"بطولة سخيفة أخرى"، هذا ما دار في بالي مساء السبت وأنا أتابع حسرة جمهور الأهلي المصري وتحليلات نظيره في الهلال عقب إضاعة العملاق القاهري فوزاً في المتناول ضد باتشوكا لحساب ما يسميه فيفا "كأس التحدي"، والذي الفائز منه يتأهل ليلاعب ريال مدريد في فرصة لتحقيق "كأس أخرى"، الإنتركونتينتال.
وصل هرج ومرج الاتحاد الدولي في البحث عن سبل لإدخال موارد مالية لحدود جديدة، وهذه المرة باختراع بطولة "قديمة" حيث تصبح كل مباراة فيها بمثابة بطولة في حد ذاتها، وتفنن في المسميات لكل مباراة لإقناع الجماهير بأهميتها، بطل الأمركيتين وبطل التحدي ومسميات وكأنك في لعبة إلكترونية لا تملك حقوق تغطية تلك البطولات، لدرجة أن مزود المعلومات الخاص بموقعنا لم يجد الفرصة لإضافة كل تلك البطولات الجديدة لقاعدة البيانات!
لعب فيفا لعبته الشهيرة، استهداف الأندية صاحبة الشعبية الكبرى والبلاد من الاتحادات الأخرى بعيداً عن أوروبا لترويج سلعته الجديدة، إذ يعلم مدى أهمية بطولاته في "المبارزات الجماهيرية" في تلك المناطق حيث كأس العالم للأندية يعني شيئاً، فما بالك بفرصة تحقيق ثلاث بطولات من ثلاث مباريات! .. وفي نفس الوقت لم ينس كبار اللعبة وأعطاهم بطاقة مباشرة لتحقيق اللقب الأهم بمنح أوروبا مقعد مباشر في النهائي بعيداً عن سلسلة البطولات "المخترعة" التي تسبقه.
حزن جمهور الأهلي بسبب الخسارة ضد الفريق المكسيكي، وله الحق في ذلك، بطولة سخيفة أو مخترعة لا يهم، ولكن أنت أمام فرصة لإضافة المزيد من الإنجازات الدولية المعتمدة، ومواجهة ضد ريال مدريد ستبقى ذكرى خالدة حتى لو كانت ودية كما حدث في بداية الألفية، فما بالك في نهائي رسمي، بينما جمهور الهلال انشغل بتحليل باتشوكا وكل صغيرة وكبيرة في البطل القادم من الكونكاكاف بالنظر لكونه خصم مقبل في بطولة كأس العالم للأندية الصيف المقبل.
مونديال أمريكا الصيف المقبل هو الآخر اختراع يدخل ضمن قائمة محاولات فيفا للتربح بلا هوادة من اللعبة التي يفترض أن يخدمها لا أن يستهلكها، ولكن على الأقل هذا منتج يبدو أنه يملك عنصر جذاب بكونه يقدم كرة الأندية الأكثر شعبية في قالب المنتخبات الأكثر رواجاً على مدار التاريخ، وفرصة لخلط أوراق كبار القوم من أوروبا مع بقية العالم في ظروف وتوقيت قد يبعثر الأوراق وينزع الأفضلية من فرق القارة العجوز التي لطالما تمتعوا بها في نسخ المونديال منذ بدايته كلقاء واحد، تطوراً لدخولهم على لقاء نصف النهائي، وصولاً لإنتركونتنتال 2024 والمشاركة مباشرة في النهائي.
يجب أن يكون تركيز الأهلي والهلال على بطولة أمريكا 2025 وليس قطر 2024 مع الاحترام للثانية، هي فرصة ضائعة للأهلي نعم ولكن ستكون ذكرى منسية إذا حقق الفريق فوزاً مثلاً في الافتتاح على رفقاء ليونيل ميسي في ملعبهم، أو عبر من مجموعة تضم وصيف البرازيل بالميراس وبورتو، بينما يجب أن يركز الهلال في باتشوكا الشهور المقبلة وليس ذلك الذي فاز على بوتافوجو المنتشي بلقبي ليبرتادوريس والدوري ويعيش أجواء احتفالية أنست لاعبيه كيف تلعب الكرة لتسعين دقيقة، ثم على الأهلي في لقاء لا يعكس المستوى الفني للفريقين.
نحن لا نكتب هذه السطور لنحرم جمهور الأهلي فرحة أو حزن على ما حدث ضد العين وباتشوكا، ولكن لنذكره وكذلك جمهور الهلال، أن لا بطولات "حقيقية" تحقق من مباراة اللهم كؤوس السوبر إذا صُنفت بطولة، وإذا كان من بطولة تستحق اهتمامهم وتحليلاتهم فهي تلك التي ستقام يونيو المقبل، فلربما تكون المرة الأخيرة التي تُلعب من الأساس كأس العالم للأندية بتلك الصورة!
