ضربة تلو أخرى يتلقاها نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، وتحديدًا منذ ودع منافسات بطولة دوري أبطال أوروبا، بالخسارة أمام ريال مدريد الإسباني بنتيجة 3-1 في مباراة الإياب التي أقيمت على ملعب "سانتياجو برنابيو".
باريس سان جيرمان كان الطرف الأقرب للتأهل إلى ربع النهائي، بعد الفوز ذهابًا بهدف دون رد، ثم التقدم بنهاية الشوط الأول من مباراة الإياب بهدف آخر، لكن صحوة ريال مدريد بقيادة كريم بنزيما الذي سجل ثلاثية أقصت النادي الباريسي من البطولة.
ذلك الإقصاء كان بمثابة الشرارة التي أشعلت الأجواء في "حديقة الأمراء" بعد أن كانت الأجواء مثالية للغاية والمعنويات في أحسن حالاتها منذ مباراة الذهاب وحتى الشوط الثاني من لقاء الإياب.
باريس سان جيرمان لعب ضد بوردو في الدوري الفرنسي على ملعب "حديقة الأمراء" بعد مواجهة ريال مدريد، وتلقى لاعبو النادي الباريسي صافرات استهجان لم تتوقف رغم الفوز بثلاثية نظيفة.
صافرات الاستهجان طالت الجميع تقريبًا، باستثناء كيليان مبابي وكيلور نافاس، خاصة وأن الأول قدم ما عليه وسجل هدفي فريق أمام ريال مدريد، في حين غاب الكوستاريكي عن تلك المباراة.
وكان الأرجنتيني ليونيل ميسي صاحب نصيب الأسد من صافرات الاستهجان، خاصة وأنه لم يقدم المنتظر منه خلال مواجهتي ريال مدريد، إلى جانب البرازيلي نيمار بالطبع.
الأمور تصبح أكثر تعقيدًا!
الأمور لم تهدأ في البيت الباريسي، خاصة وأن الفريق تلقى خسارة ثقيلة للغاية ظهر الأحد أمام غريمه موناكو بنتيجة 3-0 في قمة الجولة 29 من الدوري الفرنسي.
باريس سان جيرمان خسر للمرة الثالثة على التوالي خارج أرضه في الدوري الفرنسي، وحصد الفريق ست نقاط فقط من آخر خمس مباريات.
صحيح أن باريس سان جيرمان يواصل صدارة ترتيب الدوري الفرنسي برصيد 65 نقطة، وبفارق 13 نقطة عن رين أقرب ملاحقيه، لكن الوضع أصبح متأزمًا للغاية على الصعيد الجماهيري.
جماهير باريس سان جيرمان طالبت بالفعل في بيان رسمي بعد الإقصاء أمام ريال مدريد باستقالة ناصر الخليفي من رئاسة النادي، وخروج البرازيلي ليوناردو من منصب المدير الرياضي.
مطالب منطقية!
لنعد إلى البداية، ما هو هدف باريس سان جيرمان منذ استحواذ "قطر للاستثمارات الرياضية" على النادي في 2011؟
الهدف الرئيسي هو أن يصبح باريس سان جيرمان قوة كبرى في كرة القدم الأوروبية، ولتحقيق ذلك على الفريق أن يتعاقد مع أبرز وأهم الأسماء ويحقق البطولات القارية.
الجزء الأول تحقق بالفعل، بعد أن أصبح باريس سان جيرمان قوة اقتصادية لا يستهان بها أوروبيًا، وزاحم أندية مثل ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد على الصفقات، وعقود الرعاية وأمور أخرى.
لكن الهدف الثاني، وهو تحقيق البطولات القارية لم يتحقق بعد، رغم أن النادي تمكن في الصيف الماضي مثلًا من إتمام سوق انتقالات تاريخي، توجه بالتعاقد مع ليونيل ميسي في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده مع برشلونة.
لكن عدم انسجام ميسي مع المجموعة، وتراجع الأداء والنتائج، وتوديع دوري أبطال أوروبا في إخفاق جديد جعل الأمور تنفجر جماهيريًا.
مطالب جماهير باريس سان جيرمان لها ما يبررها بالفعل، الفريق ورغم السيطرة المحلية المطلقة في السنوات الأخيرة لم يقدم ما يشفع له على الصعيد الأوروبي، رغم حقيقة إحراز المركز الثاني في دوري أبطال أوروبا لموسم 2019-20، إلا أن ما قبل وبعد ذلك الموسم كان فشلًا ذريعًا.
التغيير على مستوى التسلسل الهرمي بالكامل واللاعبين وحتى الأفكار في سوق الانتقالات أصبح أمرًا حتميًا في باريس سان جيرمان.
ربما يكون رحيل ناصر الخليفي مستبعدًا في المستقبل القريب، لكن تغييرًا هيكيلًا كاملًا يجب أن يحدث في النادي.
رحيل أشخاص مثل ليوناردو لم يضيفوا الجديد للنادي، وأخفق حتى الآن في ملفات محورية مثل تجديد عقد كيليان مبابي يبدو أمرًا لا مفر منه.
التغيير أيضًا في العقلية التعاقدية يجب أن يكون متزامنًا مع التغيير الهيكلي، التعاقد مع أفضل الأسماء قد لا يكون كافيًا أبدًا.
ربما يكون الصبر على ماوريسيو بوتشيتينو مدرب الفريق الحالي مستبعدًا، لكن مع المدرب القادم، يجب أن يكون الحوار والشفافية كاملين.
عقد طويل الأمد مع تلبية طلبات المدرب الشخصية في سوق الانتقالات، والتخلص من اللاعبين الزائدين عن حاجته قد يكون مفيدًا.
التركيز على صفقات الأسماء قد يكون متاحًا أيضًا، لكن بشرط أن تفيد تلك الأسماء أفكار المدرب أيًا كان، وتسمح له بتطبيق ما يريده على أرض الملعب.
التغيير الجذري في باريس سان جيرمان أصبح أمرًا مطلوبًا، على مستوى اللاعبين والإدارة والعقلية، والفريق لن يتقدم أوروبيًا حتى يتمكن من حل تلك المعضلة التي تعيقه حتى الآن من تحقيق أهدافه.




