلي عن سلاح التمريرات الطولية والبينية المؤثرة للاعبي الهجوم بسبب ابتعاد نيمار عنه وتوجه ميسي نحو البرازيلي لا نحوه، بجانب السيطرة التامة على سواريز. أما الثاني فهو سيرجي روبيرتو الذي بقدر ما قصَّر في التقدم للأمام ومحاولة موازنة جبهات الهجوم بقدر ما كان التركيز على الجبهة اليُسرى ظالمًا للاعب انحصر دوره على العمل أمام أليكس ساندرو وماريو ماندجوكيتش على الخط فقط وغالبًا كان ذلك العمل دفاعيًا.

كان دور جوردي ألبا في دعم نيمار لا بأس به إلى حد كبير، لكنه عرَّض البرسا للعديد من الهجمات المرتدة خلفه ولا شك أن السبب في ذلك يرجع إلى فشل أندريس إنييستا - بفضل تألق ميراليم بيانيتش وخوان كوادرادو الدفاعي أمامه - في القيام بأدوار هجومية سواء في الاختراق أو التمرير، فالرسام لم يظهر سوى في لقطتين في الشوط الأول وكان الأقل ظهورًا من بقية زملائه في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة.

يبقى سيرجيو بوسكيتس لاعبًا ليس له بديل في تشكيل البرسا سوى ربما خافيير ماسكيرانو، لكنه لم يكن جيدًا على الإطلاق أمام حيوية باولو ديبالا وإن كنت ألتمس له العذر، حيث كان  كان العبء الدفاعي عليه كبيرًا في ظل انجراف إنييستا لليسار للتعامل دفاعيًا مع كوادرادو الذي استغل جيدًا تقدم ألبا، وبطء راكيتيتش أمام سامي خضيرة. غفلات بوسكيتس سمحت لديبالا بالتحرك كما يحلو له أمام منطقة الجزاء وعلى اليمين، كما سمحت لهيجواين بالخروج من منطقة الجزاء والاقتراب أكثر من زملائه والمساعدة في تحريك الهجمات.

نزول باكو ألكاسير ربما كان ضروريًا لتحرير لويس سواريز الذي بالفعل كان مال أحيانًا للجهة اليُمنى واستطاع الاستحواذ على الكرة خارج منطقة الجزاء بعدما وجد من يشغلها غيره، وربما يمكن التماس العذر للويس إنريكي لعدم امتلاك حلول أخرى، لكن ربما كان الحل الأفضل بكثير هو أن يشارك دينيس سواريز أو حتى أندري جوميش في العمق عوضًا عن راكيتيتش وأن يتحرر إنييستا ويصنع اللعب من الوسط تاركًا لميسِّي فرصة اللعب على الجبهة اليُمنى أفضل من أن يميل لها سواريز ويبقى هو أمام منطقة الجزاء يصنع الكرات من الخلف للأمام.

يوفنتوس | بطل أوروبا المنتظر؟! حقيقة يوفنتوس تقهر أسطورة الريمونتادا
Gonzalo Higuain Barcelona Juventus Champions League

قال نجم دفاع يوفنتوس جورجيو كيلِّيني قبل مواجهة البرسا اليوم "سيكون علينا أن نلعب من دون خوف لانهم يشبهون أسماك القرش، يشمون الدم ويلتهمونك" .. في الواقع، فدفاع البيانكونيري ترك أسماك القرش دون أي لدغة! كل ذلك عائد لحنكة المدرب ماسِّيميليانو ألِّيجري الذي عرف كيف يتعامل بواقعية مع منافسه نفسيًا وتكتيكيًا. فبفضل التزام لاعبيه تكتيكيًا، استطاع ألِّيجري أن يجبر برشلونة على تهدئة إيقاع لعبه في معظم فترات الشوط الأول، باللعب بدفاع المنطقة مع مراقبة مفتاح إنهاء الهجمات لويس سواريز وواحد من أبرز الممررين له ولنيمار إيفان راكيتيتش.

نتيجة ذلك العمل من ليوناردو بونوشي على الأوروجواياني ومن سامي خضيرة على الكرواتي كان اضطرار نيمار للُّجوء للفردية لإنهاء هجماته وهو ما أهدر كافة جهوده الهجومية المميزة في تحريك الهجمات واختراق صفوف البيانكونيري، وأيضًا دفع ليونيل ميسِّي للعودة كثيرًا إلى الخلف لصناعة الهجمات وإفقاد الجبهة اليُمنى للبرسا كامل ثقلها، خاصة مع عجز سيرجي روبيرتو أمام ماريو ماندجوكيتش وأليكس ساندرو.

وبالحديث عن دور يوفنتوس العظيم في "احتواء" ليونيل ميسِّي، فقد أجبره دفاع المنطقة الممتاز وتقارب صفوف اليوفي على اللجوء فقط للتسديد من بعيد ولم يكن قادرًا على اختراق منطقة جزاء اليوفي بالكرة إلا في لقطة في بداية الشوط الأول واثنين مثلها في الشوط الثاني. وإن كان هناك عمل فردي في الدفاع جانب عمل بونوشي الاستثنائي - أحيانًا بمساعدة جورجيو كيلِّيني - على لويس سواريز، فهو دور داني ألفيش الذي لم يكل ولم يمل من ملاحقة نيمار حتى وإن تغلب عليه مواطنه في عدة مناسبات.

دور ميراليم بيانيتش على وجه التحديد من وسط يوفنتوس كان عظيمًا للغاية على المستوى الدفاعي، فهو أبرز سبب لظهور أندريس إنييستا بمظهر مخيب بفضل اعتراضه للتمريرات التي وصلت للإسباني أو خرجت منه، إضافة للقيام بالأمر نفسه مع جوردي ألبا. كثيرًا ما اضطر إنييستا للانطلاق بالكرة والكف عن محاولة التمرير في ظل الجهد الكبير للبوسني الذي دعمه الكولومبي خوان كوادرادو بعمل دفاعي ممتاز لم يمكن "الرسام" على الصعيد الفردي من القيام بصناعة الفارق كلما حاول الانطلاق على اليسار. ببساطة، بيانيتش استطاع منع إنييستا من صناعة الفرص لغيره، وكوادرادو حال إلى حد كبير دون صناعتها لنفسه.

على الصعيد الهجومي، فقد ساهم تقارب الصفوف بين لاعبي البيانكونيري في انسيابية الهجوم المرتد على مرمى مارك أندري تير شتيجن، والأهم، فإن أدوار الثلاثي باولو ديبالا، بيانيتش وكوادرادو ومن بعدهم جونزالو هيجواين، ماريو ماندجوكيتش وخضيرة كانت الأبرز. نبدأ ببيانيتش الذي أجاد نقل الهجمة من الخلف للأمام بتمريرات سريعة ودقيقة لزميليه الأرجنتيني والكولومبي، فيما كان الأول يميل دومًا لليسار بذكاء لاستغلال الثغرات خلف نيمار وألبا، وقد شكل كوادرادو معه ثنائيًا متفاهمًا للغاية ومزعجًا لدفاع البرسا في الشوط الأول ومطلع الشوط الثاني، قبل أن يتراجع ديبالا بدنيًا ويخرج مستبدلًا بأندريا بارزاليي.

هيجواين بدوره يواصل التطور واللعب الجماعي لمصلحة الفريق والانسجام مع تحركات لاعبيه عوضًا عن انتظار دعمهم ولعبهم لأجله، فالليلة استطاع أن يلعب أمام منطقة الجزاء بشكل رائع بما يتناسب مع تحركات ديبالا، مستغلًا الفجوة بين جيرارد بيكيه وصامويل أومتيتي والمساحة بين الثنائي وبين سيرجيو بوسكيتس، كما أنه كان أسرع واذكى من ثنائي الدفاع حين تعلق الأمر بالوصول للكرة داخل منطقة الجزاء وكاد يحرز هدفين لو استطاع التركيز أكثر في التسديد على المرمى.

خروج هيجواين من منطقة الجزاء كان يقابله إما انضمام ماريو ماندجوكيتش للعمق من اليسار أو تقدم سامي خضيرة ليحل محله، حيث استغل الأول تفوق أليكس ساندرو على ألبا ليتحرر من الأخير ويترك لزميله مهمة شغل الجبهة اليُسرى، بينما استغل الثاني غفلات بوسكيتس المتتالية وبطء تحرك راكيتيتش المخيب دفاعيًا ليدعم الهجوم في عدة مناسبات.

الخروج من أول 60 دقيقة بشباك نظيفة كان أهم ما سعى له ألِّيجري عبر إحباط المنافس وامتصاص حماسه والوصول سريعًا إلى منطقة جزائه في حالات المرتدات، وأبرز ما بحث عنه في الشوط الثاني كان الحفاظ على تماسك الفريق واستغلال ما تبقى من مخزون بدني لدى اللاعبين لمنع البرسا من التسجيل لـ20 دقيقة أخرى، وهو ما حدث خاصة عند تراجع ديبالا بدنيًا الذي سمح له بتكثيف الدفاع وقتل محاولة برشلونة للانتشار بنزول أندريا بارزاليي.

التزم بيانيتش وخضيرة تمامًا باللعب أمام الدفاع مباشرة فور نزول باكو ألكاسير عوضًا عن راكيتيتش، وتراجع ماندجوكيتش كلاعب وسط ثالث ليضغط على جيرارد بيكيه الذي تقدم بكثرة للأمام، وفي النهاية كان نزول ماريو ليمينا وكوادو أسامواه عوضًا عن كوادرادو وهيجواين كافيان تمامًا في آخر 10 دقائق لإعدام مساعي البرسا تمامًا.

إعلان