عندما كان عمره 17 سنة قرر الشاب الخجول داميان أو إيميليانو مارتينيز، الانتقال إلى إنجلترا من أجل اللعب في آرسنال تحت قيادة الفرنسي أرسين فينجر، وهو لا يعلم يومًا ما أنه سيصبح من أفضل الحراس على مستوى العالم.
رحلة مارتينيز في الملاعب غريبة وغير مألوفة، لأنه لم يتدرج بالشكل المتعارف عليه، ولم يظهر حتى أي لمحات تؤكد أنه سيصل إلى هذا المستوى.
انتقل للمدفعجية في يوليو 2010 قادمًا من فريق الشباب لنادي إنديبندينتي الأرجنتيني مقابل 1.5 مليون يورو، ليرحل بعدها بعقد كامل مقابل 17.40 مليون يورو إلى أستون فيلا.
الجميع يعتقد أن فيلا سرق مارتينيز من آرسنال واشتراه بهذا السعر، وأن التفكير في بيعه من الأساس كان بمثابة الخطأ الذي لن يغتفر لسنوات طويلة.
وفي الحقيقة فإن صاحب الـ29 سنة منح الجميع كل الأسباب الكافية للتأكيد على هذه الحقيقة في عام واحد فقط..
بداية الشاب الخجول
Getty Imagesمارتينيز جاء إلى إنجلترا في مجازفة كبيرة جدًا من دون أسرته وعائلته وعمره 17 سنة، ليلعب في دولة جديدة ولغة لا يجيدها.
اللاعب افتقد للشخصية والحضور وظهر عليه الخجل الواضح في بداية مسيرته، وهو ما جعل البعض يعتقد أنه سيكون مثل غيره، مجرد حارس شاب سيذهب ويرحل مبكرًا دون ترك أي بصمة.
خلال فترة تواجد مارتينيز على مدار العقد الماضي، عانى آرسنال من مشاكل في الحراسة، بداية من مانويل ألمونيا وصولًا بلوكاس فابيانسكي، فويتشيك شتشيسني ودافيد أوسبينا وحتى بيتر تشيك الذي لم يظهر مع المدفعجية بنصف مستواه المعروف.
وللإنصاف سنجد أن مارتينيز وقتها لم يظهر بالشكل المطلوب الذي يجعل أرسين فينجر يمنحه الفرصة للظهور كأساسي مع الفريق اللندني، حيث كان يعتمد عليه في بعض مباريات الكؤوس ولا يظهر بصورة ملفتة.
ربما المباراة الأبرز للنسخة الخجولة الضعيفة من مارتينيز كانت أمام ريدينج في 30 أكتوبر 2012 والتي انتهت بفوز آرسنال 7/5 في الوقت الإضافي.
تعتبر من أكثر المباريات الدراماتيكية في كأس رابطة المحترفين الإنجليزية على مدار تاريخها، حيث تقدم ريدينج 4/0 في الشوط الأول قبل أن يقلب المدفعجية الطاولة وقتها.
مارتينيز كان من أبطال هذه المباراة، ليس بسبب تألقه، ولكن بمستواه المحبط الذي يعتبر من أسوأ المستويات الفردية لأي حارس لآرسنال في العصر الحديث.
سلسلة من الإعارات
Gettyالظهور المحبط لمارتينيز الذي كان الحارس الثالث لآرسنال، جعله يذهب إلى عدة إعارات كان أولها إلى أوكسفورد، ثم شيفيلد وينزداي، روثيرهام، وولفرهامبتون وتجربة مختلفة خارج إنجلترا في خيتافي.
إعارات مستمرة للحارس الأرجنتيني فشل فيها جميعها ولم يحقق الهدف المطلوب من الإعارة، وهو تطوير نفسه من أجل الدخول في الحسابات.
آرسنال كان على وشك بيعه من أجل التعاقد مع جو هارت قبل رحيله عن مانشستر سيتي بعد قدوم كلاوديو برافو، ولكن فينجر قال إنه يمتلك 3 حراس على أعلى مستوى ومنهم مارتينيز، لذلك هو ليس بحاجة للحارس الإنجليزي.
Gettyمارتينيز نفسه قال في تصريح سابق:"فينجر عندما كان هنا كان يقول لي دائمًا، "إيمي، أنت مستقبل هذا النادي" لذلك أعتقد أنني يمكن أن أكون رقم واحد، أنا أقبل دوري الاحتياطي لكن هدفي هو الحصول على القميص رقم 1".
مارتينيز ذهب إلى الإعارة الأهم في مسيرته في عام 2019 إلى نادي ريدينج، ليقدم مستويات مميزة، ليعود إلى آرسنال كحارس احتياطي لبيرند لينو، بعدما فضل المدرب أوناي إيمري عدم التعاقد مع حارس جديد، ومنح الثقة في مارتينيز الذي صبر 9 سنوات كاملة وقتها.
بطل بالصدفة
Getty Imagesرغم تألقه خلال فترة الإعارة، إلا أنه لم يكن من المنطقي أن يصبح أساسيًا على حساب لينو المتألق مع آرسنال يقبل بدور الحارس الثاني.
الدقيقة 40 من مواجهة آرسنال وبرايتون في الدوري الإنجليزي يوم 20 يونيو 2020 هي الدقيقة الأهم بكل تأكيد في مسيرة الحارس الأرجنتيني.
انقر هنا من أجل المشاركة في تحديات باور هورس والفوز بجوائز قيمةلينو تعرض وقتها للإصابة بعد تدخل من نيل موباي، ليدخل مارتينيز كبديل في المواجهة التي خسرها آرسنال 2/1.
الجميع كان يشعر بالرعب بعد هذه المباراة، لأن المدفعجية كانوا ينافسون على كأس الاتحاد الإنجليزي، والفريق خسر حارسه الأساسي حتى نهاية الموسم.
ولكن المفاجأة أن مارتينيز ظهر وكأنه أفضل من لينو، وتألق حتى النهاية وقاد الفريق للفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي بفضل مستوياته المبهرة ضد مانشستر سيتي وتشيلسي.
Gettyالشاب الخجول قرر وضع كلمة النهاية على صبره الذي استمر لعقد كامل بعد هذا التألق، وقالها لآرسنال صريحة اللعب كأساسي أو الرحيل.
المدرب ميكيل أرتيتا اختار في النهاية الإبقاء على لينو وبيع مارتينيز لأستون فيلا، ليصبح بلا منازع الحارس الأفضل في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي.
دقيقة واحدة فقط ولقطة واحدة أمام برايتون غيرت كل شيء، لو لم يتعرض لينو للإصابة لربما ارتضى مارتينيز بمركز الحارس الثاني في آرسنال ولكنه القدر !
اللاعب واصل تألقه بمستويات تاريخية في كوبا أمريكا مع الأرجنتين، ليصبح أول حارس من أبناء بلاده يحصل على القفاز الذهبي للبطولة في يوليو الماضي.
هل هناك دليلًا أكبر على ما وصل له مارتينيز، أكثر من ذهاب ليونيل ميسي له بعد نهائي الكوبا ضد البرازيل، ويقول له "لقد منحتني هذه البطولة"؟
لم يعد خجولًا
Getty Imagesصاحب الـ29 سنة أصبح من صفوة الحراس في العالم، وربما أثبت أنه كان الحلقة الناقصة في حصول بلاده أخيرًا على بطولة كبرى، ولكنه لم يتطور فنيًا فقط.
الحضور أصبح من أهم علامات الدولي الأرجنتيني، وهو ما ظهر في أكثر من مناسبة شاهدنا فيها اللاعب بشخصية مختلفة تمامًا عن شخصيته المعهودة.
قيامه باستفزاز ييري مينا خلال ركلات الترجيح أمام كولومبيا في كوبا أمريكا، ومحاولته التأثير نفسيًا على الخصوم، والذي يأتي بنتيجة في معظم الأحيان.
فعل نفس الشيء مع برونو فيرنانديش، خلال تسديده ركلة جزاء لمانشستر يونايتد ضد أستون فيلا السبت الماضي، ليطيح البرتغالي بالكرة فوق العارضة، ليرد مارتينيز برقصته الشهيرة التي أصبحت ماركة مسجلة بمواقع التواصل الاجتماعي.
خسارة كبيرة لآرسنال ولكنه مكسب للأرجنتين وأستون فيلا، الذي سيجني الكثير من الأموال مستقبلًا لو قرر بيعه لأحد الكبار، وكل ذلك بسبب صدفة مباراة برايتون !
اقرأ أيضًا ..
ثقة أم استفزاز؟ مارتينيز حث رونالدو على تسديد ركلة الجزاء أمام أستون فيلا!
هل كرر سيناريو رونالدو 2016؟! ميسي متخاذل يختبيء خلف دي ماريا ومارتينيز!




