رغم أن الجميع في ريال مدريد يؤكد لنا مرارًا وتكرارًا أن الأمور على ما يُرام بالنسبة لرودريجو، إلا أننا لو قرأنا ما بين السطور سنرى عكس ذلك تمامًا بالنسبة للجناح البرازيلي.
رسائل قيل إنها "مزيفة" عبر تطبيق واتساب، وتلميحات أخرى من خلال مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، كلها تؤكد أن رودريجو لا يشعر بأنه يحصل على المكانة التي يستحقها في سانتياجو برنابيو.
الأوضاع لم تكن مثالية، وكان رودريجو مهضوم حقه رغم تأثيره الواضح خاصة في الأوقات الحاسمة بدوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي، والآن أصبحت الأمور أسوأ بعد قدوم كيليان مبابي من باريس سان جيرمان.
رودريجو ليس الرجل الأول في ريال مدريد، لأنها صفة مبابي الآن، ولا الثاني وهو فينيسيوس جونيور الذي يحاول انتزاع مكانة نظيره الفرنسي، ونفس الأمر بالنسبة لجود بيلينجهام الذي يحاول مزاحمة كل منهما في الوقت الحالي، لذلك البرازيلي الآن في المرتبة الرابعة.
ما يحدث لصاحب الـ23 سنة يؤكد لنا أنه أحيانًا يكون علينا التعلم من دروس الماضي، وبالتحديد ما حدث لمسعود أوزيل عند انتقاله إلى آرسنال في عام 2013!
الهروب من الظل
Getty/Goalمثلما فعل ريال مدريد بالضبط مع مبابي، ظل العملاق الأبيض يطارد جاريث بيل لسنوات عديدة، وقاتل من أجل الحصول على خدمات الويلزي الذي كان أحد أقرب اللاعبين لمكانة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي في أوروبا.
الصفقة كلفت الميرينجي مبلغ 101 مليون يورو، وصاحبتها ضجة إعلامية واسعة هائلة، بسبب الحالة الفنية الاستثنائية التي كان يمر بها بيل بهذه الفترة، والتي تتشابه نوعًا ما مع وضع مبابي الآن.
أوزيل بتلك الفترة كان أحد نجوم ريال مدريد، وسط مجموعة كبيرة من النجوم مثل رونالدو ولوكا مودريتش وأنخيل دي ماريا وكريم بنزيما وغيرهم، حيث حصل في بعض الأوقات على نصيبه من الإشادة الإعلامية، وفي أوقات أخرى لم يحصل على ما يستحقه بسبب المجموعة المحيطة به.
صانع الألعاب الألماني عرف جيدًا أن أوضاعه لن تتحسن بعد قدوم بيل، الصفقة التي انتظرها الجميع، لذلك قرر إنقاذ مسيرته منتقلًا إلى آرسنال، وسط ضجة في العاصمة الإنجليزية لندن، ربما كانت أشد من التي صاحبت انتقال الويلزي إلى مدريد.
جماهير آرسنال لم تصدق نفسها بانتقال أوزيل إلى الفريق، لأن إدارة النادي كانت تعتمد على التقشف الشديد، كما أن أحوال الفريق لم تكن جاذبة بالشكل الكافي للنجوم من هذه النوعية.
أوزيل الذي سجل 27 هدفًا وصنع 81 بقميص ريال مدريد، قرر الانتقال إلى آرسنال ليكون الرجل الأول بالتبادل مع أليكسيس سانشيز، وكان بمثابة معشوق جماهير المدفعجية لسنوات، قبل أن تتوتر الأوضاع بنهاية رحلته مع الثنائي الإسباني أوناي إيمري وميكيل أرتيتا.
لو كان استمر أوزيل في ريال، لكان حبيسًا على دكة البدلاء، ولاعب مهمش حتى يفقد بريقه مبكرًا ويبتعد تمامًا عن الصورة، ولكنه أنقذ نفسه حتى ولو بالانتقال لفريق ليس بنفس القوة التنافسية على الألقاب الكبرى.
الفرصة ممكنة يا رودريجو
Gettyرغم كل ما قدمه البرازيلي مع ريال مدريد الصيف الماضي، إلا أن اللاعب لم يتم ضمه في القائمة المختصرة للمرشحين للفوز بالكرة الذهبية التي احتوت على 30 اسمًا، وهو الأمر الذي يجب أن يدق أجراس الإنذار في أذني النجم الشاب.
رودريجو يحظى ببداية جيدة حتى الآن مع ريال مدريد، حيث يلعب بصفة أساسية وسجل 3 أهداف وصنع هدفين في 9 مباريات، كما سجل 17 هدفًا ولعب 9 تمريرات حاسمة الموسم الماضي في 51 مباراة، وكان سببًا رئيسيًا في عبور مانشستر سيتي بدوري أبطال أوروبا، ومع ذلك لا يحصل على حقه من بين نجوم الشباك في مدريد.
محاولة تغيير ذلك بالتصريحات أو الاعتراض عبر وسائل الاجتماعي لن تفيد، كلنا نعرف أن رودريجو لاعب من طراز عالمي، ويمكنه أن يصبح النجم الأول بسهولة لو انتقل إلى فريق آخر ليس مدججًا بالنجوم الذين يتفوقون عليه في الهالة الإعلامية.
طريق الهروب الذي سلكه أوزيل هو الحل، وربما الوجهة الأفضل على الإطلاق ليست التي اتخذها الألماني، بل مانشستر سيتي الذي انتشرت بعض الأنباء أكثر من مرة حول اهتمامه بالتعاقد مع اللاعب.
لو مرت أزمة الـ115 تهمة الخاصة باللعب المالي النظيف بسلام، يجب على رودريجو التفكير جديًا في الانتقال لسيتي، لأنه فريق منافس به نجوم نعم، ولكنهم لا يحصلون على نفس الهالة الموجودة في ريال مدريد، ووجود إرلينج هالاند لن يمثل أي مشكلة للبرازيلي ولن يحجب الأضواء عنه.
هناك أيضًا آرسنال الذي يعاني من قلة الخيارات الهجومية، ووجود رودريجو سيزيد حظوظه في محاولة إسقاط مانشستر سيتي من على عرش الدوري الإنجليزي، لذلك قد يظهر ضمن الحلول المحتملة لميكيل أرتيتا.
لن نقول تشيلسي، لأن البلوز يمتلكون الكثير من الأجنحة وهناك حالة من الفوضى في الصفقات والإنفاق الضخم بلا تخطيط، ولكن ماذا عن ليفربول؟ وجهة مثالية سيحصل فيها رودريجو على حقه بالكامل سواء بقى محمد صلاح أو رحل.
وبعيدًا عن إنجلترا هناك وجهات أخرى محتملة مثل بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان الذي لم يضم بديل مبابي بعد، وعلى أي حال، يبدو أن كل الطرق تؤدي إلى الرحيل عن ريال مدريد وطريق أوزيل هو الأنسب للنجم البرازيلي بدلًا من الغرق في بحر المظلومية الذي يعيشه في البرنابيو!