ليس من السهل أن يخسر فريقك مباراة تحت أنظارك، والحسرة تكون مضاعفة إذا كنت حاضرًا للقاء من المدرجات، لكن أقصى ما نراه من عواقب للهزائم في اللقاءات المصيرية والمهمة هي اعتراضات على طاقم التحكيم، النزول للملعب، إلقاء زجاجات داخل أرضية الملعب وما شابه من أوجه للتعبير عن الغضب، لكن ما حدث قبل 69 عامًا، كان الأكثر غرابة..
اعتدنا في ديربي جدة بين الاتحاد والأهلي على الأحداث المثيرة دائمًا، الجميع متوقع منه أي شيء من لاعبين وأجهزة فنية وحكام وجمهور ومسؤولين، حتى أنه يشهد وقائع لم تحدث في أي بلد بالعالم.
الواقعة الأغرب في ديربي جدة:
الواقعة الأغرب في هذا الديربي تعود لأول مباراة في بطولة سعودية رسمية بين الفريقين، حيث نهائي كأس وزارة الداخلية في 1953 ميلاديًا، الذي نظمه الأمير الراحل عبد الله الفيصل؛ رئيس الأهلي آنذاك، ورائد الحركة الرياضية في المملكة، ووقتها كان اسم الأهلي "نادي الثغر".
لم تكن جهود الأمير الراحل مقتصرة فقط على النادي الذي يرأسه، بل كان راعيًا لكافة الأندية وبمثابة أب للجميع، لكن عشقه للراقي أمرًا مختلفًا.
هذه المباراة فاز بها العميد بثنائية مقابل هدف وحيد، سجل للنمور منصور الشباني وأحمد الطيب، فيما أحرز للراقي توتو، ولم يقدر الأهلي على مرأى ومسمع من رئيسه على العودة في المباراة، حتى الأداء لم يكن مبشرًا، وهنا قرر الأمير عبد الله الفيصل إفساد فرحة الفوز على النمور..
كون الأمير الراحل هو الراعي الرسمي للقاء، نهض من مكانه بالمدرجات غاضبًا، واتجه إلى كأس البطولة، ثم حمله وغادر الملعب قبل نهاية المباراة متجهًا إلى منزله، بحسب ما أكدت الصحف السعودية الصادرة آنذاك، وأكدته بعد ذلك تقارير هذه الصحف إبان الإعلان عن إعادة الكأس لمتحف الاتحاد.
تفاجأ لاعبو العميد بالوضع بعد إطلاق صافرة نهاية المباراة، فلا وجود لمراسم التتويج والاحتفالات، التي كان من المقرر أن تقام وقتها، لكن لم يصدر مسؤولو الاتحاد أي رد فعل غاضب، كون رائد الحركة الرياضية هو المتصرف في الأمر.
العودة بعد 53 عامًا:
goalرغم أن مسؤولي الاتحاد لم يصدروا أي رد فعل على الملأ إلا أنهم كانوا في محاولات دائمة مع أبناء الأمير عبد الله الفيصل، طالبين وساطتهم لإقناع والدهم بإعادة الكأس للعميد..
وبعد سنوات، خلال فترة منصور البلوي؛ رئيس الاتحاد وقتها، تحدث مع الأمير محمد العبد الله الفيصل كي يخاطب والده في الأمر، إلا أن الأخير اشترط أن يزور وفد من العميد قصر الأمير أولًا.
زيارة وفد النمور لقصر الأمير لم تكن عادية، إذ أن الوفد تكون من البلوي ونائبه حسن الطيب، وأعضاء مجلس الإدارة وعدد من نجوم فريقي كرة القدم وكرة السلة بالنادي، وقدموا خلالها للأمير كأس ولي العهد لكرة القدم ودوري كودو لكرة السلة، اللذين حصدهما الاتحاد وقتها.
لكن المفارقة أن كأس ولي العهد كان قد توج به الاتحاد وقتها على حساب الأهلي أيضًا بهدف نظيف، سجله حمزة إدريس، فقرر المسؤولون تسليم الكأس لرائد الرياضة برضا تام دون طلب من أحد.
تقديم هذه الكؤوس للأمير عبد الله لم تكن لها علاقة بموافقته على إعادة كأس وزير الداخلية أو رفضه، إنما فقط كانت لشكر جهوده مع كافة الأندية.
وبالفعل عقب هذه المراسم، تم تسليم كأس الداخلية لمنصور البلوي، بعد 53 عامًا من المباراة، وسط حضور عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين.
اقرأ أيضًا..
أمتلك الدليل .. يجب أن يرحل دياز فورًا عن الهلال!




